أقدمت وزارة الصحة على إدراج تلقيح ''الروتاريكس'' ضمن الأجندة الوطنية للتلقيح في نونبر ,2010 وسبق هذا القرار إبرام صفقة في الموضوع، كان طلب عروضها في شهر أبريل 2010 حسب ما هو مثبت في موقع الوزارة. بيد أن هذا التوجه الذي سلكته الوزارة لم يبرر الحاجة الصحية إلى هذا التلقيح، وما إذا كان التلقيح ضد الإسهال يمثل أولوية بالنسبة إلى الصحة العمومية في المغرب، كما أنها لم تقم التدابير الوقائية التي من شأنها حماية صحة الأطفال لاسيما وقد تأكد أن الدفعة التي اقتنتها الوزارة من هذا اللقاح تحتوي على مادة فيروسية ملوثة لا يدرى على المدى الطويل مضاعفاتها الجانبية ولا الأضرار التي يمكن أن تتسبب فيها. فلم تنشر الوزارة نتائج أي دراسة علمية تبين حجم وفيات ألأطفال الناتج عن الإسهال، ولم تطلق أي حملة تحسيسية تضع بين يدي الرأي العام وخاصة الآباء معطيات ومعلومات تبين خطورة الإسهال وحجم الوفيات الذي يمكن أن يتسبب فيه. كما أنها لم تكن في مستوى سلوك الدول الغربية والدول العربية في التعامل مع هذا اللقاح، وسنحاول في هذا المقال أن نفهم الدوافع التي دفعت وزارة الصحة إلى الهرولة وراء هذا اللقاح دون أخذ الحد الأدنى من الاحتياطات الضرورية لحماية صحة الأطفال. بلال التليدي في الحاجة إلى هذا اللقاح عادة، وقبل أن تقوم أي وزارة في دول العالم بالإقدام على اقتناء أي لقاح، فبالأحرى إدراجه ضمن البرنامج الوطني للتلقيح، أن يكون هذا الإجراء مسبوقا بدراسات علمية تبرر الحاجة إلى هذا اللقاح، وتحدد حجم الأضرار الناتجة الفيروس الداعي لهذا اللقاح، والتقدير العلمي الموصي بالحاجة الملحة لهذا اللقاح. في حالة وزارة الصحة، يبدو الأمر فيه كثير من الالتباس، فعلى الرغم من أن موقعها الإلكتروني لا يتضمن أي إشارة لوجود دارسة في الموضوع، إلا أن المعطيات تؤكد أن الوزارة أجرت دراسة في الموضوع وذلك ما بين سنة 2006 و ,2007 لكنها لم تكشف عن خلاصاتها ولا المعطيات والأرقام التي تضمنتها ليبقى السؤال معلقا حول القصد من إخفاء معطيات وخلاصات هذه الدراسة وعدم نشرها أو على الأقل استثمار معطياتها في عملية التحسيس بالحاجة إلى هذا اللقاح. فبحسب الدراسة التي أجراها فريق بحثي من وزارة الصحة، ونشرت في شهر نونبر 2009 بمجلة ''يَُِّْفٌ ُن ىَنمكُّىَُِّّ لمَّمفَّمَّ '' ومنشورة في موقع إلكتروني متخصص، فإنه لم تسجل أية حالة ما بين سنة 2006 وسنة 2007 بسبب فيروس الروتا، وأن الحالات التي تم تسجيل الإصابة بفيروس الروتا كلها استشفائية، وكانت هذه الدراسة التي أجريت ما يونيو 2006 وماي 2007 على 345 طفلا من أربع مناطق مختلفة من المغرب، أكدت أن نسبة 44 في المائة من العينة، أي 138 طفلا كانوا مصابين بفيروس الروتا دون أن يتسبب في وفاة أي حالة، وهي نسبة شبيهة بالنسبة المعروفة في فرنسا حسب خلاصات هذا البحث التي قدمت لوزارة الصحة لاتخاذ القرار بشأن التلقيح من عدمه دون أن يوصي الوزارة بالحاجة الملحة إليه. شكوك يبررها التوقيت تفيد التواريخ أن المغرب أدرج هذا اللقاح ضمن الأجندة الوطنية للتلقيح في نونبر ,2010 مما يعني أن طلب العروض أجري على الأرجح قبل أكثر من ثلاثة أشهر، ويفيد موقع الوزارة إلى أن طلبا للعروض أجرته الوزارة لاقتناء لقاحات خ بصيغة الجمع دون تحديد نوعها خ في شهر أبريل 2010 أي قبل شهر من حظر فرنسا لاستعمال هذا اللقاح خ قرار الوكالة الفرنسية في 26 ماي 2010 دون أن يؤثر ذلك على موقف الوزارة التي استمرت في هذه الصفقة ولم تتخذ أي إجراء في الموضوع، كما فعلت العديد من الدول الغربية التي حظرت استعمال هذا اللقاح، وراسلت المختبرات المصنعة لهذا اللقاح للاستفسار عن مصادر هذه المادة، وقامت