في 20 نونبر 1989، أصدرت هيأة الأممالمتحدة اتفاقية دولية حول حقوق الطفل وقعتها جل دول العالم، والتي من شأنها صيانة كرامة الطفل وحمايته من مختلف أشكال القمع والتعذيب.. وكون المغرب أحد الشركاء فيها، أصدر قوانين ملزمة، خاصة القانون الجنائي رقم 108: «يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من جرح أو ضرب عمدا طفلا دون الخامسة عشر من عمره...» ويعتبر هذا إنجازا ومكسبا للطفولة المغربية خاصة، والعالمية بصفة عامة. ولاشك أن المدرسة هي الفضاء الأنسب لتمرير هذه الحقوق إلى الأطفال من أجل تبنيها والدفاع عنها. لكن تحتار النفوس عندما تجد دور هذه المؤسسة التربوية ينقلب من معلم ومدافع عن هذه الحقوق، إلى وحش ضار يفتك بها، مكشرا عن أنيابه ومستعرضا حيوانيته أمام فريسة واهنة ما لبث أبواها حتى أودعاها إياه لقمة سائغة، دون أن يعيا تماما ذنب ما اقترفاه، بل ظنا منهما في ضمان مستقبل مشرق لولدهما، وخفي عنهما أن معظم الأقسام في المدرسة المغربية اليوم، أصبحت حلبات للصراع، الرابح فيها طرف واحد، بحكم قوته الجسدية وسلطته يتفنن في تعذيب خصومه وإشباعهم ضربا (الفلقة، التحميلة...). وهذا الدور الخطير الذي تقمصته المدرسة أصبح يهدد بكارثة حقيقية، تتمثل بالخصوص في المعاناة النفسية للتلاميذ وهدر مدرسي الآلاف منهم، مما قد يعيق مطلب الدولة في تعميم التمدرس والحفاظ عليه. طبعا لا ننكر فضل المعلم ودوره الفعال والمحوري في تقدم الأمم، كما أننا لا نلقي اللوم على الجميع. بل نشير بأصبع الاتهام إلى من يمارس أساليب التعذيب والقمع على أطفالنا الذين ماتزال أعينهم تترقرق بالبراءة وحب الحياة. لذلك أظن أنه قد دقت ساعة الصفر لتتحرك ضمائر المسؤولين لتفعيل تلك القوانين في وجه من سولت له نفسه ارتكاب هذا الجرم وإنزال أقسى العقوبات عليه، حين ذاك تطمئن قلوبنا على فلذات أكبادنا وتعود ثقتنا بالمدرسة المغربية، وحين ذاك نستطيع تلقين أطفالنا قول الشاعر: «قم للمعلم وفه التبجيلا... كاد المعلم أن يكون رسولا