عند قراءتها لرواية ما أو مشاهدتها لفيلم فإن هذه القراءة و المشاهدة لا تمران مرور الكرام. لقد عودت نفسها في كل مرة تتناول عملا أدبيا, أن تبحر في حبكة القصة و أن تستشف تيمات هذا العمل و أن تمعن في أبعاد شخوصها سيكولوجيا و اجتماعيا و أن تنتقد أيضا النهاية أو أن تتخيل بنفسها نهاية مخالفة. تمعنها و تحليلها لصيرورة الأحداث تمنحها القدرة على إدراك ماهية الأشياء و التعمق أكثر. هناك من يكتفي بالمشاهدة أو بالقراءة فقط و لا يكترث لأمر المناقشة أو اكتساب حس التأمل و هناك من لا يقرأ قط. ليست ناقدة كي تحكم على عمل ما بالنجاح أو بالفشل. ففي كل مرة, تبحث عن حقائق غير التي ذكرت أو على الأقل تصنع فلسفتها داخل عالمها الخاص وهنا يبدأ الاستنباط و التخيل. هي قصة لم تقرأها و لم تشاهدها سينمائيا. بل هي قصة إنسان حكيت لها صوتا عبر الهاتف. استمعت لفترة طويلة و فيها أحست بمتعة السرد مخالفة لما تقرأه أو تشاهده. ناقشت و حللت مباشرة مع السارد. هو شاب في مقتبل العمر و من أسرة ميسورة الحال. شاب قص ما حصل له بتلقائية و من دون خجل. أخرج كل ما بصدره و عزم أن يروي حياته لإنسانة مجهولة لم يراها و لكن فقط يسمع صوتها عبر الهاتف. شاء القدر أن يغير حاله بسبب طمعه وجشعه. وأصبحت حياته جحيما بعدما خسر كل شيء. كثيرون هم يحلمون الوصول إلى القمة, فبأي طريقة يعتلون الصعود أو بالأحرى هم يعتلون على حساب الآخرين. يظنون أنهم يبنون سعادتهم في لمح البصر. لكن ما يحسبون أنهم يلقون أنفسهم في النار. وهو الآن نادم على ما اقترفت يداه من أخطاء و يحاول إصلاح ما فاته لعل الزمن يرحمه قليلا. كانت تستمع إليه منذ بداية المكالمة إلى أن يفترقا، ما كانت تتكلم إلا قليلا. كان حديثه يدوم طويلا قد يصل إلى ساعة أو ساعتين و كانت نبرة صوته رقيقة و حزينة تطبعها الندم و مراجعة الذات. في البدء، كان اتصالها به خطأ و من ثم أصبحا صديقين يتبادلان أطراف الحديث و كأنهما يلتقيان كل يوم رغم أنه مقيم في بلد آخر. هي ليست علاقة حب ، بل هي مجرد دردشة فقط، فحين يشعر الإنسان بالرغبة في التكلم مع أي شخص و حين تحبس أنفاسه بسبب أخطاء لو عاد به الزمن للوراء ما اقترفها و حين يحس بالضعف و القهر و حين الوحدة ترديه قتيلا، يبدأ هنا مشوار الحكي و الفضفضة قصد ترتيب الأوراق من جديد. اشتغل في أكبر شركات البنوك بعدما حصل على شهادات عليا في التجارة و التسيير. كان الفتى الشاب الوحيد والمدلل لوالديه وكان يطمح اعتلاء القمة في وقت وجيز. ينحدر من أسرة أصيلة و برجوازية .والده, ذو مكانة متميزة في البلاد, يكن له الكل الاحترام و التقدير و لا تقل عنه والدته في كونها واحدة من أهم سيدات المجتمع و أكثرهن شأنا. لها أنشطتها الخاصة في اللقاءات النسائية و النضالات الحقوقية. نعم الشاب عيشة الرقي و الرفاهية في وسط عائلي نخبوي .لم يعرف معنى الحرمان و لا معنى المسؤولية. كيف ذلك و قد نشأ تحت أجنحة والديه و كل المطلوب مستجاب. كان عنيد الطباع و عرف عنه أيضا المزح و الضحك . وكانت له علاقات نسائية عابرة.