بدون شك، يعتبر لارس فون ترير، المخرج المشاكس أو المستفز كما يحب أن يصف نفسه، من بين أكثر المخرجين إثارة للجدل في تاريخ السينما الراهن. ولد فون ترير في 30 أبريل 1956 بكوبنهاجن الدنمارك. بدأ هذا الأخير علاقته بالسينما في سن جد مبكرة، حيث صنع أول فيلم له وهو في سن الحادية عشر فقط بعد تلقيه كاميرا كهدية. وهي الفترة التي سيعاني فيها بشكل مؤقت من الاكتئاب، بالإضافة إلى مجموعة من المخاوف، من بينها الخوف من الطيران. استمر بعدها فون ترير في صناعة أفلام مستقلة خلال دراسته الثانوية، حتى بدأ دراسته في مدرسة السينما في الدانمارك. وفيها أنجز سنة 1977 فيلما قصيرا بعنوان The Orchid Gardner، الذي يشكل أول تجربة علنية للمخرج الشاب. سنة 1982 سيتخرج من المدرسة الدنماركية للفيلم حيث أنجز فيلما قصيرا بعنوان Befrielsesbilleder، الذي سيفوز بفضله بجائزة أحسن فيلم بمهرجان ميونخ للفيلم. بعدها بسنتين سيخرج فون ترير أول فيلم روائي طويل له بعنوان The Element of Crime . بعدها توالت أعماله الفنية من أفلام ومسلسلات تلفزيونية. فون ترير هو أيضا واحد من مؤسسي الحركة الطليعية المسماة Dogma95 التي أحدثت دويا في أروقة السينما العالمية منذ بداية التسعينات. وتهدف هذه الحركة إلى تنقية صناعة السينما من خلال رفض استخدام المؤثرات والخدع التي تلجأ إليه الأفلام العالية التكاليف. حصل المخرج الدنماركي على العديد من الجوائز، من بينها السعفة الذهبية من مهرجان كان عن فيلمه Dancer in the dark ، الجائزة الكبرى عن فيلمه The Element of Crime ، كما فاز فيلم The Antichrist بجائزة روبرت، وجائزة المجلس النوردي السينمائي لأفضل فيلم نوردي، وجائزة أوروبا السينمائية لأفضل صناعة فيلم. إن الدرس السينمائي الذي نقترحه على القارئ يشكل سلسلة من الدروس السينمائية التي قام بجمعها لوران تيرارد Laurent Tirard في كتابه Moviemaker's master class الصادر سنة 2004. ولوران تيرارد مخرج، سيناريست وناقد سينمائي فرنسي. في ما يلي ترجمة الماستر كلاس الخاص بلاس فون ترير: لقد كان السبب وراء بدئي في صنع الأفلام، في الأصل، هو رؤيتي لمجموعة من الصور في ذهني. وكانت لدي هذه الرؤى التي شعرت أني مضطر لترجمتها من خلال الكاميرا. وأنا أعتقد أن هذا سببا وجيها لأي شخص يريد البدء في صنع الأفلام. أما اليوم، فأعتقد أن الأمر مختلف تماما. لم تعد تتراءى لي هذه الصور في ذهني بعد الآن. في الواقع، أصبحت صناعة الأفلام بالنسبة لي وسيلة لخلق هذه الصور. لم يتغير سبب صنعي للأفلام ولكن مقاربتي لصنعها هي التي تغيرت. ما زلت أرى الصور، وهي مجردة، بالمقارنة مع التي كنت أرى من قبل، والتي كانت ملموسة جدا. أنا لا أعرف كيف حصل ذلك. أعتقد أنها مجرد نتيجة لتقدمنا في السن، لنضجنا أكثر. أعتقد أنه عندما تكون أصغر سنا، كل شيء يتمحور في صناعة الأفلام عن الأفكار والمثل العليا. لكن، بعد ذلك، كلما تقدمت في السن، تبدأ في التفكير أكثر في الحياة واتباع نهج مختلف لعملك، وهذا ما يسبب هذه التغييرات. على الرغم من ذلك، لا بد من القول أنه بالنسبة لي، صناعة الأفلام كانت دائما حول العواطف. ما ألاحظ حول المخرجين الكبار