أصبحت قضية الحكومة التونسية بعد مقتل المناضل اليساري شكري بلعيد قضية للإسلاميين في المغرب. فقد نبهوا إلى التدخل الفرنسي في الشؤون الداخلية لتونس ناسين أنهم هم أنفسهم يتدخلون في هذا الشأن الداخلي من خلال مواقفهم المنحازة لحزب النهضة المتهم الرئيسي في قضية الاغتيال. واعتبروا ما يقع مؤامرة على التحول الديمقراطي في التجربة التونسية. ولا ننسى أن التجربة التونسية ظلت وما زالت هي النموذج الأثير للإخوة في التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية. هل فعلا شكلت التجربة التونسية نموذجا في التحول الديمقراطي؟ لم يعد الوضع التونسي في حاجة إلى متخصصين في السياسة والإستراتيجية لفهم التدهور الذي تعيشه تونس، على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني، وأصبح حكم النهضة أصعب من حكم بنعلي، الذي شدد الخناق على التوانسة في مجال الحريات والحقوق لكن كان المجال مفتوحا في قضايا أخرى، لكن حكم الحزب الإسلامي حكم قهري مستند على صناديق الاقتراع. هل يمكن بناء النموذج الديمقراطي على القتل والجوع؟ القتل والجوع عنوان حكومات الإسلاميين من مصر إلى تونس إلى المغرب حيث بنكيران يهدد الأمن الغذائي للمغاربة. وحتى لما أراد طمأنة المغاربة على أنه لا زيادة في أسعار المواد الغذائية، "زبلها". قال للمغاربة إذا أردت الزيادة سأقولها لكم مباشرة. ولم ينف أن الحكومة لا تعتزم الزيادة بل ينتظر الوقت، ينتظر مرور العاصفة التي يعيشها العالم العربي وخصوصا دول الربيع. فالنموذج التونسي والتحول الديمقراطي الذي يتحدثون عنه يوميا بدأ بإحداث الفوضى. لنصدق أن النهضة حزب إسلامي ديمقراطي ولا يؤمن بالعنف. فمن المسؤول عن إطلاق سراح السلفية الجهادية؟ أليس الغنوشي هو الذي قال لهم "تمسكنوا حتى تتمكنوا"؟ أليس الزعيم الإسلامي هو الذي قدم الحماية لشيوخ التطرف السلفي؟ ألم تكن فتاوى القتل تصدر عن شيوخ السلفية الجهادية جهارا نهارا وتحت أعين وزير العدل الإخواني؟ إن من أطلق يد السلفية الجهادية لتفتك بالتونسيين هو حزب النهضة وليس غيره. ومن دعم جماعات القتل هو راشد الغنوشي نفسه. وقد تحدثت تقارير أوروبية عن أن السلاح الذي كان يعبر من ليبيا إلى مالي مر الجزء الأكبر منه عبر تونس وتحت أعين الحكومة. لقد أوصلت حكومة النهضة الوضع الاقتصادي إلى الحضيض أكثر مما كان عليه على عهد بنعلي. فأين هو النموذج المتحدث عنه؟ ولا يمكن أن نتحدث عن تونس دون الحديث عن تحويلها من طرف الإسلاميين إلى ساحة للصراعات الإقليمية يلعب فيها الدعم الموجه للتيارات الإسلامية الدور الحاسم. ليست تونس نموذجا ولم تكن في طريق التحول الديمقراطي حتى يتم الحديث عن استهدافها، وخير لبنكيران ومن معه أن يهتموا بالمغرب لأنهم لا يفهمون في التحولات الجيوستراتيجية.