عشق الرقة و الأنوثة و الجمال فسحرهن بكلامه العذب. ضحكت حين قال أنه الشاب الجذاب الساحر. فتح ذراعيه للحياة و هو غير مبال بما سينعم له الزمن في يديه. و ككل شاب في الثلاثين من عمره, حلم بتحقيق ذاته و فرض وجوده في سوق الشغل كمسئول له وزنه في البنك وبحكم سمعة عائلته المحترمة. فأراد تحقيق ثروة مالية خيالية في سرعة زمن قياسية. تعلم أن المال يصنع هبة الإنسان و احترامه. لم يتسن صعود سلم الرقي خطوة خطوة بل حياة الترف و اللامبالاة جعلته يتلاعب بمستقبله و يخوض مغامرات الغش و التدليس. في إحدى الأيام, جلس صباحا مع والده يتناولان الفطور سويا, تبادلا الحديث كالعادة. تحدثا عن أحوالهما و عن أحوال البلاد. كانت علاقته بوالده طيبة. فهو و بطبيعة الحال, هو من وظفه في البنك انطلاقا من علاقاته الخاصة عبر الوسائط .لم يخف بأن والده كان في بداية حياته رجلا عصاميا وقد كون نفسه بنفسه. لم تكن لديه فكرة الوسائط أو المصالح في علاقاته لكن حسب ما قال إن أباه ساعده في توظيفه كدفعة للأمام من ثم تركه ليحقق ذاته بنفسه. رغم لقاءهما معا من حين لآخر إلا أن الولد” المطيع” كان يخفي الكثير من الأمور عن أبيه. لم يرد أن يدخله في أمور العمل حيث أضحت للشاب علاقات غير مشروعة مع عدة أطراف في الشركة وبما أن مديره صديق والده إلا وأنه يخفي أمورا عديدة عنهما. ” ما أخبارك عزيزي .أراك مشغول و مختفي هذه الأيام. كيف حال عملك” – رد الشاب مبتسما : – ” الحمد لله كل شيئ على ما يرام. انشغلت في أمور الشغل و أضطر أن أجلس هناك لوقت متأخر. قال الأب : – “أعانك الله يا بني. أعلم أنك لن تخذلني. كن حازما و اعتمد على نفسك و كن صبورا سيعطيك الله خيرا”. .” تأكد والدي أنني سأنجح في حياتي و ستراني ذو شأن كبير” – و فيما يخص والدته الحنون, فإنها السيدة التي تدلل ابنها الوحيد في صغره و في كبره و التي طالما تباهت به أمام كل النساء. و رغم انشغالاتها بالمجالس النسائية و الندوات إلا أنها كانت دوما حريصة أن تجد له زوجة المستقبل وسط هذه المجالس. تبحث عن زوجة تليق بمستواهم و بمكانتهم الاجتماعية. و في كل مرة, تأتي له باقتراحات فلانة بنت فلانة و فلانة صاحبة فلانة و تشجعه أن يحضر و لو لقاءا واحدا من أجل أن يتعرف عليهن. لكن كان دائما يرفض طلبها بحجة أنه لا يفكر في الزواج حاليا أو حتى و إن تزوج لن تكون بهذه الطريقة التقليدية. بآذان صاغية, استمعت الكثير إلى حكاية علاقاته مع أبويه. علاقة حب و دلال الوالدين لابنهما الوحيد و حلمهما أن يصبح رجلا ذو هبة و مكانة مرموقة مثلهما. لم يقصرا في شيء. ربما كان الإفراط في الحب و الدلال هو الخطأ الوحيد في ضياعه.أحست من نبرة صوته و من طريقة حكيه أنه يلومهما في أمور عديدة أهمها لم يعرفانه المقدار الكافي للمسؤولية و مواجهة الصعاب وحده مما أدى به إلى الاستهتار و الطمع و انعكس حتما ذلك في عمله و علاقاته مع زملاءه و كان مصيره السجن. رن الهاتف كعادته في التاسعة مساءا. رفعت السماعة لتكلمه.