مؤخرا عمل الناقد السينمائي العربي سمير فريد على نشر كتاب كان قد سماه سابقا "حوار مع السينما العربية والعالمية"،و نكتشف في أغلب حواراته مع كبار النقاد و المخرجين العرب، حديثهم عما سبق أن سمّاه الأب الروحي للسينما المصرية احمد كامل مرسي"أخلاقيات الوسط السينمائي" وهي الأخلاق التي كانت وراء تبنيه لمواقف تدعو لمحاربة بعض المخرجين الذين يسيئون للفن السابع من خلال أفلام لا تمت بصلة لما هو فن، وهي من الأسباب أيضا التي قادته شخصياً إلى اعتزال مهنة السينما. حديثنا عن السينما هنا وأخلاقيات المهنة تأتي بعدما أسدل الستار عن فعاليات المهرجان السينمائي بطنجة مؤخرا، وكعادته أبت دورة هذه السنة إلى أن تضرب في الصميم تطلعات الجمهور المحلي والوطني في الصميم، ومما زاد الطين بلة تتويج مشبوه لفيلم "فيلم" بجائزتين، حينها أدركنا أن لجنة التحكيم، ولجنة الدعم ،قد وقعتا أخيرا بمداد من الأسف على ما وصل إليه الفن السابع المغربي، بقيادة بعض المخرجين الذين جلبوا" الطراوة السينمائية" لأحمد الغزالي رئيس لجنة التحكيم، وجلب معها شريط " فيلم" الغضب الشعبي العارم ليتوج مساره بمقاطعة ولوج القاعات السينمائية، بعد أن منح الغزالي بطريقة مشبوهة الجائزتين للمخرج المذكور الذي عمل على تجرع حليب دعم قلنسوة بقرة لجنة الدعم،وسيضل ربما، إلى أن يتم توجيهه لتبني موقف محترم تجاه السينما المغربية، التي أراد لها البعض أن تنمو على أجساد الفتيات" الممثلات" وفوق الحانات.
قبل سنوات ،ارتبط الفيلم المغربي الطموح، بشكل مباشر «بمكوّنات» سياق تطوره التاريخي، أي بظروف نشأته وتمويله وتوزيعه وبالرقابة الرسمية والاجتماعية التي قيدته وخلقت سمة إنتاجيه تجارية استحوذت على الجمهور الذي يُقدر بالملايين ووضعت عقبات قوية أمام حركته.
على هذا الوضع السلبي ليس من الإنصاف تقويم السينما المغربية، وفقاً لمعايير فنية وإبداعية، طالما استمر مخرج الفيلم المغربي عامة الطموح، أسيرا لجوهر طبيعة صناعته التجارية، حتى في حالات نجاح نماذجه الكلاسيكية. كيف؟ كان من الأجدر أن يتم إنقاذ صناعة السينما المغربية بالتشريعات والقوانين الحضارية، أي محاولة تتويج من نوع خاص لأفلام وضعت الجمهور المغربي والمحلي في مهرجان طنجة على حافة التقبل والعودة للقاعات، ومن بين الأفلام التي لاقت استحسانا كبيرا لكنها غابت للأسف عن منصة التتويج، التتويج الحقيقي وليس در الرماد في العيون وإتباع شهوات" الطراوة" شريط ممتع وشيق حمل عنوان "ماجد "لمخرج استطاع أن يلج بسهمه إلى كواليس معانات ممثلين غابوا عن الساحة بل تم تغييبهم عن قصد من أمثال عبد الرؤوف وعائشة ماهماه وووو.... أما شريط " فيلم" فبتتويج مخرجه وممثله الشاب ،فهذا قد يقف مما لا شك فيه عقبة في تطور السينما المغربية الطموحة وفي صعوبة إيصال رسالة الفنان الجادة إلى الجمهور. ويعترف بعض المخرجين اليوم، بالدافع وراء اضطراره إلى إخراج أفلام تجارية لأن الموزعين كانوا يلقبونه ب«مخرج الأفلام القذرة» ونتيجة للوضع الذي تعرض له زملاؤه الكبار وليتسنى له أن يواصل مهنته، لأنه اكتشف أن الفيلم الواقعي وسيلة صعبة للاتصال. ويؤكد احد المخرجين انه نتيجة لخبرته وتجاربه الصعبة «عندما يكون لك مفهوم ثوري للسينما في هذا الوطن إما ألا تعمل أو تنتحر، لأنه لا معنى لوجودك والحل الثالث هو أن تعيش على الهامش.
وعندما تحول مخرج إلى السطو على أخلاقيات المهنة بانتاجه لفيلم سيء للغاية، فهذا مكمن الضعف، ولا ادري حتى الآن كيف عملت لجنة الدعم على منحه "دراهم معدودة" حيال إنتاج فيلم وقح اخرج الصغار قبل الكبار من قاعة سينما روكسي، هؤلاء هم الذين فعلا لم يجدوا فيه كل الطراوة التي تحدث عنها الشاب المحترم "احمد الغزالي"، ولله في خلقه شؤون...