في إحاطته أمام مجلس الأمن بتاريخ 14 أبريل 2025، ذكّر المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا بأن سنة 2025 تصادف مرور خمسين عامًا على إدراج ملف الصحراء ضمن أجندة الأممالمتحدة، مشيرًا إلى أن الأشهر الثلاثة المقبلة تمثل فرصة حاسمة لتعبئة زخم دبلوماسي جديد قد يقود إلى منعطف فعلي في مسار هذا النزاع الطويل، لاسيما في أفق اجتماع مرتقب لمجلس الأمن في أكتوبر المقبل. وفي خضم هذا السياق، كشف دي ميستورا عن تحول لافت في المواقف الدولية، لا سيما من الولاياتالمتحدة التي أعلنت مجددًا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب، مؤكدة استعدادها للانخراط المباشر لتيسير حل متوافق عليه تحت رعاية الأممالمتحدة. هذا الموقف الأمريكي أعقب زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى واشنطن في 8 أبريل الجاري، حيث شدد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، على التزام بلاده بدعم المبادرة المغربية بوصفها "جادة وذات مصداقية"، مشيرًا إلى أن أي حل يجب أن يكون محل قبول متبادل بين الأطراف، كما أعلن استعداد الإدارة الأمريكية للانخراط النشط في تسهيل هذا المسار السياسي. وفق إحاطة دي ميستورا وبحسب دي ميستورا، فإن الرسائل الثلاث الأساسية التي حملها الموقف الأمريكي هي: أولًا، ضرورة توضيح وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي بما يشمل الصلاحيات الممنوحة للإدارة المحلية في الصحراء المغربية، ثانيًا: أن أي حل لا يمكن أن يتم إلا من خلال مفاوضات حقيقية بين الأطراف، وثالثًا، أن واشنطن تعتزم لعب دور مباشر في هذا المسار، بدعم من الأممالمتحدة ومجلس الأمن. وفي الوقت ذاته، سلط المبعوث الأممي الضوء على مؤشرات دبلوماسية أخرى، من أبرزها زيارة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان بارو إلى الجزائر يوم 6 أبريل، بعد مكالمة هاتفية بين الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورغم غياب أي إشارة مباشرة إلى نزاع الصحراء في الزيارة، فقد اعتبرها دي ميستورا دليلاً على اهتمام متزايد من القوى الكبرى باستقرار المنطقة. غير أن هذا الانخراط الدولي، حسب دي ميستورا، لا يُخفي التحديات الكبرى، وعلى رأسها التوتر العميق بين الجزائر والمغرب، الذي لم يشهد أي انفراج، بل تفاقم مع استمرار إغلاق الحدود وانعدام قنوات الاتصال وارتفاع الإنفاق العسكري، وهو ما يجعل من تحسّن العلاقات الثنائية بين البلدين شرطًا ضروريًا لتفادي أي تصعيد قد يقوض جهود التسوية. وفي هذا الإطار، أوضح دي ميستورا أنه قام خلال الأسابيع الماضية بجولة إقليمية شملت الرباط، نواكشوط، تندوف، والجزائر العاصمة، حيث التقى بمختلف الأطراف المعنية بالنزاع، حيث جدد المغرب تمسكه بمبادرته، في حين عبّرت جبهة البوليساريو والسلطات الجزائرية عن مواقفها المعروفة، أما من الجانب الموريتاني، فقد جدد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ووزير خارجيته موقفهما القائم على "الحياد الإيجابي"، واستعدادهما لمواكبة أي تقدم سياسي محتمل. كما تطرقت الإحاطة إلى الأوضاع الميدانية، إذ أكد دي ميستورا دعمه لجهود بعثة الأممالمتحدة "المينورسو"، مشيرًا إلى أهمية استمرار الدعم الدولي لها، خصوصًا في حال انطلاق المرحلة الأولى من أي تسوية محتملة، رغم التحديات اللوجستية والمالية التي تواجهها البعثة على الأرض.