لم تخف أنها انتظرته. حاولت على قدر المستطاع أن تخلي نفسها من أية انشغالات كي تنصت له بتركيز عال. فقدرته على الاسترسال في الحكي خلقت لها حالة من الهدوء و التحليل. اتصل فعلا ليقول المزيد و ليكسر جدار الصمت الذي يلتف حوله إذ يقطن في بلد بعيد تجهله. بلد تسكنه الغربة الموحشة والوحدة القاتلة. هو, شغل منصبا يعد حلما لكل شاب في عمره. ذكاءه و كفاءته جعلتاه يتفوق في عمله رغم قلة خبرته المهنية. حسد من زملاءه على هذا المنصب لما له من امتيازات و من مسؤوليات وعلى علاقاته الجيدة مع مديرهم. في البدء, و عند بداية تسلمه الوظيفة, كان قريبا من زملائه قصد اكتساب الخبرة و تميزت علاقته بالصداقة لكن ما إن أقحم نفسه في. في صفقات غير مشروعة إلا و ابتعد عنهم شيئا فشيئا لدرجة أنهم لاحظوا تقلبات طباعه و طريقة تعامله المغايرة. فكيف تغير فجأة و غر به الشيطان و أصبح يعقد صفقات مشبوهة دفعته إلى الخيانة و انعدام الضمير. ساد الصمت بينهما لحظات في التليفون, تعذر عليه سرد الباقي لما تحمل الأحداث من خيبة أمل و أفعال دنيئة. سألته عن أحواله قصد تدارك الجمود الذي انتابه فجأة. تغيرت نبرة صوته. إنسان أحس بالندم والحسرة في كل ما اقترفه من أخطاء قلبن موازينه .ولولا إيمانه القوي بالله لغرز الخنجر في قلبه ليخلص نفسه من العتاب الشديد. كسب ثقة بعض المسئولين في البنك و أصبح يلم بكل صغيرة و كبيرة في الشركة. ربط صداقات عمل مع الشركات المنافسة. هم بكبرى القضايا و أثقلها حيث تعامل مع الزبناء من رجال الأعمال والشخصيات المرموقة و تفقد كل معاملاتهم. روج ثرواتهم بثقة و تلاعب في كشوفات حساباتهم. الفكرة ابتدأت منذ أن اطلع عن كل ثروات زبنائه و حلم أن يرقى مثلهم, و من ثم تطاولت يداه على أموال الغير بتزوير الأوراق و الإيداع في حسابه الشخصي. ازدادت رغبته في الاختلاس كلما أحسن مستواه المعيشي أكثر فأكثر. أصبحت له نفوذ و كلمة مسموعة وسط العاملين. لم تخل حياته أيضا من زيادة في الرفاهية من أسفار و اقتناء سيارات فاخرة و شقق فخمة و العلاقات المتعددة. انشغل عن والداه اللذان لم يلاحظا ما طرأ ابنهما الوحيد من تغيير بل دعماه و حفزاه على الارتقاء من دون أن يفهما أن وراء هذا الغنى يدا تنهب حراما. مرت سنوات و اغتنى الشاب.لم يستيقظ ضميره لحظة. هو راض عن علوه الغير المشروع و كأن ما فعله من أحقيته.ذات يوم,اتصل به مديره يستفسر حول كشوفات لزبون مهم. أنتظرك في مكتبي حالا. دخل المكتب في هدوء مبتسما كعادته و كأنه ينتظر ترقية أو علاوة لكن الأمر سار عكس ابتسامته. عشرات الأوراق على الطاولة و بين أيدي مديره الذي أمره بالجلوس من دون أن يلتفت إليه و الذي بدا على محياه الشدة و العصبية. ساد الصمت كثيرا،لم يتكلما و لم يجرأ الشاب بدء الحديث فكان المدير منهمكا في قراءة تلك الأوراق بنظارات كبيرة و يتفحصها واحدة تلو الأخرى. فجأة،نظر إليه قائلا مباشرة و من دون مقدمات : – كيف حصل هذا التزوير؟ ارتبك الشاب و تسمر مكانه حين أحس أن كل شيء قد انكشف من دون سابق إنذار و أن ما له الآن سوى أن يتسنى مصيره المحتوم. حين نقول أن دوام الحال من المحال, فإن مسار كل إنسان معرض للتغيير في أي زمان ومكان. و حين انكشفت ألاعيبه و سقط القناع, حتما أصبحت حياته تتدحرج نحو السفح. أدرك في تلك اللحظة أنه لا مجال من الهروب. ارتجف و شحب وجهه ولم يلفظ بكلمة. فنظرات المدير القاسية انقضت عليه من كل جانب و لا مجال للتفكير أو للتردد. – ماذا تقصد سيد المدير, عن أي تزوير تتحدث؟ بصوت متقطع أجاب رفع المدير نظارته حائرا فيما سيقوله. لم يكن يتوقع هذه الكارثة التي عصفت به فجأة. صمت من جديد و هو يفكر في كيفية حل ما فعله من أكفأ العاملين بالشركة و لا سيما هذا العامل الذي هو ابن أعز أصدقائه. من أين البدء و كيف. – اضطلع على هذه الكشوفات لرجل الأعمال المعروف. ألقى نظرة سريعة دون قراءتها جيدا و تركيزه مشتت بين ما سيقوله و ردة فعل رئيسه. تصبب عرقا و ارتجفت يداه. حاول مسرعا في إعطاء تفسير لهذه الكشوفات تخرجه من هذه الورطة لكن دون جدوى. كيف انفضح الأمر و لقد كان دوما حريصا أن يمحي أثر أخطاءه. لكن هذه المرة لن يسلم منها. كانت إجاباته غير مقنعة و متوترة. – كشوفات سليمة و ليس بها أي نقص أو أي تزوير. أخر كشف حساب كان بحوزتي الأسبوع الماضي وتمت مراجعته بشكل اعتيادي. بدا التوتر يحوم المكتب. عصب المدير و وجه إليه مباشرة اتهامات الاختلاس وقال أنها ليست المرة الأولى التي يحدث ذلك. لقد علم منذ فترة بهذه التلاعبات حتى تأكد منها و اتصل به ليكشف دناءته. لم أكن أتوقع هذا منك. أنت يا ابن أعز صديق تورط نفسك في ألاعيب قدرة تودي بحياتك الهلاك, لما كل هذا الطمع و أنت لازلت في مشوار حياتك لماذا يا بني؟. ساد الصمت ثانية, ارتعشت رجلاه. شعر أن هذه نهايته وراح يفكر فيما يمكن أن يتستر عن فضيحته. أعطى تفسيرات غير منطقية وتلعثم في كلامه وفي الأخير أجهش في البكاء نادما على ما اقترفت يداه. و ما كان له سوى أن يعترف بكل شيء. فات الأوان و ضيع مستقبله من أجل العلو سريعا. افتضح الأمر وكان لابد أن يخلي المدير مسؤوليته من هذا الاختلاس. دام التحقيق أسابيع مع الشرطة وهو حبيس في زنزانة. كانت الصفعة الكبرى لعائلته عندما علمت الخبر. والداه لم يتحملا الصدمة خاصة أمه التي كرست جل أيامها في تدليل ابنها الوحيد و تلبية كل ما يطلب.