احتفل المغرب بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.وتميز الاحتفال هذه السنة بمشاركة كل الأوساط السياسية والحقوقية والثقافية والإعلامية.كما تميزت المناسبة بين طرفي صراع حول واقع حقوق الانسان بالمغرب،بين التصادم،وحق المصادرة أحيانا، بين موقف هجومي بلغة حادة ولهجة متصاعدة، وموقف دفاعي بلغة هادئة وتبريرية وسفسطائية. "" وبنفس المناسبة العالمية احتفلت اسر معتقلي الرأي والعقيدة أو ما يسمى السلفية الجهادية بوقفة احتجاجية أمام المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.كما ألقى تقرير منظمة العفو الدولية حول تعذيب موريتانيين من طرف رجال امن مغاربة في موريتانيا بظلاله تزامنا مع الذكرى.ووسط هذه الاحتفالات تحدث الكل بين المدح والذم،بين النظرة الوردية والنظرة السوداوية،بين التفاؤل واليأس.وكان الاحتفال بالذكرى في وسائل الإعلام المرئية يعكس واقع حقوق الإنسان في مفهوم العهد الجديد، حيث تحدث الجميع وغيب أهم عنصر في هذه الاحتفالات وهم ضحايا التعذيب والانتهاكات الجسيمة في الحاضر. الهروب إلى الأمام احتفل المغرب بهذه الذكرى معلنا عن مبادرة سحب التحفظات على الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التميز ضد المرأة. وان كان هذا العمل يعتبر انجازا كبيرا،فيرجع الفضل فيه إلى نضال الجمعيات الحقوقية أولا،والضغط الدولي ثانيا.والانجاز الأعظم الذي كان ينتظره المغاربة واقعيا هو القضاء على كافة أنواع التميز ضد الإنسان المغربي المسلوب الإرادة والحرية والكرامة.لا احد يجادل في كون المغرب عرف فسحة في الحقوق السياسية والمدنية،لكن سرعان ما ضاق صدر الحكام بالانتقادات،والنخب التي تسير في فلكها. مع سقوط حائط برلين وجدت الأنظمة الشمولية نفسها أمام رياح التغير.فعرفت جل الدول العربية أزمات سياسية واجتماعية في بداية التسعينات،حيث تعالت أصوات داخلية تندد بالأوضاع المزرية اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا،مما استدعى المطالبة بإصلاحات سياسية وفي مقدمتها المنظومة الحقوقية والديمقراطية والتنمية ،حيث كان إعلان 1986 الذي جعل من التنمية حق من الحقوق.كما صرح بذالك السيد الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان في مؤتمر قمة الألفية،حيث ربط بين الديمقراطية وحقوق الإنسان انطلاقا من كون" الديمقراطية حق من الحقوق لا يمارس أي حق إلا في مناخ ديمقراطي". هذا التحول في الجهاز ألمفاهيمي لحقوق الإنسان،جعل الجميع يدرك انه للقيام بأي إصلاح سياسي في الدول العربية لابد أن يبدأ من المجال الحقوقي،حيث هو المفتاح للحد من سلطوية الدولة وتعنتها وجبروتها،عن طريق كتم حرية التعبير والرأي الأخر. فكان رد فعل الحكومات العربية كفعل دفاعي بإنشاء مؤسسات حقوقية وفتح كثير من الاوراش الإصلاحية، كما وقع في المغرب في عهد الراحل الحسن الثاني،حيث كان المغرب سباقا في الدول العربية إلى إنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سنة 1990،وثم إطلاق سراح المعتقلين السياسيين في غشت1991 ويوليوز 1993وماي 1994. وإحداث وزارة مكلفة بحقوق الإنسان في 1993، فالمجلس الاستشاري لتتبع الحوار الاجتماعي في 1994. كما التزم المغرب في دستور 1992 المعدل في سنة 1996في ديباجته بالتنصيص على الالتزام بحقوق الإنسان، و في دجنبر2001 ثم إحداث مؤسسة ديوان المظالم كوسيط بين المواطنين والإدارة لمعالجة تظلماتهم.