أجرى الرئيس الأميركي باراك أوباما أول أمس السبت اتصالات مع عدد من القادة الأجانب بشأن الاضطرابات في مصر في إطار تعزيز الجهود الدبلوماسية من اجل عملية انتقالية سريعة في السلطة في هذا البلد الذي يشهد تظاهرات احتجاجية تطالب بتنحي رئيسه حسني مبارك. وقال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس الأميركي أكد الحاجة إلى «عملية انتقالية منظمة وسلمية تبدأ الآن». وأوضحت الرئاسة الأميركية أن أوباما أجرى محادثات مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. وجاء هذا إعلان بينما نأت السلطات الأميركية بنفسها عن تصريحات أدلى بها المبعوث الأميركي فرانك ويزنر الذي قال إن مبارك يجب أن يبقى في منصبه خلال المرحلة الانتقالية. وكان ويزنر الدبلوماسي المتقاعد الذي يتمتع بنفوذ كبير والسفير الأسبق في مصر التقى مبارك بطلب من أوباما هذا الأسبوع. وخلال المؤتمر حول الأمن في ميونيخ, وصف ويزنر مبارك بأنه «صديق قديم» للولايات المتحدة, موضحا أنه يرى أن «بقاء مبارك رئيسا للبلاد أمر حيوي وفرصة له لتحديد ماذا سيترك (خلفه)». وأضاف انه «يجب التوصل إلى تفاهم وطني حول الظروف المناسبة للانتقال إلى المرحلة التالية», مؤكدا أن «الرئيس يجب أن يبقى في منصبه لتطبيق هذه التغييرات». لكن مسؤولا كبيرا في إدارة أوباما في واشنطن أكد طالبا عدم الكشف عن هويته إن ويزنر «كان يتحدث باسمه كمحلل وليس باسم الحكومة الأميركية». وقال البيت الأبيض إن أوباما أعرب عن «قلقه العميق حيال الاعتداءات التي يتعرض لها الصحافيون ومجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان وأكد مجددا أن الحكومة المصرية تتحمل مسؤولية الدفاع عن حقوق شعبها والإفراج فورا عن الذين اعتقلوا عن غير وجه حق». وأوضح البيان أن اوباما «شدد أيضا على أهمية حصول مرحلة انتقالية منظمة وسلمية تبدأ الآن, نحو حكومة تمثل تطلعات الشعب المصري مع إجراء مفاوضات ذات صدقية بين الحكومة والمعارضة». وأشار البيان إلى أن القادة اتفقوا على أن يبقوا على اتصال وثيق في ما بينهم. وأوضح البيان أن واشنطن اعتبرت استقالة قيادة حزب مبارك «خطوة ايجابية» في إطار البحث عن مخرج للرئيس المصري. وأشاد مسؤولون أميركيون بهذه الخطوة لكنهم طالبوا بمزيد من الإجراءات. وقال مسؤول في إدارة أوباما «نرى أنها خطوة ايجابية على طريق التغيير السياسي الضروري ونتطلع إلى خطوات إضافية». وأضاف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي تومي فيتور إنه «سيعود إلى المصريين أنفسهم أن يقرروا بشان مجرى العملية الانتقالية ونرحب بأي مرحلة جديدة تشجع هذه العملية». وفي الوقت نفسه, أكد نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال هاتفي بنظيره المصري عمر سليمان ضرورة وقف العنف واتخاذ على الفور خطوات لتامين الانتقال السياسي. وقال البيت الأبيض في بيان منفصل إن بايدن كرر موقف أوباما الذي انتقد العنف في مصر و»حض على البدء فورا بمفاوضات شاملة وذات مصداقية لانتقال لمصر نحو حكم ديموقراطي يلبي تطلعات الشعب المصري». وأكد أن «الحكومة المصرية تتحمل مسؤولية ضمان ألا تؤدي التظاهرات السلمية إلى العنف والترهيب». كما شدد على أهمية «السماح للصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بأداء عملهم المهم والإفراج فورا عن المعتقلين منهم». وفي ميونيخ, دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى دعم دولي لعملية انتقال إلى نظام ديموقراطي في مصر وحذرت من قوى يمكن أن تحاول عرقلة ذلك. وقالت إن العملية الانتقالية في مصر «ستكون أصعب إذا لم تتحل الحكومة وقوى الأمن بضبط النفس وقد شاهدنا بارتياح التظاهرات الحاشدة جدا والسلمية أمس (الجمعة) في القاهرة». وعبرت كلينتون في كلمتها أمام مؤتمر الأمن في ميونيخ عن بعض القلق على الاستقرار, في إشارة إلى تفجير أنبوب الغاز المصري. وقالت إن «هناك قوى تعمل في أي مجتمع وخصوصا في تلك التي تواجه هذا النوع من التحديات, ستحاول مصادرة العملية لتطبيق أجندتها الخاصة». وأضافت «لذلك اعتقد انه من المهم دعم العملية الانتقالية التي أعلنت عنها الحكومة المصرية التي يرئسها الآن نائب الرئيس عمر سليمان». وشددت كلينتون بذلك على أهمية دور عمر سليمان مع انه يعمل باوامر من مبارك. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أول أمس السبت نقلا عن مسؤولين مصريين أن عمر سليمان والقادة العسكريين يدرسون طرق التوصل إلى مخرج مشرف لمبارك. وقال المسؤولون انه بدلا من القيام بذلك بشكل فوري, سيتم استبعاد القوى الموالية لمبارك تدريجيا مما سيسمح بتشكيل حكومة انتقالية برئاسة سليمان للتفاوض بشأن الاصلاح مع المعارضة. وفي لندن, أعلن مكتب رئيس الوزراء البريطاني ان ديفيد كاميرون تحدث الى الرئيس اوباما السبت واتفقا على «ضرورة بدء تغييرات حقيقية وواضحة الآن» في مصر. وقال ناطق باسم كاميرون إن رئيس الوزراء البريطاني واوباما اتفقا في اتصال هاتفي مساء السبت على ان «استجابة الحكومة المصرية لتطلعات الشعب المصري عبر الاصلاحات وليس القمع, امر حيوي».