بإجراء تحاليل تكميلية لتقييم هذا اللقاح للنظر في الآثار الجانبية والأخطار الصحية التي يمكن أن تنتج عن استعماله قبل اتخاذ قرار نهائي في الموضوع، كما قامت العديد من الدول العربية، مثل الإمارات وقطر والأردن بحظر هذا اللقاح ومنع تداوله لحين التحقق من عدم وجود مخاطر صحية لاحقة بسبب استخدامه. اكتشاف تلوث اللقاح دخل لقاح الروتاريكس على السوق الأوربية والأمريكية في سنة 2006 بين شهري فبراير ويونيو، وقد تمكن فريق بحثي جامعي أمريكي بجامعة كاليفوينا بسان فرانسيسكو برئاسة البروفيسور . مٌٌّفُّْ من اكتشاف وجود مواد ملوثة فيروسية من نوع ذض- في لقاح زدشءزةظ. بعد إخضاع عينات عشوائية للتحليل والاختبار.وقد استعمل الفريق استعمل تقنية التسلسل عالي الدبيب والذي سمح بتحليل عدد كبير من المتسلسلات الخلياتية الموجودة بشكل أساسي في العينات البيولوجية باستعمال برنامج جءسش. وقد توصلت نتائج البحث إلى إثبات وجود مواد فيروسية ملوثة من نوع (ذض-1) في اللقاح. وفور التوصل بهذه النتائج، فقد راسل الفريق البحثي الأمريكي المختبرات المصنعة اسث لهذا اللقاح، وتم إخباره بالنتائج المتوصل بها، فقامت في البداية بتحليلات تكميلية أثبتت وجود مظاهر كمية ونوعية لهذه المواد الفيروسية الملوثة في دفعات من هذا التلقيح. كما أجريت دراسات أثبتت وجود هذه المواد الفيروسية الملوثة في أجسام الأطفال الذين أجري لهم هذا اللقاح. وتأكد للمختبرات المصنعة أنه على المستوى الكمي، فإن كل الدفعات التي صنعتها إلى حدود 29 أبريل 2010 تم العثور فيها على الفيروس الملوث، كما تأكد للمختبرات المصنعة أن هذا الفيروس يتنقل و يتدخل انطلاقا من الثلاثة أيام إلى السبعة الأيام الأولى بعد عملية التلقيح. وقد اتخذت الوكالة الفرنسية للسلامة الصحية قرارا بعدم استعمال هذا التلقيح في 26 ماي 2010 في انتظار ظهور نتائج نهائية من لجنة التقييم. وقد أجريت بعد ذلك دراسات قام بها مختبر حمْكً حول هذا اللقاح تؤكد نفس ما توصل إليه فريق البحث الأمريكي، والدراسات والأبحاث لا تزال جارية إلى اليوم لتحديد خطورة هذه المواد الفيروسية الملوثة على صحة الإنسان.. هذا هو السياق الذي أبرمت فيه الصفقة، والذي لا شك أن الوزارة كانت على علم به، ومع ذلك اتخذت القرار بالمضي فيها. كيف تصرفت الدول الغربية والعربية مع لقاح روتاريكس ربما شكل المغرب حالة الاستثناء في التعامل مع هذا اللقاح، فالمغرب يعتبر أول دولة عربية بل أول دولة في جنوب المتوسط تدرج هذا اللقاح ضمن البرنامج الوطني للتلقيح، مع أن كلفة هذا اللقاح جد باهظة خ 500 إلى 600 درهم للقاح الواحد خ والمغرب لا يقارن بالدول الخليجية من حيث الوضعية المالية. وفي الوقت الذي كان الجدل ساخنا حول المواد الملوثة التي اكتشفت في هذا اللقاح، تعاملت الدول الغربية والعربية بصرامة كبيرة: فلما أعلمت الوكالة الأوربية للأدوية (حء) من قبل مختبرات اس بوجود مواد فيروسية ملوثة في دفعات من لقاح زُُّفْىٍّ. تم توزيعها في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفي أوربا، تم مناقشة هذه المشكلة في إطار لجنة علمية استثنائية، قدرت في نهاية تحرياتها أن وجود هذه المواد الفيروسية الملوثة لا تشكل خطرا على الصحة العمومية. ومع ذلك فقد أوصت في دورتها نهاية أبريل.2010 بأن تقدم هذه المختبرات في الآجال القليلة القادمة معطيات حول مصادر هذه المواد. وفي انتظار نتائج التقييم التكميلي فإن الوكالة الفرنسية للسلامة الصحية وسلامة المواد الغذائية أوصت بعدم الترخيص لهذا اللقاح إلى أن تصبح النتائج الأوربية تكون جاهزة، ولم تدرج هذا اللقاح أصلا في الأجندة الوطنية الفرنسية للتلقيح بحجة أنه