فضح تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة الخاصة ب"ظروف الإقامة في الأحياء الجامعية" حجم الاختلالات البنيوية والخدماتية التي تطبع هذه الفضاءات الطلابية، رغم الميزانيات الضخمة التي تُرصد سنويًا لهذا القطاع. التقرير، الذي تم عرضه أمس بمجلس النواب، كشف عن عجز واضح في البنيات التحتية الأساسية، وافتقار عدد من الأحياء إلى مرافق ضرورية تُفترض لتأمين الحد الأدنى من العيش الكريم للطلبة، حيث رُصد تدهور كبير في التجهيزات، وبعد بعض الأحياء عن الكليات والمعاهد، ما يُضاعف من متاعب الطلبة بسبب معضلة النقل الحضري وتدني جودة خدماته.
ومن أبرز ما سجّله التقرير أيضًا، غياب شروط الأمان داخل الأحياء الجامعية وفي محيطها، إذ تحدث عن تكرار حوادث سرقة أجهزة إلكترونية وهواتف، وتعرض بعض الطالبات لتحرشات جنسية، إضافة إلى انتشار مظاهر مقلقة كتعاطي المخدرات.
في الجانب البيداغوجي، وقف التقرير على واقع هشّ، عنوانه نقص حاد في قاعات المطالعة والمكتبات والتجهيزات الداعمة للتحصيل العلمي، وهو ما يساهم في تنامي معدلات الهدر الجامعي، خاصة في ظل ضعف الطاقة الاستيعابية وعدم القدرة على احتواء أعداد الطلبة المتزايدة.
أما على مستوى التغذية، فقد سجل التقرير تدهورًا في جودة وكمية الوجبات الغذائية، إلى جانب غياب شبه تام للخدمات الصحية في عدد من الأحياء، وافتقار أخرى للتجهيزات الأساسية والموارد البشرية الضرورية لتأمين الرعاية الصحية للطلبة.
كما سجل التقرير تفاوت مستوى الخدمات المقدمة من حي جامعي إلى آخر، حيث برزت تفاوتات صارخة بين أحياء المركز والمدن الأخرى.
من جهته عبر عز الدين الميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عن دعم الوزارة الكامل للتوصيات الصادرة عن المهمة الاستطلاعية، باعتبارها آلية ستُسهم في ترسيخ الحكامة والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة داخل الفضاءات الجامعية، خصوصًا الاجتماعية منها والصحية والثقافية.
وسجّل الوزير جملة من الإكراهات البنيوية التي تؤثر على تدبير هذا المجال، وفي مقدمتها الارتفاع المستمر في عدد الطلبة، والذي تجاوز عتبة مليون و300 ألف خلال الموسم الجامعي الحالي، مقابل طاقة استيعابية محدودة داخل الأحياء الجامعية، إلى جانب اعتماد نماذج تدبير أبانت عن محدوديتها، واستمرار التفاوت المجالي وغياب حلول مبتكرة لتمويل هذا القطاع، علاوة على ضعف الشراكات مع الجماعات الترابية والقطاع الخاص.
ورداً على هذه التحديات، كشف الوزير عن خطة عمل لتوسيع عرض السكن الجامعي وتحسين جودة الخدمات، شملت إصلاح وتهيئة 11 حيا جامعيا خلال سنة 2025، بميزانية تُقدّر ب28 مليون درهم، في إطار إعادة تأهيل الأحياء القديمة مثل فاس ووجدة وأكادير، بالإضافة إلى تعزيز أنظمة الوقاية والسلامة من خلال تحديث بنية الحماية من الحرائق.
وأكد ميداوي أن الوزارة شرعت في اعتماد معايير جودة موحدة بالنسبة للأحياء الجديدة أو التي توجد قيد الإنجاز، من أجل ضمان فضاءات آمنة ومجهزة، مضيفًا أن العمل متواصل للحد من التفاوت بين الأحياء وتحقيق العدالة المجالية.
وبخصوص التوسعة، أوضح الوزير أنه تم تسجيل ارتفاع بنسبة 14 في المائة في عدد الأسرة بالمقارنة مع الموسم السابق، ليبلغ عدد الأسرة في الأحياء الجامعية العمومية أزيد من 60 ألف، من أصل 104 آلاف سرير على المستوى الوطني، تشمل الداخليات ودور الطالبات والإقامات الخاصة.