شكل موضوع "التراث والتنمية" محور ندوة فكرية نظمتها، مساء أمس الخميس، المديرية الجهوية للثقافة بطانطان في إطار فعاليات موسم طانطان الثقافي والسياحي، الذي تتواصل فعالياته إلى غاية 13 من الشهر الجاري. وسعت هذه الندوة، التي حضرها على الخصوص عامل إقليمطانطان السيد أحمد مرغيش، إلى التحسيس بضرورة الحفاظ على التراث والموروث الثقافي وحمايته من الاندثار، واستثماره في التنمية لا سيما في إطار التنمية السياحية. وأبرز السيد يوسف بوكبوط، أستاذ باحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، خلال هذه الندوة، ما تزخر به منطقة طانطان من مخزون تراثي أركيولوجي، مشيرا إلى ضرورة صونه وتأهيله واستثماره في تنمية المنطقة. وأضاف أن هناك مواقع أثرية بالمنطقة تعود إلى فترات ما قبل التاريخ خاصة منها تلك المتعلقة بالتراث الصخري والمدافن القديمة الفريدة تؤكد أن طانطان كانت منطقة عبور بالنسبة للإنسان والحيوان في تلك الحقبة، مشيرا إلى أنها تمثل اليوم دعامة أساسية للتنمية السياحية والتفافية. من جانبه، تناول السيد عبد العاطي لحلو، أستاذ باحث في الأنتربولوجيا، موضوع التراث اللامادي وعلاقته بالتنمية، وركز فيه على أهمية هذا التراث وضرورة اسكتناه مضامينه والرجوع إليه باعتباره يشكل تعبيرا عن أصالة المنطقة بأكملها ويبين تجربة الإنسان في علاقته بالمجال ومعرفته للطبيعة ولكل القيم التي تكمن فيها سواء كانت مجتمعية أو صورا أو رموزا. وأضاف السيد لحلو أن من بين عناصر هذا التراث مسألة اللغة وما تكتسيه من أهمية بالنظر إلى دلالاتها العميقة بما تشير إليه من مظاهر وتسمية للأشياء، داعيا إلى ضرورة التصالح مع هذا التراث بغية استثماره في التنمية بدءا بمعرفته معرفة عميقة ثم جمعه ودراسته. وبعد أن أشار إلى أن منطقة طانطان تعتبر مختبرا للبحث العلمي عامة والبحث الأركيولوجي خاصة، دعا السيد لحلو إلى تكثيف الجهود من أجل الارتقاء بتجربة موسم طانطان والارتقاء به من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي حتى يكون عنصرا من عناصر التنمية بالمنطقة. أما السيد أحمد عيدون، أستاذ باحث في التراث الموسيقي، فأبرز دور التراث الموسيقي كرافد من روافد التنمية، مشيرا إلى أن الموسيقى لها وظائف تبدأ بالترفيه، الذي يندرج في الوظيفة الأساسية للوجود الإنساني ويمكن اعتباره تحفيزا للقوى الإنتاجية يؤدي إلى تنميتها والرفع من مردوديتها. وبعد أن اعتبر أنه يمكن للموسيقى أن تندمج ضمن مجموعة من البرامج المساندة للتنمية السياحية والاقتصادية عبر التنشيط بمفهومه الذكي والمتجدد، أشار السيد عيدون إلى أنه يمكن للصناعات الثقافية، التي تعتمد على الفن المؤهل، أن تدر أرباحا وتحقق مداخيل مهمة. وتم خلال هذه الندوة عرض شريطين وثائقيين الأول حول "التراث الصخري المنقوش بجنوب المغرب"، فيما رسم الشريط الثاني جانبا من الهوية الثقافية ل "ذاكرة بدو الصحراء".