لا يمثل أولوية بالنسبة إليها. والذي يتابع مضمون بلاغ للوكالة الفرنسية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية الذي صدر بتاريخ 28 يناير ,2011 يمكن أن يقف على التدابير الوقائية التي اتخذتها فرنسا لحماية صحتها العمومية ويقارنها بسلوك وزارة الصحة المغربية في هذا الشأن. فقد ذكر البلاغ بقرار وقف استعمال الروتاريكس بتاريخ 26 ماي ,2010 وطلب من الجهات المهتمة بالقطاع الصحي تحيين معطياتها بخصوص هذا اللقاح، وأن الأمر يتعلق باكتشاف مادة ملوثة في اللقاح زُُّفْىٍّ.، وأن هذه الفيروسات التي تم العثور عليها في هذا اللقاح توجد بشكل مطرد في بعض اللحوم وبعض المواد الغذائية ولا تتسبب في المرض بالنسبة للإنسان، وفسرت الوكالة موقفها الأول بالحظر المؤقت لهذا اللقاح، وأنها في انتظار تحاليل مخبرية تكميلية، أوصت بالتزام تدابير وقائية وأنه بعد تحليل هذه المعطيات، وأخذا بعين الاعتبار للنتائج التي توصلت بها مختلف هيئات الصحة العمومية، وبشكل خاص الوكالة الأوربية للأدوية ومنظمة الصحة العالمية بأن التدابير التي تم اتخاذها في شهر ماي الماضي أوصت بإمكانية رفعها. وذكرت الوكالة أنه بعد تقييم نهائي لمصادر هذه المواد الملوثة وبعد تحليل مخبري لهذه المعطيات الإكلينيكة، انتهت لجنة التقييم في 18 نونبر 2010 إلى أن هذا اللقاح لا يشكل خطرا على الصحة العمومية، وأن الفيروس من نوع (ذض) الذي يحتوي عليه هذا اللقاح لا يمثل خطرا على الإنسان. وقد عللت الوكالة موقفها بحجتين: 1 أنه لم يسجل أي حادث في أوربا يفيد بأن الفيروس مضر بالصحة العمومية. 2 أن الأضرار التي تنتج عن عدم استعماله خ وفيات ألأطفال بسبب الإسهال خ هي أكبر من المضاعفات المتوقعة لهذا اللقاح شريطة أن تقوم المختبرات المصنعة بإدخال التصحيحات على مكوناته اللقاح وحذف هذه المواد الملوثة. وبحسب الوكالة الفرنسية، فإن هذا اللقاح، بالإضافة إلى الفيروس الملوث الذي تحتوي عليه مكوناته، فقد ظهرت عند استعماله في ألأسبوع ألأول بعد عملية التلقيح تداخل الأمعاء عند الطفل دون أن يتم علميا إثبات العلاقة السببية بين استعمال اللقاح وبين تداخل الأمعاء عند الطفل. وبالإضافة إلى الدول الغربية، فقد قامت العديد من الدول العربية بحظر استعمال هذا اللقاح، فقد قررت وزارة الصحة الإماراتية بسحب لقاح ''روتاريكس'' وتعليق استخدامه حتى إشعار آخر، كما قرر المجلس الأعلى للصحة في دولة قطر نفس الموقف، بعد أن يقرر في وقت لاحق رفع الحظر المؤقت الذي فرضه على استخدام لقاح الفيروسات العجلية (الروتاريكس) بناء على توصيات اللجنة الوطنية للتطعيمات خلال الاجتماع الطارئ الذي عقد مؤخرا،وجاءت التوصية الجديدة استنادا إلى التقارير الدولية الخاصة بهذه الشأن حيث قررت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (نلف) رفع التعليق عن استخدام هذا اللقاح في الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد صدور نتائج اختبارات السلامة وتوصيات بعدم وجود أي خطورة صحية معروفة نتيجة استخدامه. واتخذت الأردن نفس الموقف، إذ بعد حظره المؤقت من إدارة الغذاء و الدواء الأمريكية، أقدمت مؤسسة الغذاء و الدواء الأردنية على حظر هذا لقاح روتاريكس للأطفال في 28 مارس 2010 وحذرت نقابة الأطباء الأردنية منتسبيها من أطباء الأطفال، والطب العام، وطب الأسرة من استخدام لقاح (الروتاريكس) في عمليات التطعيم لحين تحقق السلطات المختصة من آثاره على الصحة. وقد اتخذت دولة الكيان الصهيوني الموقف، وتبنت وزارة الصحة الإسرائيلية توصية إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية بوقف استخدام لقاح ''روتاريكس'' المضاد للفيروس ''روتا''.