فتحت حكومات الإسلاميين أبواب الجحيم في العالم العربي، وبعدما انتظرت منها الشعوب تحقيق أهداف "الربيع العربي" تحولت إلى خريف القتل وقطع الرؤوس، وقبل اغتيال المناضل اليساري التونسي شكري بلعيد كان أحد شيوخ السلفية الجهادية، الذي خرج من السجن بأمر من راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الحاكم، قد أصدر فتوى تجيز قتله هو ومجموعة من اليساريين الذين يعتبرون في نظر السلفيات كفار وملحدون يجب قتلهم شرعا. وقد سبق حادثة الاغتيال أيضا حملة تشويه وتهديد من قبل الإسلاميين وبخاصة حزب النهضة على صفحات الحزب، والموقع الاجتماعي الفايس بوك، وعلى الجدران، اعتمدت الحملة المنظمة على الأكاذيب حتى يصدقها التونسيون، وطالت هذه الحملة المناهضين لسيطرة حزب النهضة من رموز المعارضة خاصة التيار الوطني الديمقراطي. وبعد اغتيال شكري بلعيد وقبل دفت جثمانه صدرت فتاوى تحرم صلاة الجنازة عليه ودفنه في مقابر المسلمين لأنه شيوعي. بما يعني السيطرة على الدنيا وعلى شروط الرحيل إلى الآخرة. وقبل أن يجف دم شكري بلعيد صدرت فتاوى في مصر تدعو علانية للقتل، حيث شاهد المتتبعون على قناة الحافظ السلفية، الداعية محمود شعبان، وهو دكتور أستاذ بالأزهر الشريف، يسوق عدداً من الأحاديث النبوية التي تطالب بضرب عنق من يثير الفتن ويدعو إلى الفوضى والتخريب. وأورد شعبان أحاديث من صحيح مسلم تتحدث عن بيعة الإمام وأن من يخرج عنه يضرب عنقه، قاطعا إياها من سياقها التاريخي. ويصر محمود شعبان على أن من حق الحاكم أن يقتل معارضيه، ما دفع مجمع البحوث الإسلامية لإصدار بيان أكد فيه رفضه "الفهم الخاطئ واستعمال النصوص في غير مواضعها، وفهمها فهما غير صحيح". وأكد على أن مثل هذه الآراء تفتح أبواب الفتنة وفوضى القتل والدماء، وأن "القاتل والمتسبب في القتل سواء بالتحريض أو بالرأي شريكان في الإثم والعقاب، في الدنيا والآخِرة". ومضحك أمر شعبان، الذي يبدو أنه شبعان جيدا، فهو يصف مرسي بولي أمر المسلمين، في حين أن مرسي رئيس منتخب لفترة محددة، والشعب الذي أوصله للحكم قادر على إزالته، وبالتالي يبقى الاستشهاد بالأحاديث المذكورة في غير محله بالبت والمطلق. ومن المضحك أن يقول شعبان في حوار هاتفي مع خيري رمضان في برنامج ممكن "إن الانتخابات هي البيعة الشرعية"، وهذه تفاهة في الفهم لأن لكل واحدة شروطها وظروفها ونمطها، فكيف لشيخ لا يفرق بين الانتخابات كأداة للاختيار وبين البيعة كأداة للتعاقد الديني أن يصدر الفتاوى. غير أن المثير في كل ذلك هو سكوت حكومات الإسلاميين عن هذه الفتاوى إن لم تكن هي التي تدعمها وتحرض عليها، ففي تونس أول ما قام به راشد الغنوشي هو إطلاق سراح الشيخ عياض مصدر فتاوى القتل في حق اليساريين والعلمانيين والليبراليين، بل الغنوشي يجيز نفسه القتل عندما وجد مبررا للسلفية الجهادية كونها لم تنضج بعد، أي اصبروا عليها حتى تفتك بكم. أما في مصر فلم يحرك مرسي ساكنا، ولم تتحرك النيابة العامة أو المدعي العام للتحقيق مع هذا الداعي إلى القتل واكتفت بإرسال حراسة شكلية أمام منازل حمدين صباحي والبرادعي.