من المفارقات الغريبة التي تعيشها التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، التعامل الانتقائي لكل من وزارة التشغيل ووزارة الاقتصاد والمالية، هذه الانتقائية تفسر التكالب على هذه المؤسسة الاجتماعية لغايات سياسوية في انتظار السطو على أجهزتها لاعتبارها، كما يرون، خزانا ماليا وانتخابيا، فمن خلال وثيقيتين رسميتين نتوفر عليهما، نجد أنه لم يسمح للتعاضدية بإصدار نظام أساسي يتماشى مع قوانين الوظيفة العمومية، وذلك بدعوى أن التعاضدية العامة جمعية يؤطر مستخدميها مدونة الشغل، هذا هو المبرر الذي ساقته وزارة التشغيل ، لكن بعد أن تغيرت المصالح، تغيرت المواقف، حيث صدر قرار باسم المتصرف المؤقت رئيس المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية في مارس 2020، يجيز اليوم ماتم تحريمه وتجريمه بالأمس في عهد الأجهزة المنتخبة ديمقراطيا. وهو مايثير الكثير من علامات الاستفهام في هذا الباب، ويطرح سؤالا كبيرا، لماذا كل هذه التلاعبات والتواطؤات، طبعا كما يقال إذا عرف السبب بطل العجب. وارتباطا بما يجري داخل التعاضدية من طرف المتصرفين المؤقتين الذين يشتغلون خارج الإطار القانوني، بعد أن استكملوا مدة ثلاثة أشهر دون التمديد لهم من طرف الجهاز الحكومي، دخل المنتدى الوطني لحقوق الإنسان على الخط بخصوص الاختلالات التي تشوب مهام المتصرفين المؤقتين بالتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وأكد في رسالة موجهة إلى من يهمهم الأمر ،وهي رسالة، يقول المنتدى، تعكس بالأساس انشغالات السواد الأعظم من منخرطي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية. وعدد المنتدى الوطني لحقوق الإنسان اختلالات المتصرفين المؤقتين وعدم احترام القوانين الجاري بها العمل، منها أنه رغم مرور ثلاثة أشهر على انتهاء مدة صلاحيات المتصرفين المؤقتين، أي منذ 4 يناير 2020، لم يتم صدور قرار جديد للوزارتين المعنيتين، يجدد صلاحياتهم؛ كما أنه بتاريخ 24 فبراير 2020، سيصدر المتصرفون المؤقتون بلاغا يتنافى والقوانين الجاري بها العمل، بموجب هذا القرار الشارد، سيتقرر ابتداء من 23 مارس المقبل إجراء انتخابات مندوبي المنخرطين بالتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، للسنوات الست المقبلة؛ وعدم احترام المتصرفين المؤقتين للمادة 7 من مدونة الانتخابات، والخاصة بمسطرة وضع اللوائح الانتخابية العامة، ذلك أن الصائب قانونا، هو وجوب نشر بلاغ إجراء الانتخابات وتقديم الطلبات، على الأقل 15يوما قبل الشروع في عمليات إيداع طلبات الترشيح، وهذا الخرق السافر، صدور بلاغ في الموضوع بتاريخ 24 فبراير 2020، يحدد وضع ملفات الترشيح ابتداء من يوم 25 فبراير 2020 وإلى غاية 8 مارس 2020، والأخطر من هذا وذاك، يضيف المنتدى، هو منع أعضاء المجلس الإداري الذين طبق في حقهم الفصل 26 من الظهير الشريف رقم 1.57.187 من الترشح لهذه الانتخابات، في حين أن مدونة الانتخابات لا تنص عل ذلك في شروط التقييد وفقدان الأهلية الانتخابية، هذا علاوة على أن المنع من الترشح لأي انتخابات هو قرار قضائي، وبالتالي فهو لا يدخل في اختصاص المتصرف المؤقت، المكلف بإجراء انتخابات مندوبي منخرطي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية. هذا مع العلم أن الفصل 26، توضح الرسالة، قد سبق واستعمل في حق المجلس الإداري سنة 2009 ومع ذلك لم يتم منع أعضاء المجلس الإداري آنذاك من تقديم ترشيحاتهم للانتخابات، وضرب لعرض الحائط بالقانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في المعلومات، وذلك من خلال عدم إخبار القطاعات الحكومية، والمؤسسات العمومية المعنية، وبالتالي عدم إخبار موظفيها بإجراء هاته الانتخابات، وكذلك غياب العدالة في توزيع المقاعد، كما أثارته عدة هيئات نقابية وكمثال حي على ذلك: تخصيص مقعدين لقطاع التجهيز والنقل بسلا، والذي يتجاوز عشرة موظفين، مقابل تخصيص ثلاثة مقاعد للإدارة المركزية لوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء- المديرية الجهوية للتجهيز جهة الرباط- سلاالقنيطرة- صندوق التمويل الطرقي- الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية – الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب – الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية – المكتب الوطني للمطارات بالرباط – الشركة الوطنية للدراسات مضيق جبل طارق، التي يتجاوز عدد الموظفين بها ( 3000) موظف، كما أن أحد المتصرفين المؤقتين الذي انتهت مدة صلاحيته، تربطه علاقات حزبية وأخرى عائلية، بحزب معين، وأن هذا الأخير يقف وراء هذه الزوبعة خارج القوانين والضوابط والأعراف الجاري بها العمل، إذا كان الأمر كذلك، يقول المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، سنكون أمام كارثة حقيقية، عنوانها ” غرق سفينة التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، بكل مكتسباتها المحققة عقب انتخابات 2009، وحتى صدور القرار المشترك المشؤوم بتاريخ 04 أكتوبر 2019”، وظروف وملابسات وتوقيت صدوره، في الوقت بدل الضائع، السابق للتعديل الحكومي الأخير.