عادت قاعة الجلسات بمحكمة الاستئناف في الدارالبيضاء، أول أمس الإثنين، لتحتضن فصلا جديدا من ملف أثار الكثير من الجدل داخل المشهد الفني والإعلامي بالمغرب، حيث أيدت الغرفة الجنحية الحكم الابتدائي الصادر في حق الرابور المغربي طه فحصي، الشهير بلقب «إلغراندي طوطو»، وقضت بثمانية أشهر حبسا موقوف التنفيذ، مع تحميله مصاريف الدعوى وتطبيق الإكراه في الحد الأدنى. قرار المحكمة جاء بعد سلسلة من الغيابات المتكررة من طرف المعني، والتي اعتبرتها الهيئة سببا كافيا لإصدار الحكم في غيابه، رغم مطالبة دفاعه بظروف التخفيف واستحضار تنازلات أربعة فنانين كانوا قد تقدموا في وقت سابق بشكايات ضده، غير أن تنازلات هؤلاء لم تكن كافية لتبرئة الرابور، إذ ظل ملفه مثقلا بشكايتين قائمتين، ما جعل القضية مفتوحة على تهم متراكمة تمحورت حول السب والقذف والتشهير، بالإضافة إلى الإخلال العلني بالحياء والتحريض على تعاطي المخدرات ونشر محتوى غير أخلاقي على المنصات الرقمية، وذلك في أعقاب فيديو انتشر كالنار في الهشيم، نسب إليه وتضمن ألفاظا وتصرفات اعتبرت مسيئة للرأي العام ومنافية للقانون. وفي سياق الجدل الدائر حول قضيته، يثار سؤال العلاقة بين حرية التعبير وحدود المسؤولية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بفنان يُعتبر قدوة لشريحة واسعة من الشباب. فبينما يراه البعض ضحية لتضييق على الإبداع الفني، يرى آخرون أن الحكم يمثل خطوة نحو تنظيم محتوى الفن الرقمي وضبطه. وبين هذه الآراء المختلفة، يطرح السؤال حول مدى توازن السلطات بين حرية التعبير والفن، وحماية القيم المجتمعية من التجاوزات التي قد تحدث تأثيرات سلبية على الرأي العام. الحكم الجديد يضع الرابور المثير للجدل في موقف قانوني معقد، ويعيد إلى الواجهة سؤال العلاقة بين حرية التعبير وحدود المسؤولية، خصوصا حين يتحول الفنان إلى شخصية مؤثرة في فئة واسعة من الشباب. فبين من يرى في الحكم خطوة نحو تأطير محتوى الفن الرقمي، ومن يعتبره تضييقا على الإبداع، يظل «طوطو» مطالبا بمراجعة علاقته بالصورة التي يرسمها عن نفسه أمام الجمهور، وأمام القانون. بعيدا عن تفاصيل الملف القضائي، فإن واقعة «طوطو» تفتح مرة أخرى النقاش المؤجل حول الحاجة إلى سياسة ثقافية واضحة تؤطر التعبير الفني في المغرب، وتعيد تعريف أدوار الفنان في زمن المنصات المفتوحة. فالفنان لم يعد مجرد صاحب منتوج فني، بل فاعل مؤثر في منظومة القيم والتمثلات. وهنا، تبرز الحاجة إلى ميثاق أخلاقي يوازن بين حرية التعبير والمسؤولية، وبين سلطة الذوق العام وحدود القانون، بعيدا أيضا عن منطق التضييق أو الشعبوية.