التغير في الموقف الأميركي حول كيف ومتى يغادر الرئيس المصري حسني مبارك سدة الرئاسة، يعني وجود خلاف حقيقي داخل الإدارة الأميركية من الممكن أن يضر بسمعة وصورة السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط على المدى الطويل. فبعد صدور إشارات مشوشة من الإدارة، تحول الموقف الأميركي إلى دعم فترة انتقالية تسهل خروج مبارك. كما أن الموقف الأميركي الجديد يتضمن الرغبة في أن يقود نائب مبارك عمر سليمان مرحلة التغيير والإصلاحات. الموقف الأميركي الجديد يلقى دعم المسؤولين الأميركيين الكبار مثل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ومستشار الأمن القومي، توماس دونيلون، ووزير الدفاع روبرت غيتس، الذين أبدوا قلقهم من تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط، ويرغبون في ألا تظهر أميركا على أنها بلد يتخلى عن حلفائه عند أول كبوة. لكن الموقف الأميركي يصطدم بصخرة العناد المصري، حيث يرفض مبارك والحرس القديم في نظامه قضية الإصلاحات السريعة، مثل إلغاء حالة الطوارئ المفروضة منذ ثلاثة عقود. ويرى فريق آخر داخل مستشاري أوباما أن في انسياق الإدارة الأميركية إلى رؤية بقايا نظام مبارك، سوف يظهر أوباما على أنه رئيس أميركي يتخلى عن حركة تطالب بالديمقراطية. تصريحات أوباما تماشت مع تطورات الوضع حتى استقرت على الابتعاد التدريجي عن نظام مبارك والمناداة ببدء مرحلة انتقالية على الفور. فعندما قال مبارك إنه لن يترشح لفترة رئاسية جديدة، طالبه أوباما بخطوات ملموسة تدل على أنه سيفي بوعده. وصرح مستشارو الأمن القومي الأميركي في البيت الأبيض بعد ذلك بأنهم يريدون فترة انتقالية تتسم بالنظام، مع تشديدهم على أن عهد نظام مبارك قد انتهى. البيت الأبيض رفض التعليق أو تفسير مواقف المستشارين الأمنيين، لكن مسؤوليه أقروا بوجود خلافات بين مسؤولي إدارة أوباما على كافة الصعد، وقد برزت تلك الخلافات في حلقات النقاش والجلسات الاستشارية مع الدبلوماسيين الأميركيين السابقين. مراقبون متخصصون في قضايا الشرق الأوسط اجتمعوا مع مسؤولي الأمن القومي الأميركي وعابوا على الإدارة الأميركية عدم التزامها بموقف واضح واحد ولو لأيام. وطبقا لأحد الحاضرين في تلك الاجتماعات -رفض الكشف عن هويته- فإن المراقبين شددوا على ضرورة أن تلتزم الإدارة الأميركية بموقف واضح ومحدد. ففي المراحل الأولى لتفجر الاحتجاجات الشعبية في مصر، كان موقف الإدارة الأميركية داعما لمبارك الذي اعتبرته إحدى ركائز الاستقرار في الشرق الأوسط، ولكن مع تطور الوضع واتخاذ الاحتجاجات طابعا جماهيريا واسعا، بدلت الإدارة الأميركية موقفها. لا يوجد داخل البيت الأبيض خلاف حول ضرورة مغادرة مبارك. النقاش في الواقع ينصب على أربعة أمور: سرعة التخلي عن قانون الطوارئ، وسرعة المرحلة الانتقالية، وإلى أي مدى يسمح للإخوان المسلمين بالانخراط في العملية السياسية، وأخيرا هل يتنحى مبارك الآن أم يتقلد دورا مؤقتا، بينما يقوم سليمان بإدارة عملية الإصلا