دعا باحثون ومهتمون، خلال ندوة نظمت ضمن فعاليات منتدى أصيلة الثقافي، إلى ضرورة الحفاظ على الموروث الموسيقي الذي يشكل خزانا ثقافيا وفنيا لكثير من الشعوب، خصوصا بعد أن بدأت الكثير من الموروثات الموسيقية الشعبية الحقيقية في الاندثار. وقال الباحث الموسيقي أحمد عيدون، إن التحدي المطروح في مجال الحفاظ على التراث الموسيقي يتمثل في ضمان جودة أداء الأغاني التراثية والحيلولة دون تشويه أصلها أثناء عملية إعادة الإنتاج. وأضاف عيدون، خلال ندوة حول «الموسيقى في عالم الإسلام: كيف نحافظ على التراث الموسيقي»، والمدرجة ضمن فعاليات منتدى أصيلة الدولي، أن الحفاظ على التراث الموسيقي في عالم الإسلام يعد قضية رابحة، باعتباره أحد مكونات الهوية الثقافية، مؤكدا على ضرورة القيام بعملية استرجاعية للتراث الشفوي لا تقتصر على حفظه في المتاحف والخزانات، بل تتجاوز ذلك إلى الترويج للقيم الراسخة فيه. ودعا المتحدث، إلى التركيز على نظام التدريس والتربية لتحسين أداء المتعلمين وتعزيز البحث العلمي في موضوع «الموسيقى في عالم الإسلام»، معتبرا أن من شأن ذلك أن يسهم في تطوير القدرات مستقبلا. من جهته، أكد أستاذ الموسيقى بجامعة الكسليك ببيروت، والأمين العام للمجمع العربي للموسيقى، كفاح فاخوري، أنه من الضروري الحفاظ على القطعة الموسيقية الأصلية حتى في عملية إعادة إنتاجها من طرف الفنانين، حتى لا ينظر المتلقي إلى هذا الإنتاج على أنه هو الأصل. وأكد فاخوري أن التراث الموسيقي الموجه للأطفال يجب أن يظل جزءا من عملية التنشئة الاجتماعية، داعيا الأمهات إلى مواصلة ترديد «أغاني المهد» لتنويم أبنائهن كما تلقَّينَها حين كن صغيرات. من جانبه، دعا بابا ماسين سين، المستشار الخاص للوزير الأول السينغالي، إلى العمل على تجميع التراث الموسيقي وتوثيقه باستخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال وإنجاز قواعد بيانات، إضافة إلى تدوين التراث الشفوي، والبحث فيه على المستوى الأكاديمي. كما طالب بالعمل على توسيع فئات الجمهور المتلقي للتراث الموسيقي، من خلال تعزيز الترويج له ونشر المعلومات المتعلقة به من خلال إصدار أسطوانات مدمجة، وإنشاء مكتبات سمعية- بصرية وإنتاج أفلام وثائقية، وكذا إدراجه في المناهج التعليمية. وتميزت أشغال هذه الندوة بتقديم رئيس جمعية دار الثقافات والذي يرأس الجمعية العامة للدول الأطراف في اتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي شريف خزندار، عرضا تمحور حول تجربة «مركز العين للموسيقى في عالم الإسلام» الذي أسسته هيئة أبو ظبي للتراث والثقافة سنة 2008، تطبيقا لتوصية صدرت عن مؤتمر نظم في إطار الدورة 29 لموسم أصيلة الثقافي.