ثم هيئة " المصالحة والإنصاف " في يناير 2004، ورفع التحفظات على اتفاقية مناهضة التعذيب. جاء الإعلان عن هذه الإصلاحات بعد سنوات من الإخفاقات السياسية والفساد الاقتصادي والاختيارات الفاشلة إلى حد أصبح المغرب على مشارف ما سمي أنداك بالسكة القلبية،باعتراف ملك البلاد آنذاك وكل الأحزاب المغربية،فرافق هذا الإصلاح ما سمي بحكومات التناوب والتوافق وكان على رأسها السيد عبد الرحمان اليوسفي سنة 1998. فكان الإعلان عن هذه الإصلاحات بمثابة الدواء أو الوقود للاستمرارية شرعية الحكم، وطريقة لتهدئة الأوضاع والفئات الغاضبة. فكان المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان،من بين أهم الإصلاحات بطلب من القصر الملكي، بالإضافة إلى أن ميزانية المجلس تابعة لميزانية القصور.وهذه ملاحظة لا يمكننا إغفالها في استقلالية هذا المجلس من حيث النشاءة والتدبير المالي. الذي يترأسه السيد احمد احرزني.حيث بالمناسبة يرى أن المغرب يعرف تطورا ايجابي،وحالته جيدة بخصوص الحقوق المدنية والسياسية،وزمن الانتهاكات في المغرب قد انتهى. - أن المغرب قطع مع ماضي الانتهاكات حيث يصرح: " يجب أن يكون واضحا أن هيئة الإنصاف والمصالحة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان اهتما، ويهتم المجلس الآن، بطي صفحة الماضي وبالتأكد من أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لم يعد لها مكان في البلاد". -انتهاكات محدودة حيث يقول: " أما أن تكون هنالك بعض الانتهاكات الفردية والمحدودة، فهذا يمكن أن يقع في أي بلد أخر". - الاعتقالات في المغرب حصلت وفق القانون حيث يصرح: "الذي حصل هو انه كانت، هناك أعمال إرهاب في المغرب، وفي هذا الإطار وقعت اعتقالات تتم بصفة عامة وفقا للقانون". وفي نفس السياق نجد تصريح السيد شكيب بن موسى وزير الداخلية بمناسبة تخليد الذكرى الستين في عرض قدمه بالمناسبة بالرباط يوم 23 /12/2008.كما نقلتها جريدة الصباح. ′′إن ما تنقله بعض المنابر الإعلامية والمنظمات الوطنية والدولية من تقارير أو بيانات تتضمن ادعاءات بوقوع اختلالات في مجال حقوق الإنسان غالبا ما تنتج عن تجميع معلومات غير مدققة، ولا تراعي التحري في شانها عبر الاتصال المباشر بالسلطات العمومية، قصد الإفادة بحقيقة الأحداث.وفي معرض حديثه لا ينكر السيد الوزير عن وقوع بعض التجاوزات لكنها تبقى محدودة ،أمام المسؤولية الجسيمة للمصالح ومن مبدأ حرصها عن الدفاع على أسمى حق ضمن الحقوق وهو الحق في الأمن.′′ لا ادري كيف يرى السيد وزير الداخلية أن هناك حق أسمى من حق رغم أن المواثيق الدولية لم تجعل من فلسفة الحقوق تفضيلا بينها عملا بالمادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:" لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه". من خلال ما لاحظناه من تباين في التصريحات بين الجمعيات الحقوقية والتوجه الرسمي حول الواقع الحقوقي بالمغرب، يفرض علينا مجموعة من الاستفهامات: - اما صوت السيد شكيب بن موسى لم نسمع له صدى عن تقرير منظمة العفو الدولية،في اتهامها للجهاز الأمني المغربي حول تعذيب موريتانيين؟. حصيلة واقع حقوق الإنسان: سنقوم برصد بعض الانتهاكات الجسيمة من خلال المصادر التالية،جمعيات ومنظمات حقوقية وطنية ودولية، بيانات الأشخاص الذين تعرضوا للانتهاكات من تعذيب وتلفيق للتهم ، وكذلك الصور المنشورة في صفحات الجرائد الوطنية ،ومواقع