هي فضيحة بكل المقاييس أمام كل الذوات الأرستقراطية. ذلك الابن الذي هو مفخرة لهما, خيب أملهما و خذل ثقتهما و ضرب تضحية السهر و التربية و كل ما أعطيا من جهد عرض الحائط. لم يبقيا مكتوفي الأيدي, بل عملا كل ما بوسعهما لإخراجه من المأزق وراح يطرقان كل الأبواب لمن ينقذ فلذة كبدهما من الضياع. أنفقا كل ثروتهما. وشابت المشاكل بينهما أيضا إذ أضحى كل واحد منهما يعاتب الآخر في تقصير تربيته و تدليله أكثر من اللازم. تمت التحقيقات والجلسات و أدين بعشر سنوات سجنا. تعبت أمه من الصدمة و نقلت إلى المستشفى في غيبوبة دامت لأيام . دخل هو مكانه الجديد ليطل على حياته الجديدة في أربعة جدران وحيدا. يجني ثمار ما زرع. لم يتوقع في يوم من الأيام سينقلب حاله من رجل ذو مكانة متميزة إلى سجين يدفع ثمن طمعه. فماذا عساه أن يفعل بعد ما خسر كل شيء. كان كل ليلة و كل ساعة و كل دقيقة يسمع أنين قلبه و صراخه و يبكي دما لأنه أخطأ في حق والديه و لن يسامح نفسه أبدا. فكر مليا في الانتحار و كان والده يزوره دوما و يسانده في محنته خصوصا بعد وفاة والدته بسبب الصدمة. فلم يتبق له سوى اللوم و العتاب وعذاب النفس. لم يفقد والده الأمل, و بحث عن وسائط لتخفيف الحكم. صرف كل ما تبقى من المال. باع الفيلا و السيارة و بضع أسهم من شركاته و لم يبق له سوى القليل. كان دائما يقول له فداك كل شيء ولدي. المهم أني أراك حرا طليقا بين أحضاني. و بالعزيمة, استطاع والده أن يخفف له الحكم. قضى خمس سنوات و من ثم سافر مع أبيه بعيدا عن مرأى العيون. – – عذرا, أوجعتك بهمومي. – لا, كلنا نحتاج إلى فضفضة, أن لم أفعل شيء على الأقل مساعدتي لك في الإنصات. – – شكرا, قلما أتكلم لكن وجدت نفسي أقص من دون انقطاع – لا عليك, أكمل. تنفس الصعداء, ففي هذه المكالمة تكلم كثيرا و قد يحتاج الى هدوء تنسيه ثقل الكلام. دق جرس الباب. اضطرت أن تقفل معه الخط إلى وقت لاحق. قالت: – انتظرك غدا لأعرف المزيد. سأتركك لترتاح و لنا لقاء غدا. فكرت مليا في وضعه, لا تنكر أن مثل هذه القضايا تبدو عادية في الحياة, إذ نسمع الكثير عن الاختلاسات و قضايا فساد, ما أثر في نفسها هو ندم ذاك الشخص. صحيح, تكتفي بسماع قصته صوتا فقط, لكن حتما ترتب عن هذا الخطأ عواقب لا تحمد عقباه. ظن نفسه أنه إنسان طموح لكن ماذا يفصل الطموح عن الطمع سوى شعرة واحدة كالفصل بين العقل و الحمق. هل يمكن القول أن الإنسان الطموح هو إنسان في حد ذاته طماع؟ هل تعتبر الطموحات بمثابة عدم القناعة و الغير الرضا عن الواقع. نراهم صغار السن و أحلامهم كبيرة. تغرهم ملذات الدنيا و يتوهون في طرقات ملتوية مقفلة الأبواب. نراهم يتسلقون سلم العلو بسرعة الصاروخ فنخشى أن يسقطوا في فخ التعالي و الجبروت ثم يلامسون الأرض رضخا ليلعب القدر لعبته الأليمة. مرت أيام و لم تتلق أي اتصال منه, انشغل بالها كثيرا. لم يعتد أن يغيب أسبوعا كاملا. تساءلت ربما وجد عملا أو سافر, ربما قد أصابه مكروها. هاتفته لكن ظل الهاتف صامتا انتظرته كل يوم, أين هو و مع من؟. و في ليلة, رن الهاتف,انتابها شعورا غريبا, هو حتما سيكون رفعت السماعة بسرعة خشية من فقدانه ثانية – ألو , هذا أنا, المعذرة تأخرت في اتصالي بك – شغلت بالي, أين كنت طيلة هذه المدة. هاتفتك و لم ترد – نعم, إني عائد الى الوطن قريبا, توفي أبي و سيوارى الثرى في وطننا, سأعود و سنلتقي…