مع اقتراب موعد الانتخابات الجزئية في عمالة المضيقالفنيدق، تزداد حدة التوترات بين الأحزاب السياسية الكبرى في المنطقة، حيث تتنافس التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة على شغل مقعدين شاغرين في دائرتين انتخابيتين قرويتين. لكن، بعيدًا عن الصراع الحزبي التقليدي، تكشف هذه الانتخابات عن جوانب أعمق تتعلق بالولاءات السياسية والعلاقات العائلية التي تشكل محور التحركات في هذا المشهد السياسي المحلي. وتغيب أحزاب اليسار بشكل ملحوظ عن هذه المعركة الانتخابية، وهو ما يفتح المجال لعدد من التساؤلات حول دوافع هذا الغياب. إذ يُلاحظ أن أحزاب مثل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التي كانت تعد من القوى السياسية البارزة في العمالة، اختارت الانسحاب من الترشح، رغم وجود شخصيات محسوبة عليها تتولى مسؤوليات محلية مهمة. ولا يبدو هذا الغياب عشوائيا؛ بل يرتبط، وفقًا لمراقبين، بحسابات تتعلق بتراجع نفوذ الحزب على مستوى المنطقة من جهة، وبعلاقات شخصية وعائلية تربط بعض قيادات الحزب مع مرشحي الأحزاب المنافسة. لكن الطابع المحلي للتنافس الانتخابي يتضح بشكل أكبر في حالة حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يعكس الانقسام بين قياداته المحلية صورة عن الفجوات الداخلية في تقدير الأهمية السياسية لهذه الانتخابات. فبينما يتبنى الأمين الإقليمي للحزب، النائب البرلماني محمد العربي المرابط، موقفًا حاسمًا يدفع نحو خوض المعركة الانتخابية، يرفض بعض قادة الحزب المحليين، من بينهم رئيس جماعة العليين محمد المالكي الحليبي، المشاركة في التنافس. وتعكس هذه الخلافات، في جزء كبير منها، اهتمامات متباينة بالفرص السياسية المحلية ومدى تأثيرها على توازن القوى في المنطقة. علاوة على ذلك، يعكس التنافس المستمر بين الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار في هذه الدوائر الانتخابية، رغم التحالف الحكومي بين الحزبين على المستوى الوطني، إشكالية أوسع تتعلق بواقع التحالفات السياسية المحلية، إذ تصبح الحسابات الشخصية والمصالح العائلية هي العامل الحاسم في تحديد مواقف الأحزاب من الانتخابات، متجاهلة في بعض الأحيان الاستراتيجيات الحزبية العامة. يُضاف إلى هذا أن تداخل هذه الولاءات السياسية مع المصالح العائلية والشخصية يعكس حالة من "التحالفات غير المعلنة" في المنطقة، حيث يظل الولاء للقبيلة أو للعائلة أكثر تأثيرًا من الانتماء الحزبي التقليدي. هذا الارتباط العميق بين السياسة والعلاقات العائلية يبرز كيف يمكن أن تكون الانتخابات في هذه الدوائر رهينة لموازنات معقدة لا علاقة لها مباشرة بالبرامج أو الأفكار الحزبية، بل تتوقف على من يدعم من في إطار الصراعات المحلية. وتطرح هذه الانتخابات الجزئية تساؤلات عميقة حول كيف يمكن للمصالح المحلية والعائلية أن تشكل مسار السياسة على مستوى القواعد الشعبية، وكيف يمكن لهذه الديناميكيات أن تؤثر في النتيجة النهائية في منطقة تعرف تقلبات سياسية متسارعة.