الذين أحبهم هو أنه إذا أريتني خمس دقائق من أحد أفلامهم، سوف أعرف أنها لهم. وعلى الرغم من أن معظم أفلامي مختلفة جدا، أعتقد أنه يمكنني القول نفس الشيء، أعتقد أنه العاطفة هي التي تربط الأفلام فيما بينها، على أي حال، أنا لا أخطط أبدا لصنع فيلم للتعبير عن فكرة معينة. أتفهم كيف يمكن للمرء أن يرى ذلك على هذا النحو مع أفلامي الأولى، لأنها قد تبدو باردة قليلا، وكل شيء مدروس فيها، ولكن حتى فى ذلك الوقت، في أعماقي، كان الأمر دائما مرتبطا بالعواطف بالنسبة لي. والسبب أن الأفلام التي أصنع اليوم قد تبدو أقوى، على مستوى العواطف، لأنني أعتقد أنه على المستوى الشخصي اصبحت ناقلا أحسن للعواطف. الجمهور؟ أي جمهور؟ أكتب شخصيا سيناريوهات أفلامي. ليست لدي أي وجهة نظر معينة حول نظرية المؤلف، على الرغم من أن الفيلم الوحيد الذي اقتبسته من نص كتبه شخص آخر هو الفيلم الذي لا أحب بعد الآن. لذا أعتقد أن هناك فرقا بين كتابة المواد الخاصة بك واقتباس عمل شخص آخر. ولكن كمخرج، يجب أن تكون قادرا على أخذ عمل كاتب وجعله تماما لك. من جهة أخرى، يمكن لشخص أن يقول أيضا أنه حتى عندما تكتب شيئا بنفسك، أنك تقوم دائما بذلك بناء على شيء قد سمعته أو رأيته، إذن، بطريقة ما، هذا العمل ليست حقا ملكك كما تعتقد. بالنسبة لي، أجد أن كل هذا أمر اعتباطي. ومع ذلك، الشيء الذي أشعر به بقوة ومتأكد منه، هو أنه يجب عليك أن تصنع الفيلم لنفسك وليس للجمهور. إذا بدأت بالتفكير في الجمهور، أعتقد أنك ستضيع وستفشل لا محالة. بطبيعة الحال، يجب أن تكون لديك رغبة في التواصل مع الآخرين، ولكن جعل الفيلم يعتمد على هذا كليا لن يجدي نفعا أبدا. يجب عليك أن تصنع الفيلم لأنك تريد ذلك، ليس لأنك تعتقد أن الجمهور يريد ذلك. هذا هو الفخ، وأرى الكثير من المخرجين يقعون فيه. أرى الفيلم وأعلم أن المخرج صنعه لأسباب خاطئة، وأنه لم يفعل ذلك لأنه يريد ذلك بشدة. هذا لا يعني أنه لا يمكنك أن تصنع أفلاما تجارية. بل يعني فقط أنه عليك أن تحب الفيلم قبل الجمهور. مخرج كستيفن سبيلبرغ يقوم بأفلام تجارية جدا، ولكني أنا جد واثق من أن جميع الأفلام التي يصنعها هي أفلام يحب أن يراها بنفسه أولا وقبل كل شيء. وهذا هو السبب في أنها جد ناجحة. كل فيلم يخلق لغته الخاصة ليس هناك نحو «grammar » خاص لصناعة الأفلام. كل فيلم يخلق لغته الخاصة. في الأفلام الأولى التي قمت بإخراجها كل شيء كان مخططا له في لوحة القصة storyboard، حتى أدق التفاصيل. وفي فيلم Europa Zentropa، على سبيل المثال، لا توجد لقطة لم تحدد مسبقا في لوحة القصة. لأنه في تلك الفترة كنت في قمة هوسي بالتحكم في كل شيء. كنت أصنع أفلاما جد تقنية، وأردت التحكم بكل شيء، الأمر الذي جعل عملية التصوير جد مؤلمة. ولم تكن النتائج بالضرورة أفضل. في الواقع Zentopa هو ربما الفيلم الذي لا أحب لحد اليوم. المشكلة في الرغبة في السيطرة على كل شيء، هو أنه عندما تخطط لكل شيء في لوحة القصة، يصبح التصوير مجرد إنجاز لواجب. والجزء السيء في ذلك أنه يمكنك إنجاز 70٪ فقط مما كنت تحلم به، هذا طبعا إذا كنت محظوظا. لهذا أعتبر أن الطريقة التي أصنع بها الأفلام الآن أفضل بكثير. في