تلتزم الولاياتالمتحدة الحذر مع الأزمة المتصاعدة في مصر منذ أكثر من أسبوع، دون أن تنحاز، علانية، إلى جانب أي من طرفي الأزمة، خوفا من خسارة حلفائها بالقاهرة والمنطقة بكاملها. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أبدى قلقه لمساعديه من أن أي محاولة أميركية لإقحام نفسها في الموقف، قد يؤدي إلى نتائج عكسية. وقد رفضت الخارجية الأميركية الإجابة بصراحة فيما إذا كان السفير الأميركي الأسبق في مصر، فرانك فيسنر، قد توجه إلى القاهرة بمبادرة شخصية منه، أم بتكليف رسمي من إدارة بلاده؟ ومن المفترض أن يكون فيسنرالتقى بكبار المسؤولين في مصر، قبل أن يرفع تقريرا إلى إدارة أوباما يضمنه تقييمه للوضع. ووفقا للمتحدث باسم الخارجية الأميركية ، فيليب كراولي، فإن فيسنر من الممكن أن «يشدد على ما سبق أن أبلغناه لحكومة الرئيس حسني مبارك» . وأصر البيت الأبيض على أن الرئيس باراك أوباما لا يدعو مبارك للتنحي، باعتبار أن ذلك من شأن الشعب المصري، واكتفى بمطالبته بإجراء إصلاحات سياسية واسعة تشمل حرية التجمع والتعبير والوصول إلى مصادر المعلومات، ومنها الإنترنت، وعدم التوقف عند تعيين حكومة جديدة. كما أن واشنطن حثت مصر على تحول منتظم نحو الديمقراطية لتجنب فراغ في السلطة، بالتزامن مع دعوتها المصريين لضبط النفس. وير ى مسؤولون أميركيون أن الحكومة المصرية بحاجة إلى طريق لإجراء انتخابات رئاسية موثوق فيها في شهر شتنبر القادم في إطار «انتقال منظم» ، ودعوا لإلغاء قانون الطوارئ، وإجراء مفاوضات مع قطاع واسع من المصريين بما في ذلك جماعات المعارضة. غير أن تطورات الأزمة غير المتوقعة قد تجبر الإدارة الأميركية على تغيير حساباتها وسياساتها، فقد نقلت وكالة رويترز للأنباء عن أحد المحللين -الذي حضر اجتماعا لمجلس الأمن القومي الأميركي بالبيت الأبيض- أن الولاياتالمتحدة بدأت تفكر في تأثير الاحتجاجات على المدى البعيد ، وسيناريوهات لما قد يأتي فيما بعد. وحسب الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة بروكنغز، ستيفن غراند، فإن المسؤولين الأميركيين يفكرون، على ما يبدو ، في انتقال محكم يتفادى التسبب في فراغ يمكن أن تستغله عناصر متطرفة، على حد قوله. وأضاف غراند «هذا قد يعني تشكيل حكومة تصريف أعمال تشرف على إعادة كتابة الدستور، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة». ويراقب مسؤولو الأمن القومي في البيت الأبيض أثر الاضطرابات وغموض الوضع في مصر على الأسواق المالية وأسواق النفط، وقد حذر رئيس لجنة الطاقة في مجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور جيف بنجامان، من أن الاحتجاجات المتصاعدة في مصر قد تؤثر على قدرة الولاياتالمتحدة على الحصول على إمدادات نفطية محتملة التكلفة، وكان سعر خام برنت قد قفز إلى 101 دولار للبرميل، في أعلى سعر يصل إليه منذ 28 عاما. ولم يتصل الرئيس الأميركي أوباما بنظيره المصري إلا بعد أربعة أيام من تفجر الموقف في مصر، كما أن الشأن المصري كان موضوع المحادثات الهاتفية التي أجراها أوباما مع رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز، ورئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون.