دعا خبراء وطنيون ودوليون، اليوم الثلاثاء بمكناس، إلى تعزيز الابتكار والحكامة في مجال تدبير المياه والفلاحة لتقليص تأثيرات التغيرات المناخية. وخلال جلسة نقاش نظمت حول "الماء والفلاحة، تحالف لتقليص تأثيرات التغيرات المناخية"، في إطار الدورة ال17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب، قدم الخبراء الاتجاهات والسيناريوهات الممكنة المرتبطة بالتغيرات المناخية، بالإضافة إلى الاستراتيجيات الكفيلة بتعزيز صمود الفلاحة السقوية في مواجهة المخاطر والتقلبات المناخية. وفي هذا الإطار، سلط مدير قسم الأراضي والمياه بمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، لي ليفانغ، الضوء على أهمية التكنولوجيا وتحسين استخدام المياه، موضحا أن الاعتماد على "صور الاستشعار عن بعد" لجمع المعلومات عن رطوبة التربة يسمح للفلاحين بالوصول إلى المعلومات اللازمة واتخاذ القرارات بشأن توقيت وكمية المياه الضرورية لسقي أراضيهم. وقال إنه "بحلول سنة 2050، ولتلبية الطلب العالمي على المنتجات الفلاحية والغذائية والأعلاف، حتى في ظل سيناريو التنمية المستدامة، فإننا نحتاج إلى 25 في المائة إضافية من المياه العذبة"، معتبرا أن هذا يشكل تحديا اجتماعيا واقتصاديا ومناخيا هائلا، يتطلب استراتيجيات مناسبة لدعم الحكومات والمؤسسات في استثماراتها في هذا المجال. من جهة أخرى، أكد السيد ليفانغ أن المغرب يمتلك خبرة عريقة في مجال السقي وإدارة المياه، داعيا إلى الاسترشاد بهذه التجربة وتطوير نظم الري والمرافق والبنيات التحتية في هذا المجال، وخاصة بالنسبة لدول إفريقيا جنوب الصحراء. من جهته، أبرز الخبير الاستشاري والمدير العام لAgro Concept، حسن بن عبد الرازق، أن استغلال الفرشات المائية من خلال الآبار المائية، ساهم على مدى عقود في تطوير التنمية الفلاحية، مضيفا أن الاستغلال المفرط لهذه الفرشات، بالإضافة لعامل الجفاف، بات اليوم يهدد بشكل كبير المحاصيل الزراعية. وسجل أن الفلاحة تضطلع بدور جوهري ومهم في الاقتصاد المغربي، إذ لها تأثير مزدوج على النمو الاقتصادي؛ فهي تعمل على تحفيز الاقتصاد من خلال زيادة الدخل القروي خلال المواسم الفلاحية الجيدة، وهو ما يعزز الاستهلاك والاستثمار في آن واحد. من جانبه، أوضح مدير البحث والاستراتيجية بمنظمة "ووتر ويتنس إنترناشونال"، تشارلز وايت، أنه "بدون حكامة قوية، فإن زيادة كفاءة أنظمة السقي لن تعيد المياه إلى طبقات المياه الجوفية أو الأنهار"، مشيرا إلى أن هذه المياه الموفرة ت ستخدم في كثير من الأحيان لتطوير الإنتاج الفلاحي بشكل أكبر، مما يجعل المنتجين بالمحصلة أكثر عرضة لأزمة شح أو غياب المياه. وقال السيد وايت إنه "من أجل التغلب على هذا التحدي، لا يوجد حل شامل، بل إطارات عمل مختلفة يمكن تكييفها مع سياقات محددة، وتقترح مبادرات مثل البصمة المائية مناهج تأخذ في الاعتبار سلسلة التوريد بأكملها، من الم نت ج إلى المستهلك"، مضيفا أن هذه الإطارات تسمح لكل بلد أو مستخدم للمياه بتطوير "وصفته" الخاصة للحكامة والتي تلبي احتياجاته الخاصة، مع دمج ركائز أساسية مثل "الدرجة صفر من التلوث"، والقدرة على التكيف مع التغيرات المناخية. كما سلطت هذه الجلسة الضوء على الحاجة الملحة إلى تضافر الجهود بين صناع القرار والفاعلين في المجال الفلاحي والباحثين والخبراء لجعل النموذج الفلاحي المغربي قادرا على التكيف مع الأوضاع الحالية التي تفرضها التغيرات المناخية.