وصف المحلل السياسي، مصطفى يحياوي، النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات التشريعية الجزئية التي جرت بكل من مكناسوالحسيمة، أول أمس الخميس، بالعادية لكونها انتخابات الأعيان الذين يستفيدون من النسبة العالية لعزوف المواطنين عن التصويت. وأضاف أستاذ الجغرافيا السياسية في تصريح لجريدة العمق أن الانتخابات الجزئية ليست لها دلالة سياسية لان نسبة العزوف عالية جدا، ولأن البروفايلات التي صوتت هي بروفايلات معبأة في إطار علاقات شخصية تربطها بالمرشح ولا علاقة لها بالحزب. واوضح المتحدث أن التصويت في هذه الانتخابات الجزئية لم يكن سياسيا، بقدر ما هو مرتبط بالأشخاص المرشحين، ولا يمكن قراءة نتائجها على أنها دعم للأحزاب المشكلة للحكومة أو على أنها استطلاع رأي حول أداء الحكومة، وفق تعبيره. وقال يحياوي إن ما أكدته هذه الانتخابات هو أن حزب العدالة والتنمية يمر بمرحلة حرجة وأن حضور بنكيران من عدمه لن يفيد الحزب في شيء خاصة في هذه المرحلة، وهو ما اعتبره يحياوي من أكبر الدلالات السياسية التي حملتها هذه الانتخابات. وأشار إلى أن ما حدث للأعرج بالحسيمة دليل آخر على أن المنطق القبلي لم يعد كافيا، واعتبر عدم فوزه مفاجأة كبيرة في هذه الانتخابات والذي تم تعويضه بمرشح الوردة، أما فوز مضيان فقد وصفه يحياوي بتكريس تفوق الاستقلال في منطقة بالحسيمة وهو استمرار للتحالف التاريخي بين هذه المنطقة وحزب الاستقلال. وفي نفس السياق، قال أستاذ القانون العام، امين السعيد إنه يصعب الحديث عن دلالات النتائج الانتخابية التشريعية الجزئية التي تختلف بشكل كبير عن الانتخابات التشريعية العامة، وذلك لكون مؤشرات الانتخابات الجزئية في جميع المحطات الانتخابية المغربية السابقة لا تعكس توجهات الفئة الناخبة، يضاف إلى ذلك، أن الطعون الانتخابية في الدوائر المعنية مرتبطة بأسباب تقنية وقانونية محضة وغير مرتبطة برهانات سياسية كبرى. ومن هذا المنطلق، يضيف السعيد، ينبغي التعامل مع مخرجات المحطات الانتخابية الجزئية (بدائرة الحسيمة و دائرة مكناس) بنوع من الحذر والنسبية المفرطة وعدم الإنزياح إلى التعميم، ذلك أنه، لايمكن تحليل هذه الأرقام بناء على خطاطة أحزاب الأغلبية في مواجهة أحزاب المعارضة، كما يتعين استبعاد سياق تأثير الموجة الاحتجاجية الموجودة في وسائل التواصل الاجتماعي ضد رئيس الحكومة الحالي السيد عزيز اخنوش على الانتخابات التشريعية الجزئية. وفي ذات المنحى، بالرغم من أن محطة دائرة الحسيمة عرفت حضورا وازنا لبعض قيادات الأحزاب السياسية سواء المتموقعة في الحكومة أو المنتمية للمعارضة، فإن السلوك الانتخابي يطغى عليه التصويت الشخصي الفردي دون استحضار المرجعيات السياسية، وهو ما يعني أن الحقل الانتخابي في المغرب أضحى يشبه المحطات الانتخابية السابقة عن سنة 1997 التي يغيب عنها التصويت السياسي المطبوع بالتقاطبات الايديولوجية. وبخصوص نسبة المشاركة، قال المحلل السياسي ذاته إنه كان من المتوقع أن تكون نسبة المشاركة متدنية لعدة اختبارات منطقية، أهمها عدم جمع الانتخابات الجزئية بالانتخابات الجماعية، كما هو الشأن في المحطة السابقة، بالإضافة إلى تزامن الانتخابات الجزئية مع العطلة الصيفية والارتفاع المفرط لدرجة الحرارة، ثم المدة الزمنية القصيرة التي تفصل الانتخابات التشريعية العامة عن الانتخابات التشريعية الجزئية، كلها عوامل موضوعية تبرر تراجع نسبة المشاركة الانتخابية في الانتخابات الجزئية. وأشار السعيد إلى انه يختلف مع التحليلات التي تعتبر على سبيل المثال، أن الانتخابات الجزئية تشكل هزيمة للحركة الشعبية في اقليمالحسيمة، وكذلك بعض التحليلات التي تربط هذه النتائج باستمرار