انطلقت قبل أيام بالمغرب، وبشكل رسمي الحملات الانتخابية استعدادا لإجراء استحقاقات يوم 8 شتنبر المقبل، في ظل تنافس قوي بين الأحزاب السياسية للفوز بهذا السباق السياسي، وقيادة حكومة جديدة للمرحلة القادمة. ولقد كان للقرى ودوائر الأرياف على مدار المحطات السياسية المهمة التي عرفها المغرب دور كبير للحسم في نتائج الاستحقاقات الانتخابية، حيث تطمح بعض الأحزاب إلى الاستفادة من أصوات الناخبين في الأرياف، خصوصا عندما تجد معارضة شرسة في الوسط الحضري، مما يحق التساؤل حول دور هذه الدوائر في حسم نتئاج استحقاقات يوم 8 شتنبر المقبل؟ غالي: هيمنة التصويت العائلي والقبائلي سيؤثر على نتائج الاستحقاقات وبهذا الخصوص، قال محمد الغالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن "الانتخابات في الوسط القروي تختلف عن الانتخابات في الوسط الحضري، نظرا لحضور الجانب العقلاني في هذا الأخير، وغيابه نسبيا على المستوى القروي، حيث تهمين النمطية والتصويت العائلي والأسري والقبائلي". وأشار الغالي، في تصريح لموقع "برلمان.كوم" إلى وجود "اعتبارات عديدة هي المتحكمة في العملية الانتخابية بالقرى، كالانتماء الأسري والقبائلي، والتي ترفع نسب المشاركة في الاقتراع على عكس المدن، حيث تؤثر المشاركة الكثيفة للناخبين في الوسط القروي على نتائج الاستحقاقات الانتخابية، خصوصا وأن بعض الأحزاب لها توغل في بعض المناطق القروية، أمام صعوبة التأطير التي تواجه أحزاب أخرى مما يجعلها تقتصر على المدن". الوردي: الدوائر الانتخابية بالقرى مكون أساسي من مكونات المشهد الانتخابي المغربي ومن جانبه يرى أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط عباس الوردي، أنه من "البديهي أن تأخذ الاستحقاقات الانتخابية المقبلة بعين الاعتبار الجماعات الترابية، لأنها تعد من بين المكونات الحقيقية للمشهد الانتخابي، والتي تقتضي من الفاعل السياسي أن يهتم بها، نظرا لأنها تتطلب الشيء الكثير وخاصة فيما يتعلق بتدبير التنمية الإقتصادية والإجتماعية ومحاربة الفقر والتهميش". وأضاف الوردي في تصريح لموقع "برلمان.كوم"، أن " الكل يعتبر الجماعات الترابية والدوائر الانتخابية بالقرى، بمثابة مكون أساسي من المكونات الرئيسية للمشهد الانتخابي المغربي، وبالتالي من المئمول أن تأخذ برامج الأحزاب السياسية مسألة التنمية القروية وضمان المساواة بين المدن والقرى على مستوى البنية التحتية قادرة على ضمان العيش الكريم للمواطن وخلق فرص الشغل"، يردف الوردي. وأبرز الوردي، أن "المغرب أمام رهان جديد لتنزيل النموذج التنموي، الذي وضع من بين صلب اهتماماته تنمية العالم القروي، وبالتالي متى كانت برامج الأحزاب السياسية تستجيب لمتطلبات المواطنين بالقرى"، فبطبيعة الحال سيكون لها دور حاسم في الاستحقاقات المقبلة. التزاني: الأحزاب تنظر الى الأعيان و أصحاب النفوذ في القرى و الأرياف كورقة رابحة لحسم المعركة الانتخابية أما خالد تزاني، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بفاس، فيؤكد على أن "بعض الأحزاب السياسية تنظر إلى الأعيان والأشخاص أصحاب النفوذ الكبير على مستوى الوسط القروي كورقة رابحة لها من أجل حسم المعركة الانتخابية لصالحها". وفي حديثه مع موقع "برلمان.كوم"، قال الباحث في القانون العام، إن "الأحزاب السياسية، خصوصا حزبي التجمع الوطني للأحرار و العدالة والتنمية والأصالة و المعاصرة وحزب الاستقلال، تسابقت لمنح الأعيان في القرى التزكيات، لأنها تراهم كفاعلين و مؤثرين في أوساطهم القروية والريفية، حيث الأحزاب تراهم بمثابة مفاتيح لترجيح كفتها في مواجهة الاحزاب المنافسة لها". وحسب الباحث، فإنه بالإضافة إلى "المراهنة على الأعيان، هناك عامل آخر تراهن عليه الأحزاب المتنافسة، وهو حجم الهيئة الناخبة بالعالم القروي، حيث وفقا لإحصاءات وزارة الداخلية الصادرة يوم 30يوليوز الماضي فقد بلغ عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية 17مليون و 983الف و 490شخص، يوجد منها 46% من الناخبين في العالم القروي والأرياف، مما يشكل هدفا يجذب إليه أطماع الأحزاب بهدف كسب أصوات ملايين الناخبين". وفي السياق ذاته، أشار تزاني إلى أن "الإعتماد على الأعيان والناخبين في العالم القروي ليس بالظاهرة الجديدة، وإنما ظلت مرتبطة بالانتخابات التي مرت بالمغرب، انطلاقا منذ أول إنتخابات محلية عرفها المغرب في 29 ماي من العام 1960 اذ حسمت القرى والبوادي نتائج هذه الانتخابات، وهو أمر متوقع في الانتخابات المقبلة ليوم 8 شتنبر"، يضيف الباحث. .