الشبكة العنكبوتية،أمام شهادة السيد احمد احرزني والسيد شكيب بن موسى وزير الداخلية. المس بالمقدسات عرف المغاربة مع شعارات دولة الحق والقانون استمرار تهمة المس بالمقدسات التي ذهب ضحيتها الشيخ المسن والمقعد المرحوم احمد ناصر الذي توفي في السجن بعد الحكم عليه بأيام معدودة،وكذلك السيد محمد بوكرين البالغ من العمر 72 سنة برفقة 9 من أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتهمة المس بالمقدسات،وتهمة زعزعة الحكم الملكي حسب منظمة العفو الدولية. وقبلهم ثم اعتقال خمس أعضاء من نفس الجمعية الحقوقية بنفس التهمة المس بالمقدسات،بل إن تهمة المس بالمقدسات وتهمة الإخلال بالاحترام الواجب للملك طال أحيانا مواطنين يعانون من أمراض عقلية ونفسية كما وقع في مدينة اليوسفية. الاحتجاجات عرفت جل الوقفات الاحتجاجية السلمية،تدخل القوة العمومية بوحشية مستخدمة كل أنواع الانتهاكات من ضرب واعتقال وتلفيق التهم، كما جرى في مدينة صفرو، حيث اعتقل ثلاثة أعضاء من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مع 44 مواطنا بينهم أطفال.وسكان مدينة سيدي ايفني الذين أصبحوا بعد الوقفة الاحتجاجية ضد الأوضاع المزرية للمدينة من تهميش وبطالة،يعيشون حالة طوارئ وحصار داخلها، حيث جز بالنساء والرجال والأطفال إلى مخافر الشرطة،وشهادات الضحايا اطلع عليها عموم المغاربة في الجرائد الوطنية،وصور الانتهاكات والتعنيف والضرب على مواقع الشبكة العنكبوتية،ومحاكمة الأستاذ إبراهيم سبع الليل عضو المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان،على خلفية أحداث سيدي ايفني. ولا نبالغ إن قلنا جل الوقفات الاحتجاجية تقابل بالضرب والرفس كفعل انتقامي من جانب السلطة العمومية،ثم السجن كدرس لكل من سولت له نفسه الاحتجاج يوما ما. وعلى نفس المبدأ تقابل كل وقفات المعطلين، وكذلك جمعية المكفوفين وغيرهم بنفس الأسلوب الانتقامي.كما يعرف الحرم الجامعي الكثير من الاعتقالات وخصوصا في صفوف مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. حتى التجمعات العمومية ثقافية كانت أو غيرها ،لم تسلم من المنع والحظر في كثير من الأحيان ولاسيما عندما ترتبط بأسماء مغضوب عليها في عرف السلطة، كندوات الدكتور المهدي المنجر. والاجتماعات التربوية أو مجالس النصيحة التي تذهب بأصحابها إلى السجن،كقضية السيد منير الركراكي عضو مجلس أرشاد جماعة العدل والإحسان. وكما تقول أيرين خان الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية في التقرير السنوي 2008 " إن الناس القلقين والغاضبين لن يسكتوا وان القادة لن يلوموا إلا أنفسهم إذا ما تجاهلوهم". حرية الصحافة عرفت الصحافة الوطنية تضييقا وتطويقا وحدود حمراء غير معلن عنها بخصوص الصحافة المكتوبة والصحافة الالكترونية،ظهرت من خلال اعتقالات صحافيين ومحاكمات جرائد بغرامات مالية أحيانا خيالية، وتعنيف وضرب صحافيين أتناء ممارسة مهنتهم كتغطية أحداث وطنية واجتماعية وسياسية. إذن هذه بعض مظاهر التراجع المسجلة انطلاقا من أحداث ضد الصحافة يعرفها الكل تبدأ من المنع أو الطرد من المهنة إلى الاعتقال الاحتياطي إلى السجن إلى الغرامة المالية،وأحيانا منع الجرائد أو المجلات موضوع المتابعة من الإصدار.