السقوط المدوي لحزب العدالة والتنمية. وقال إننا أمام محطة انتخابية جزئية بأرقام نسبية تعكس التصويت على الأشخاص وتستبعد الخيارات السياسية والتدافعات الحزبية، وتكرس أولوية التصويت الشخصي على التصويت الحزبي، مما يفيد أن الانتخابات التشريعية الجزئية في المغرب تتصارع لكسب الحضور الانتخابي وتغيب الحضور السياسي، الذي يعني موت السياسة واحتضار الاحزاب، ووأد المؤسسات واقبار للبرامج في مقابل تقديس الاشخاص الانتخابية. واكتسح حزب التجمع الوطني للأحرار، نتائج الإنتخابات التشريعية الجزئية التي جرت، الخميس، بمدينة بمكناس، حيث تمكنت مرشحة الحزب صوفيا طاهيري من الظفر بالمقعد البرلماني. وتشير النتائج النهائية التي توصلت بها جريدة "العمق"، إلى مرشحة حزب "الحمامة" حصلت على 13760 صوتا، مقابل 4726 صوتا لمرشح حزب العدالة والتنمية، عبد السلام الخالدي، فيما لم تظفر باقي الأحزاب إلا ببعض المئات من الأصوات. وكانت المحكمة الدستورية قد الغت في وقت سابق انتخاب بدر الطاهري، شقيق صوفيا، عضوا بمجلس النواب عن الدائرة الإنتخابية بمكناس، وأمرت بتنظيم انتخابات جزئية في هذه الدائرة بخصوص المقعد الذي كان يشغله. وتنافس على المقعد الشاغر بالدائرة الانتخابية المحلية لمكناس، كل من حزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب العدالة والتنمية، وحزب البيئة والتنمية المستدامة، وحزب جبهة القوى الديمقراطية، وحزب الديمقراطيين الجدد، وحزب العمل، والحزب المغربي الحر، وحزب الإنصاف. وكانت الأحزاب التي تشكل التحالف الحكومي (الاستقلال، الاصالة والمعاصرة) بالاضافة الى حزب الاتحاد الدستوري قد أعلنت مؤازتها لشقيقة بدر طاهري، حسب بلاغ مشترك بين هذه الأحزاب التي لم تقدم أي مرشح في منافسة صوفيا طاهري ودعت إلى دعمها بشكل كامل. وفي الحسيمة، تقاسمت أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، المكونة للتحالف الحكومي، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المقاعد الأربعة المخصصة لدائرة الحسيمة برسم الانتخابات الجزئية التي جرت اليوم الخميس، وذلك بعد فرز 100 في المائة من مكاتب التصويت. وتعتبر هذه النتائج مؤقتة وغير رسمية في انتظار الإعلان عن النتائج النهائية بعد انتهاء أشغال لجنة الإحصاء التي يترأسها رئيس المحكمة الابتدائية بالحسيمة. وحسب النتائج المؤقتة المعلن عنها، فقد تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار نتائج الانتخابات، متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة، يليه حزب الاستقلال، فحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وبذلك، حصل على المقاعد الأربعة لدائرة الحسيمة كل من بوطاهر البوطاهري عن حزب التجمع الوطني للأحرار، ومحمد الحموتي عن حزب الأصالة والمعاصرة، ونور الدين مضيان عن حزب الاستقلال، وعبد الحق أمغار عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وتنافست سبع لوائح انتخابية على مستوى دائرة إقليمالحسيمة للظفر ب 4 مقاعد بمجلس النواب، تمثل أحزاب الاستقلال، والتجمع الوطني للأحرار، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والأصالة والمعاصرة، والعدالة والتنمية، والاتحاد الدستوري، والحركة الشعبية. وكانت المحكمة الدستورية قررت في 18 ماي 2022 إلغاء المقاعد الانتخابية الأربعة التي سبق أن فاز بها كل من نور الدين مضيان (حزب الاستقلال)، وبوطاهر البوطاهري (التجمع الوطني للأحرار)، ومحمد الحموتي (الأصالة والمعاصرة)، ومحمد الاعرج (الحركة الشعبية)، برسم الانتخابات التشريعية التي جرت في 8 شتنبر الماضي، وذلك عقب الطعن الذي تقدم به مرشح حزب الاتحاد الاشتراكي عبد الحق أمغار.