بخطوة احتجاجية غير مسبوقة، تجمهر اليوم العديد من الباعة الجائلين امام محكمة الاستئناف بتطوان للتنديد بأوضاعهم المزرية من جراء منعهم من فرش سلعهم بالشارع العام، و بالضبط قرب القصر الملكي و الفدان الجديد، فرفعوا الخبز بأيديهم و رددوا شعارات تعبر عن قطع الأعناق قبل قطع الأرزاق. هذه هي نتيجة التجاهل لقضية بهذا الحجم الخطير لأنها و بكل وضوح اتجهت لمنحى آخر، و تسببت السلطة فيه بصريح العبارة، حيث أطلقت العنان لهذه الآفة حتى ظن أهلها أنهم أصحاب حق، و مشروعيتهم في مزاولة هذا النشاط لها أحقية. أحقيتهم في الأصل تكمن في ضرورة إيجاد عمل لهذه الحشود المؤلفة من المواطنين الذين ضاقت بهم السبل، وتوجهوا نحو هذا العمل الذي لا يسمن و لا يغني من جوع، حيث أن ممتهنيه لا يعيشون أدنى شروط الرفاهية، و يظلون طوال اليوم أمام مفرشهم مفتقدين لحقهم في الراحة و بعيدين كل البعد عن الحياة الكريمة، بالإضافة لحرمانهم من أي تغطية صحية في حالة مرضهم و من أي ضمان اجتماعي لمستقبل مجهول لا يتكلف حتى بأدنى الأجور في حالة الشيخوخة و العياء. ومن باب آخر فإنهم يتجاهلون كل الجهل بالأضرار التي يلحقونها بغيرهم عند منعهم من التجول في أرقى الشوارع بسبب تسلسل هذه المفارش و ارتباطها ببعضها، مما يضفي على مدينة صنفت ضمن التراث العالمي طابع البداوة و التأخر، و هم متجاهلون تماما لأيام التحضر و التقدم أي حين كان أصحاب المحلات التجارية يتراصون في أبواب هذه المحلات بأتم حلة و أجملها جعلت من تلك الأيام تاريخا للزمن الجميل. هذه هي المعادلة التي قلبت الطاولة و جعلت ممن تطاول على حق غيره على صواب، و أبانت بان التسيير العشوائي لمن تغاضى عن الآفة نتيجته الحتمية هي التظاهر و الاحتجاج و رفع الخبز الحافي لكسب العطف و الحق… طباعة المقال أو إرساله لصديق