ضد شعار حرية الصحافة والحق في الخبر،وحرية التعبير والتأكيد على التزام المغرب بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى وجود قانون الصحافة وشرف المهنة،والرقابة القبلية والبعدية التي يفرضها ضميروأخلاقية المهنة. جل المتابعات القضائية تتمحور حول المقدس السياسي والمقدس الديني والأخلاقي حسب النقابة الوطنية للصحافة المغربية.وسنورد بعض حالات المحاكمات التي عرفها الجسم الصحافي بالمغرب: -الحكم على عبد الله الشطيبي مدير جريدة الأحداث الجهوية الصادرة بجهة مراكش تانسيفت، بثلاثة أشهر وغرامة قدرها 25 ألف درهم والمنع من مزاولة المهنة لمدة عام على إثر شكاية وجهها ضده أحد وجهاء المدينة. والمنع من مزاولة المهنة حكم قد طال الصحافي علي المرابط سابقا. - اعتقال مدير أسبوعية"الوطن الآن" الصحافي عبد الرحيم اريري والصحافي مصطفى حرمة الله على خلفية نشر ملف تحت عنوان " التقارير السرية التي حركت حالة الاستنفار في المغرب" في شهر يوليوز 2007.وحكمت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء حكما يقضي بثمانية أشهر سجنا نافذا في حق مصطفى حرمة الله وستة أشهر سجنا موقوفة التنفيذ في حق عبد الرحيم أريري.وما يؤسف له في هذه القضية هو الانتهاك السافر وللإنساني في حق الرضيع سفيان ابن الصحافي حرمة الله وزوجته اللذان احتجزا في الغرفة المجاورة،كطريقة ضغط على أعصاب مصطفى حرمة الله أثناء استنطاقه بكوميسارية المعا ريف. وحسب ما نقلته بعض الصحف الوطنية على لسان حرمة الله انه طول الليل يسمع بكاء طفله، ومدة احتجاز الطفل وأمه تجاوزت 10 ساعات. - متابعة الصحافي احمد رضا بن شمسي بدعوى أن العدد 113و114 من مجلتي" نيشان" "وتل كيل" تتضمن عبارات تتنافى مع الأخلاق والآداب العامة وتمس مشاعر المسلمين والاحترام الواجب للملك - متابعة مدير جريدة ملفات تادلة بتهمة "نشر نبأ زائف و ادعاءات ووقائع غير صحيحة، أخلت بالنظام العام وأثارت الفزع بين الناس". وذلك إثر نشر الجريدة لمقال افتتاحي في عددها الصادر في أبريل 2007 تحت عنوان: "هل حقا ما يقع في المغرب إرهاب". - الحكم على جريدة المساء بغرامة 600 مليون، بتهمة القذف في حق أربعة وكلاء للملك في القصر الكبير وقضت المحكمة أيضا بتغريم المساء 120 ألف درهم لفائدة الخزينة العامة. - الحكم على الصحافي حسن راشيدي مدير مكتب قناة الجزيرة بمبلغ قيمته 5000درهم من اجل تهمة نشر أخبار زائفة في قضية سيدي ايفني. - دعوة السيد احمد احرزني ضد الجريدة الأولى المغربية لوقف نشر مقتطفات من أرشيف هيئة الإنصاف والمصالحة. - الحكم الثاني على نفس الجريدة بوقف نشر شهادات مسؤولين مغاربة حول حقبة حكم الحسن الثاني. - اعتقال المدون المغربي محمد الراجي بسبب نشر مقالا يحمل عنوان " الملك يشجع الشعب على الاتكال" في موقع هسبريس الإخباري،بتهمة الإخلال بالاحترام الواجب للملك. أم الاعتداء على الصحافيين من طرف القوة العمومية نذكر مثال واحد،حيث تعرض ثلاثة صحافيين اثنا تغطيتهم لوقفة احتجاجية أمام البرلمان تندد بارتفاع أسعار المواد الغذائية،منهم منير الكتاوي من أسبوعية "الوطن الآن" ،ومراسل المحطة البريطانية "بي بي سي" الصحافي مصطفى بقالي،ومحمد حمراوي من أسبوعية "لاغازيت دو ماروك". حالة التعذيب أما التعذيب في المغرب تكفينا قضية المهندس فؤاد مرتضى الذي نقل صورة عن طريقة التعذيب الذي مورس عليه في إحدى الصحف الوطنية، والعقاب الجماعي او التعذيب الجماعي كما نقلته اللجنة المحلية لدعم معتقلي وضحايا سيدي ايفني في رسالة مفتوحة الى السيد وزير العدل بتاريخ 22/11/2008، جاء فيها"وقوع اعتداءات بالضرب والجرح، اهانة النساء وتجريد اغلبهن من الملابس في محاولة لاغتصابهن حيث تحمل أجسادهن أثار الضرب المبرح..... ". وصورة سجين عين قادوس بفاس، شبه عاري وهو مصفد اليدين منهوك القوى نتيجة التعذيب، الذي توفى بعد أيام،ضد كل المواثيق الدولية ليس الإنسانية فحسب،بل حتى الحيوانية التي تجريم التعذيب /ضد الحيوانات /،وكذلك ضد قانون السجن وعملية إعادة التربية والإدماج.