فيلم مثل The idiots، أنا لم أهدر الكثير من الوقت في التفكير كيف سأصور حتى يأتي الوقت الذي كنت فعلا أصور فيه. لم أخطط على الإطلاق لأي شيء. كنت واقفا هناك فقط، وصورت ما كنت أشاهد. عندما تفعل ذلك، تبدأ فعليا من الصفر، وكل شيء يحدث بعدئذ يمكنك اعتباره هدية لك. لذلك لا تجد أن هناك إحباطا على الإطلاق. بطبيعة الحال، هذا الأمر يرجع الى حقيقة أني كنت أقوم شخصيا بعملية التصوير باستخدام كاميرا صغيرة. التي لا يمكن اعتبارها فعليا كاميرا بعد الآن. لقد كانت هذه الكاميرا بمثابة العين التي أرى بها كل شيء. إذا قال الممثل شيئا على يميني، أستدير نحوه ببساطة، وبعد ذلك سأعود إلى الممثل الآخر عندما يجيب، وربما سأنتقل بعد ذلك إلى اليسار إذا سمعت شيئا يحدث هناك. بطبيعة الحال، هناك أشياء تفقدها باستعمال هذه التقنية، لكن يجب عليك اتخاد قرار. واحدة من بين المزايا الكبيرة للتصوير بالڤيديو هو أن الوقت لا يعود عاملا مهما على الإطلاق. بعض من المشاهد التي استغرقت مني ساعة من التصوير ينتهي بها الأمر لتظهر في الفيلم في دقيقة واحدة، وهو أمر حقا رهيب للعمل. على أي، في الوقت الراهن، سأتمسك بالڤيديو. إنه أمر رائع أن تكون قادرا فقط على التصوير، ثم التصوير ثم التصوير. وهو الشيء الذي قد يجعل البروڤات تبدو بدون جدوى. أكرس الوقت الذي يسبق التصوير لمناقشة الشخصيات، ثم بعد ذلك يعرف الممثلون من النص ما ينبغي فعله، ثم نبدأ بالتصوير. وربما سنصور نفس المشهد عشرين مرة. ليس عليك فعلا الاهتمام بجعل الأمور تبدو منطقية على المستوى المرئي الى أن يحين الوقت الذي تكون فيه في غرفة التوضيب. الجميع لديه قواعد الكثير من الناس يظن أن قواعد الدوغما Dogma95 تم وضعها كرد فعل على الطريقة التي يصنع به المخرجون الآخرون أفلامهم، كما لو أنني كنت أحاول وضع مسافة بيني وبينهم، لأظهر أنني مختلف. وهو أمر غير صحيح. في الواقع، لا يمكن أن يكون الأمر على هذا الحال، لأنه بصراحة، ليس لدي أدنى فكرة عن كيفية صنع الآخرين أفلامهم. أنا لا أذهب إلى مشاهدة الأفلام، أنا أجهل تماما ما الذي يجري في أي مكان آخر. لذلك جاءت هذه القواعد أكثر كرد فعل على عملي الخاص. كانت وسيلة لتحفيز نفسي على القيام بأشياء أكثر تحديا. قد يبدو في ذلك نوع من الإدعاء والتفاخر، لكن الأمر شبيه بشخص يلعب بالكرات بيده في السيرك تبدأ باللعب بثلاث برتقالات، بعد ذلك إن تمكنت من القيام بذلك لبضع سنوات، تبدأ في التفكير «هممم، سيكون الأمر جميلا لو قمت بذلك وأنا أمشي على حبل مشدود في نفس الوقت...» لذا الأمر شبيه بهذه الحالة، أظن أنه بوضع هذه القواعد، تجارب جديدة يمكن أن تحصل، وهذا بالضبط ما حدث. حتى أكون صريحا، لقد كنت دائما صارما مع نفسي حول ما يمكنني أولا أن أفعل. وقواعد الدوغما هي في الواقع لا شيء بالمقارنة مع القواعد غير المكتوبة التي وضعتها لنفسي في فيلم مثل عنصر الجريمة The Element of crime ليس هناك وعاء في هذا الفيلم. لقد حرمت على نفسي فعل ذلك، لقد استخدمت فقط رافعة crane والعربة Dolly بطريقة منفصلة، يعني أنني لم أمزج بينهما. كانت هناك العديد من القواعد غير المعلنة من هذا القبيل التي خرجت