الاختلاف في النظر للاشياء وتقييم الاحداث وخاصة في المجال السياسي ظاهرة طبيعية وسنة كونية ، خاصة ان مجال السياسة مجال تختلط فيه المصالح والمفاسد حتى ان بعض العلمماء عرفوها قايلين : ما كان معه الناس اقرب الى الصلاح وابعد عن الفساد ( لاحظ صيغة اقرب وصيغة ابعد ) الحقيقة ان جاز الحديث عن حقيقة في السياسة مركبة ولها ابعاد متعددة كما انها نسبية ومتغيرة ، الناس في الغالب ينظرون اليها كل من زاويته ، ولذلك من الطبيعي ان تتباين فيها التحليلات والاجتهادات ولذلك تواضعت التجربة البشرية على اليات مؤسساتية من خلالها يتم التداول في الخلاف ويتم التعاون من خلال الحوار الهادي على تقييم الاختلالات ان وجدت وتدعيم المكتسبات وكانت قاعدة التغليب والتقريب هي القاعدة المحكمة في تدبير الاجتماع البشري ، وهي بالمناسبة قاعدة لا تقتصر على العمل السياسي بل هي مضطردة حتى في العلوم الاسلامية كما يبسط ذلك بوضوح الدكتور احمد الريسوني في كتابه : " التقريب والتغليب وتطبيقاته في العلوم الاسلامية " الاختلاف ظاهرة صحية ما لم يفقد أصحابه التوازن فينزلقون الى تكفير او تفسيق او تخوين المخالفين لهم في الاجتهاد في الرأي في هذا المرحلة ينبغي التوقف ليس لتقييم وضعية او توجهات او مسار سياسي فقط ، بل ينبغي وضع ناقوس خطر حول الجانب الاخلاقي حيث يحتاج الجميع الى مراجعة ذاتية يسلطون فيها الضوء على آفات مدمرة وحارقة للعلاقات والأوامر الروحية والأخوية والضوابط التنظيمية الجاري بها العمل من قبيل سوء الظن والغيبة والنميمة والكولسة واشاعة الاخبار الكاذبة والاستقواء على الموسسات بتسريبات صحفية من اجل خلق " راي عام " يساير اقتناعاتهم بل أهواءهم الاختلاف احيانا كاشف لمعادن بعض الناس ويتعين وضع هذا الموضوع في الاعتبار لانه حين يتحول الاختلاف في تقدير المواقف السياسية الى سوء ظن وتشكيك في دوافع المخالفين في الرأي ونعتهم بالخونة والانبطاحيين ... الخ فان الامر يدعو لدق ناقوس الخطر ورغم ذلك ومهما ينبغي على الجميع ان يتعامل بقاعدة سعة الصدر والتسامح وتحمل الاذى والاحتساب وان يكون الجواب عند الهرج والمرج مهما بغى علينا بعض اخواننا الذين لهم دربة في الحديث والتصريح والحضور في الشبكة العنكبوتية ! مهما بغى علينا الاقارب فانهم لن يبلغوا في ذلك ما بلغه الخوارج الذين حملوا شعارات ظاهرها حق وباطنها باطل كما قال سيدنا على حين سىل عنهم فقال : اخواننا بغوا علينا ، ،!