بل ضد المادة الثانية من اتفاقية مناهضة التعذيب:"لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة ا لأخرى كمبرر للتعذيب". وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نجد في المادة الثانية " لايعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة." وفي قرار مجلس جامعة الدول العربية بالمصادقة على الميثاق العربي لحقوق الإنسان تحت رقم 6405بتاريخ 4/3/2004بالموافقة على الميثاق العربي لحقوق الإنسان، نجد في المادة 8 " 1– يحظر تعذيب أي شخص بدنيا أو نفسيا أو معاملته معاملة قاسية أو مهينة أو حاطة بالكرامة أو غير إنسانية. 2- تحمي كل دولة طرف كل شخص خاضع لولايتها من هذه الممارسات ، وتتخذ التدابير الفعالة لمنع ذلك وتعد ممارسة هذه التصرفات أو الإسهام فيها جريمة يعاقب عليها لا تسقط بالتقادم. كما تضمن كل دولة طرف في نظامها القانوني إنصاف من يتعرض للتعذيب وتمتعه بحق رد الاعتبار والتعويض. أما في قضايا الإرهاب فحدث ولا حرج فمن الاختطاف إلى التعذيب إلى تزوير تاريخ الاعتقال إلى تلفيق التهم حسب شهادة جل المعتقلين على ذمة الإرهاب وغيره.و تقرير منظمة العفو الدولية عن جهازنا الأمني الذي أصبح الجميع يشهد بكافاته السادية في التعذيب كما جاء على لسان معتقلين موريتانيين،وشهادة بعض معتقلي الأجهزة الأمريكية في ملف الإرهاب الذين تم استنطاقهم على هذه الأرض، وقد سبقهم إلى هذا الاعتراف كل مغربي حل ضيفا على الفرقة الوطنية والمخابرات المدنية وغيرهما. ا كل هذا حالات فردية ،واعتقالات وفق القانون على حد قول السيد احمد احرزني؟. أم هي معلومات غير مدققة كما جاء على لسان وزير الداخلية؟. فمن نصدق إذن من يتحدث عن حالته باسمه مدعومة بشواهد عن أماكن وأسماء الجلادين، أم من يتحدث بالعموميات والتعتيم؟. في تقرير هيئة متابعة ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب ( الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف). جاء في مذكرة تقييم أولي لهيئة الإنصاف والمصالحة بتاريخ يونيو 2005. ′′أن المغرب في سنة 2003 عرف بعد أحداث 16 مايو الإرهابية منحا تراجعيا، حيث ظهرت مرة أخرى مظاهر خطيرة لانتهاكات حقوق الإنسان من مثل ممارسة الاختفاء، وممارسة التعذيب، واحتجاز المشتبه فيهم في أماكن سرية، وإجراء عدد من المحاكمات انتفت.في العديد منها إجراءات المحاكمة العادلة. كما عرف المشهد الإعلامي عددا من المضايقات و اعتقال بعض الصحفيين,. ومحاكمتهم بمقتضى القانون الجنائي أو قانون مكافحة الإرهاب. وشكل اعتماد قانون مكافحة الإرهاب بشكل متسرع، باسم التفاعل مع ما يجري دوليا على مستوى مكافحة الإرهاب انزاحا عن الاتجاه نحو حماية حقوق الإنسان.