ربما من عقل مريض مع الأسف!! بجدية أكثر أعرف أن هذا قد يبدو جد ميكانيكي، لكن أعتقد أن وضع القواعد هو نهج ضروري لأي فيلم لأن العملية الفنية هي عملية تحديد limitation والتحديد يعني وضع قواعد لنفسك ولفيلمك. دوغما Dogma 95 هي سلسلة من القواعد الصارمة التي تم وضعها في ربيع 1995 من طرف مجموعة من المخرجين من الدنمارك (من بينهم Lars Von Trier وThomas Vinterberg) أقسم هؤلاء المخرجون على تطبيق هذه القواعد في أفلامهم: 1- يجب تصوير الأفلام فقط في الأماكن الفعلية، ولا يجب إستعمال أي ديكور أو دعامات خاصة (بما في ذلك المشاهد المصطنعة) كما يجب عليك استعمال ما تجده في موقع التصوير. 2- عليك استعمال الصوت المباشر فقط، ويمكنك استعمال الموسيقى فقط إذا كان مشغل القرص المدمج أو الشريط، الراديو، أو يظهر أشخاص يؤدون مباشرة في المشهد. 3- يجب أن تكون الكاميرا دائما محمولة يدويا حتى بالنسبة للقطات الثابتة. 4- يجب أن يكون الفيلم بالألوان، والاستعمال الدرامي للإضاءة محظور. يجب أن تكون فقط الإضاءة كافية لرؤية الأشياء بطريقة واضحة. 5- ممنوع استعمال المؤثرات البصرية من أي نوع كان. 6- لا يجب أن يحتوي الفيلم على أي حركة ظاهرية artificial actionالقتل، الأسلحة... 7- التحكم في الزمان والمكان غير مسموح به. 8-أجناس الأفلام غير مسموح بها. 9- يجب أن لايذكر اسم مخرج في لوحة الأسماء الفيلم credit. الفرق مع Dogma 95 هو أنه قررنا وضع هذه القواعد على الورق، ولهذا ربما صدم الكثير من النَّاس. لكن أعتقد أن جل صناع الأفلام سواء كانوا واعين بذلك أم لا، لديهم قواعدهم الخاصة غير المكتوبة. وبطريقة ما إن وضعها على الورق يخلق نوعا من المصداقية. لأنه شخصيا - وأعتقد أن هذا عكس آراء جل المخرجين- أحب أن أرى الكيفية التي صنع بها الفيلم. كمتفرج، أحب بطريقة ما، الحصول على شعور كأني أشاهد الفيلم من العملية الإبداعية التي مر منها. والسبب وراء استعمالي tracking shot لقطة تتبع الشاريو) وcranes الرافعات في فيلم Element of crime عوض حركة Pan بانوراميك أفقي وTilt بانوراميك عمودي هو أنني لم أرد إخفاء أي شيء. Tracking shot هي حركة كبيرة وواضحة على الرغم من أن في جل الأفلام الأمريكية يحاول المخرجون إخفاء ذلك. بالنسبة لهم، إنها مجرد وسيلة مريحة للانتقال من من نقطة الى أخرى. لذلك يجب أن تكون غير مرئية. أنا لا أحاول إخفاء كيف تتم الأمور. أشعر كأنني أغش إن فعلت ذلك.. في هذا الصدد، كانت خطوة كبيرة عندما توقفت عن استخدام الكاميرا الثابتة وانتقلت لاستعمال الكاميرا المحمولة. في ذلك الوقت، كان حقا قرارا فنيا. الموضب الذي أتعامل معه شاهد مجموعة من المسلسلات التلفزيونية الخاصة بالجريمة والتي تستخدم الكاميرا المحمولة. اتفقنا على أن هذا سيكون جيدا للفيلم التالي الذي كان .Breaking Waves في البداية كان ذلك لاعتبارات أسلوبية، لكن الآن تجاوزت ذلك بكثير، إنه الجانب التحريري للكاميرا المحمولة الذي أحب. حب الممثلين الى درجة الغيرة قبل بضع سنوات، سيقول لك الجميع إنني كنت أسوأ شخص يدير الممثلين في صناعة السينما كلها. وقد يكون الجميع على حق، على الرغم من أنني سأقول دفاعا عن