ستواجه الجزائر اكبر أزمة منذ 1986 بسبب التقلبات التي تعرفها أسعار النفط على المستوى الدولي. وستكون انعكاسات الأزمة على الجزائر أخطر مما يتوّقعه الساسة بالجزائر وبالعالم، بسبب ارتباط حرب الإنتاج ومستوى الأسعار بجو الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، والضغوط التي مارستها إدارة الرئيس باراك أوباما على حليفها الاستراتيجي في الأوبك العربية السعودية أكبر منتج للنفط في المنظمة بطاقة نظرية تصل إلى 12 مليون برميل في اليوم، مضيفا أن العزلة الخطيرة التي تعيشها الجزائر داخل منظمة "أوبك" مرتبطة بالظروف الجيوستراتيجية التي تعيشها المنطقة العربية ومنطقة الساحل إذ بلغت حرب الإنتاج داخل منظمة "أوبك" أشدّها نهاية الأسبوع الماضي، بعد تصريحات نُسبت لوزير الطاقة الفنزويلي التي قال فيها "إن الذين يعملون على رفع الإنتاج داخل المنظمة كمن يطلق النار على قديمه"، في إشارة إلى العربية السعودية التي ترفض تخفيض إنتاجها رغم خسارة الأسعار لأكثر من 37 دولارا من أعلى مستوى بلغته نهاية مارس الماضي بعد زيادة التوقعات بتراجع الطلب على النفط تحت ضغط تباطؤ النمو في الولاياتالمتحدة وأوروبا والصين
وقال وزير الطاقة الفنزويلي رفاييل راميريز، إن منظمة البلدان المصدرةللبترول "أوبك" قد تعقد اجتماعا استثنائيا في الربع الثالث من العام، إذا ظلت الأسعار العالمية للنفط الخام منخفضة، مضيفا أن بلاده تريد أن تحدد منظمة أوبك نطاقا سعريا بين 80 دولارا و120 دولار للبرميل، لوقف تراجع أسعار الخام في الوقت الراهن، إحياء لسياسة تخلت عنها المنظمة منذ 2005 .
وقد فشلت الجزائر في تنويع اقتصادها خلال العشرية الماضية، رغم مداخيل استثنائية بلغت في الفترة بين 2000 ونهاية 2012 ما يعادل 600 مليار دولار، ويعود الفشل بحسب هيئات دولية مرموقة إلى حالة الفساد الرهيبة التي عرفتها البلاد خلال العقد الأخير، والتي قضت على أية فرصة لإقلاع اقتصادي حقيقي.
زائد تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى مستويات تتراوح بين 80 و100 دولار لن يتسبب فقط في توّسع عجز الموازنة الجزائرية، بل سيرغم الحكومة على وقف آلاف مشاريع الخماسي الثالث وتأجيل إطلاق المشاريع غير الإستراتيجية التي كانت مبرمجة في السياق ذاته.
وخاصة بعد فشل الحكومة في تنويع اقتصادها والخروج من دائرة الارتباط التام بالمحروقات، و وضع إستراتيجية اقتصادية ناجعة تسمح بالحفاظ على البلاد، التي أصبحت مهددة بانفجار اجتماعي أعنف من الذي عاشته بداية التسعينات، بمجرد أن يجف صندوق ضبط الموارد الذي يستعمل حاليا لرشوة المجتمع وتأجيل الانفجار بدون الوقوف عند المشاكل الحقيقية.