′′ وفي تقرير 2004 كما قدمته منظمة هيومان را يتس ووتش، بعد رصد جملة من الانتهاكات في أعقاب 16مايو "وقد تجاوبت السلطات المغربية إيجابياً مع انتقادات وجهت لها في مجال حقوق الإنسان في 2004. وقد أعربت عن نيتها في تقديم مسودة قانون يجرم التعذيب وفي سحب تحفظاتها الرسمية التي أدلت بها خلال تصديق عدد من المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. كما تعهدت أن تجري التحقيق عندما تتقدم لها منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية بأدلة عن التعذيب". إن الانتهاكات التي عرفها ملف الإرهاب في المغرب صرح بها ملك البلاد،في حين أنفاها السيد احمد احرزني والسيد وزير الداخلية شكيب بن موسى وشهادات كثيرة عن اختطافات وتعذيب وتلفيق تهم ومحاكمات صورية. لنفرض جدلا ان الجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية تجانب الصواب وتكذب،وكذلك شهادة المعتقلين في منابر إعلامية وطنية ودولية. ما قول السيد احمد احرزني عن مبادرته الموجهة لمعتقلي ما يسمى السلفية الجهادية من خلال ثلاثة شروط لمغادرة السجن، دون الاستشارة مع المجتمع المغربي المستهدف حسب التهم الموجهة لهم؟. وما قوله في عدم التصريح لتكذيب ما يروج في الصحافة من شهادة معنفين أو معذبين أو فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات؟..بل ما قول السيد احمد احرزني في تعذيب طلبة مراكش،وما لحق بهم من انتهاكات نفسية وجسدية،كما صرح بعضهم؟. وبخصوص تصريح السيد شكيب بن موسى وزير الداخلية حول كون بعض الجمعيات الحقوقية والدولية وزيد عليها الجسم الصحافي الوطني في نشر كما قال بعض الاختلالات ومعلومات غير دقيقة. يكفينا مثال واحد في كون الدولة تتعامل مع المواطنين المغاربة بقاعدة الوصاية كأننا أغبياء أو مرضى عقليين أو مجتمع قاصر. - قضية الحوار الجاري مع معتقلي ما يسمى السلفية الجهادية، فكل الجرائد تتكلم والسيد الوزير لم يدلي ولو بمعلومة واحدة؟.نفس الشيء بالنسبة لتقرير منظمة العفو الدولية حول التعذيب،واتهام عناصر أمنية مغربية؟ وعموما اعتدنا عن أنصاف الحقيقة، فقضية ما يسمى الهروب الكبير لتسعة معتقلين من السلفيين سمعنا رواية الدولة، وتتبعنا بعض تفاصيل الهروب على لسان المعتقل عبد الهادي الذهبي،الذي اشرف على عملية الهروب.و بين الروايتين اكتشف عموم القراء طول مدة فرار المعتقلين والجرائد كانت تنشر حقائق وهمية من مصادر تصفها بالموثوقة. فحقوق الإنسان لا يمكن الحديث عنها دون تحقيق حقوق المواطنة،التي هي أول ما يتم انتهاكه في هذا البلد انطلاقا من خاطب التصادم،وحق مصادرة الرأي الأخر انطلاقا من إشهار ورقة الخروج عن الثوابت، والامتثال للمقدس الديني والسياسي والأخلاقي، والطعن في وطنية كل من يعارض هذه المعادلة السحرية ذات الخصوصية المغربية، بذريعة حماية امن المجتمع المغربي سياسيا وروحيا. أن السعي لتحقيق مجتمع ديمقراطي، لن يتأتى إلا بحسم إشكال المنظومة الحقوقية بين القانون والسياسة، فحرية التعبير والاحتجاج وغيرهما حقوق مكفولة بالقانون،لكنها محرمة سياسيا.كما أن الحقوق جزاء لا يتجزأ بين المبادئ الكونية الإنسانية والسياسية والأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية والدينية.