نفسي إن نوع الأفلام التي صنعت هو الذي سبب ذلك. في فيلم مثل عنصر الجريمة، على سبيل المثال، كان من الضروري أن يقف الممثلون هناك فقط دون فعل أي شيء أو جعل سلوكاتهم تظهر بشكل ميكانيكي قليلا. في أفلام مثل هذه، عملية التصوير كانت أهم من الممثلين. ولكن الآن مقاربتي للأشياء تغيرت. أحاول إضفاء المزيد من الحياة على أفلامي، وأعتقد أن أسلوبي كمخرج تحسن قليلا أيضا. لقد أدركت أن أفضل طريقة للحصول على شيء معين من الممثلين هو منحهم الحرية، إعطاؤهم الحرية وتشجيعهم، هذا كل ما يمكنني أن أقوله. مثل أي شيء آخر في الحياة، إذا كنت تريد فعل شيء ما بشكل جيد، عليك أن تكون إيجابيا للغاية حول هذا الموضوع، وحول قدرة الناس على تحقيق ذلك. في بداية مسيرتي، شاهدت فيلما وثائقيا حول الطريقة التي كان يدير بها انغمار بيرغمان الممثلين. بعد كل لقطة، كان يذهب إلى الممثلين ويقول :» لقد كان هذا عظيم! جميل! رائع! ربما يمكنك تحسين هذا قليلا، ولكن في الواقع ... رائع!» أتذكر جيدا أنني شعرت حينئذ بالغثيان. بدا لي الأمر مبالغ فيه جدا... حسنا، لقد بدا كل هذا مصطنعا ومزيفا بالنسبة للمخرج الشاب الساخر الذي كنت عليه آنذاك. لكن اليوم، لقد أدركت أن بيرغمان كان على صواب، إنه النهج الصحيح. عليك تشجيع الممثلين، عليك دعمهم. ودعنا لا نخاف من الكليشي السائد: عليك أن تحب الممثلين. أنا أعرف أنه في فيلم مثل «البلهاء»، على سبيل المثال، لقد أحببت الممثلين لدرجة أنني أصبحت غيورا جدا، لأنهم نجحوا في إنشاء علاقة جد حميمية فيما بينهم، لقد شكلوا مجموعة منسجمة التي شعرت أنني مستبعد منها. لم يكن لهذا الحال أن يستمر لمدة أطول، لأنه في نهاية المطاف، أصبحت منزعجا جدا لدرجة أنني لم أرغب في العمل بعد ذلك. لقد كنت عبوسا مثل الطفل لأنني كنت غيورا. لقد شعرت أن الجميع كان يستمتع بوقته، في حين أنني كنت مرغما على العمل، شعرت أن الجميع كانوا كالأطفال وأنا كنت المعلم. اِبحث عن التطور لا عن التحسن من المهم بالنسبة للمخرج أن يتطور، ولكن معظم الناس يخلطون بين التطور والتحسن، وهما شيئين مختلفين تماما. لقد تطورت في عملي لأني انتقلت دائما الى أشياء مختلفة. ولكن لا أشعر أنني تحسنت. أنا لا أحاول أن أبدو متواضعا عندما أقول ذلك. على العكس من ذلك، حقا، لأنه وقد يكون ذلك شيء لا يطاق أن تسمعه الهبة الوحيدة التي أمتاز بها كمخرج هي أنني دائما متأكد تماما مما أفعل. لقد كنت واثقا من نفسي عندما كنت أدرس بمدرسة للسينما، لقد كنت واثقا من نفسي عندما صنعت أول فيلم لي... ليس لدي أي شك على الإطلاق عندما يتعلق الأمر بعملي. بطبيعة الحال، سيكون لدي شكوك حول ردة فعل الناس اتجاه ذلك، ولكن لم يكن لدي شك قط حول ما أريد فعله. لم أرغب على الإطلاق في التحسن، ولا أعتقد أنني فعلت ذلك. ولكن لقد عملت وتغيرت. لم يكن لدي أبدا شعور بالخوف مما كنت أفعله. عندما أرى الطريقة التي يشتغل بها الكثير من المخرجين الآخرين، يمكنك معرفة أن هناك قدرا معينا من الخوف مرتبطا بأعمالهم. وهذا يشكل قيدا لا يمكنني أن أتقبله. لدي العديد من المخاوف في حياتي الخاصة، الكثير، ولكن ليس في عملي. إن حدث ذلك، سأتوقف عن العمل فورا.