فالقيود المفروضة على ممارسة الحق هي انتهاك ضد الحقوق باسم القانون. وكما تقول السيدة ايرين خان الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية بمناسبة الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان: « أن الحريات لم تتوطد بعد، وما زالت تتعرض للتهديد، وتحتاج إلى اليقظة والحماية على الدوام..... ولكن عليها وهي تقوم بحماية الناس أن لا تكرر أخطاء الحرب على الإرهاب، التي قادتها الولاياتالمتحدة. فاعتقال الأشخاص دون سقف زمني، واحتجازهم خلف قضبان اللاقانون في سجون مثل معسكر غوانتانامو، وغض الطرف عن التعذيب أو التغني بالحق في ممارسته، وإضعاف الإجراءات الواجب مراعاتها وحكم القانون، لا يمكن أن تكون الطريق إلى المستقبل. فالمجتمعات الحرة تتعرض للهجمات على أيدي الإرهابيين بالضبط لأنها حرة. وتعريض حرياتنا للتآكل باسم الأمن هو النصر المؤزر الذي نهديه بأيدينا إلى الإرهابيين." ان صيانة حقوق الإنسان مقابل الأمن الاجتماعي وحماية المجتمع،لا يمكن تحقيق هذه المعادلة بالشعارات،وإنما باحترام الإنسان كانسان له حقوق وعليه وجبات في إطار سيادة القانون والعدالة الاجتماعية والأمن القضائي وهي محددات دولة الحق والقانون وفي حالة العكس إننا نعيش عبثية بالمطلق.وكما يقول الأستاذ عبد الرحيم الجامعي "انعدام الأمن القضائي للمتقاضين هو اكبر تهديد للمغرب،إذ أن مصداقية المغرب ومؤسساته وسلطاته واقتصاده ومستقبله كلها وهم وخيال مادام الأمن القضائي وهما وخيالا." فالحديث عن الحقوق في المغرب بنظرة أمنية،وفرض توجه الدولة على المواطن كاختيارات وطنية، لا يمكن الخروج عنها.مثلها مثل القول إن فرض النظام العام أي سيادة القانون والأمن العام هو الجسر لتحقيق دولة ديمقراطية ودولة الحق والقانون.مهما اتفقنا حول هذه النقطة يبقى الضامن لتحقيق المجتمع الديمقراطي هو سيادة القانون والقضاء العادل، فشرط تحقيق الأمن العام هو تحقيق الأمن القضائي أي تحقيق عدالة ذات مصداقية وقضاء مستقل. من الوهم أن نتصور انتقال ديمقراطي،دون إصلاح سياسي حقيقي.فالنظام الديمقراطي ليس وسيلة ولا غاية.كذلك حقوق الإنسان ليست شعار يرفع،وليست حقوق تمنح بقيود.فادا كانت الديمقراطية حسب المفكر والكاتب فرانسيس فوكوياما:" هي أسوأ أنواع الحكم الممكنة،وفي ظل نظام الديمقراطية من الممكن أن نتكلم مع بعضنا البعض . المشكلة قد يكون هناك بعض الفساد، من بعض المجموعات، ومن بعض السياسيين.من جانب آخر أن هناك شيئا واحدا تقدمه الديمقراطية وهو عملية إبداء الرأي والتعقيب، والناس هم الذين يقومون باتخاذ قراراتهم وبفاعلية". إذا اعتبرنا الديمقراطية هي الحوار وإبداء الرأي والتعقيب، فإنها بهذا المعنى تعتبر نظاما تمارس فيه الحقوق كلها غير مجزأة، ذلك أن القيود المفروضة على ممارسة الحق لا يجب أن تقيد جوهره أو تعرضه للانتهاك باسم القانون. أو فرض اختيارات بعض النخب المغربية في تحقيق مجتمع ديمقراطي وحقوقي حسب مفهومها، كما قال الدكتور محمد ضريف في جريدة المشعل العدد 178 "أن هناك نخبا داخل المغرب من يعيش على الإرهاب ، وهناك أمنيون يرغبون في أن يستمروا في فرض سلطتهم.كما أن هناك سياسيين لايرغبون في دمقرطة الحياة بشكل عام وبالتالي فمصادرة الحريات أحيانا يجد مبررا مفاده أن هناك خطرا إرهابيا يجب منحه الأولية′′. إن الانتقال الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان،لا يمكن الإشادة بهما إلا بسيادة القانون،وخصوصا في مجال العدالة الجنائية حيث يكون الفرد عرضة لبعض الإجراءات الغير قانونية كالخطف والاعتقال والتعذيب ومحاكمة الفكر والرأي والمعتقد......قد نختلف فيما يعتبره البعض من الديمقراطية من مفاهيم لها خصوصية، لكن القيام الإنسانية والحقوق ذات النظرة الكونية لا تدخل فيها اعتبارات سياسية، ضد كرامة وحرية وكينونة الإنسان.