الخط : إستمع للمقال في تصريحات مثيرة لا تؤكد فقط وصول صاحبها إلى مستويات مُقلِقة من "جنون العظمة" وإنما تؤشر على تجاوزات خطيرة غير مسبوقة لا يمكن السكوت عليها... عمد اليوتوبر حميد المهداوي إلى تجاوز كل الحدود القانونية والدستورية والأخلاقية، بل وحتى الدينية... وذلك في آخر خرجاته على قناته في "اليوتيوب" بتاريخ 13 نونبر 2024، حيث أدلى بتصريحات تضمنت إهانة صريحة للشعب المغربي وتطاولا خطيرا على الصلاحيات الدستورية للملك.. والأدهى أنه أساء حتى إلى خير خلق الله، رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وللدين الإسلامي. قد يبدو للبعض في الوهلة الأولى أنها مجرد اتهامات مبالغ فيها وأن هناك الكثير من التهويل بشأنها... لكنها في الحقيقة ليست اتهامات وإنما وقائع مثبتة بالصوت والصورة... ومن رأى وسمع وأمعن السمع وقرأ بين السطور، ليس كمن حُكي له أو نُقل له الكلام مُحَرَّفا أو غير دقيق. حميد المهداوي في الحلقة المذكورة، لم يكتف كما هي عادته بالتوجه مباشرة إلى المغاربة بعبارة "خوتي المغاربة" وإنما هذه المرة تجاوز كل الحدود، فقام بمخاطبة الشعب المغربي وكأنه حاكم البلاد وممثلها الأسمى، بل واعتبر نفسه رمزا أجمع المغاربة على موالاته والتّوحد حوله، في تطاول صريح وخطير للغاية على بعض الصلاحيات والاختصاصات الدستورية للملك كما هو منصوص عليها في الفصلين 42 و52 من الدستور. فمن بين ما ينص عليه الفصل 42 من الدستور أن " الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة...."... فكيف يعقل أن يُنَصِّب المهداوي نفسه رمزا لوحدة الأمة سامحا لنفسه وبكل وقاحة أن يتحدث بإسم الشعب المغربي كله ويجزم بأن هذا الأخير مُجمِع على موالاته في أفكاره وتوجهاته وحتى قضاياه الشخصية وشؤونه الخاصة؟؟ أما الفصل 52 من الدستور فهو ينص على أن "للملك أن يخاطب الأمة والبرلمان، ويتلى خطابه أمام كلا المجلسين، ولا يمكن أن يكون مضمونه موضوع أي نقاش داخلهما."... وفي هذا الصدد، فالخرق السافر الذي أقدم عليه المهداوي بشأن هذا الفصل لا يتمثل فقط في مخاطبته للشعب المغربي مباشرة وكأنه حاكم البلاد، وإنما أيضا في مطالبته بعدم مناقشة ما تفوه به تجاه الشعب المغربي. ليس هذا وفقط، وإنما المهداوي نصّب نفسه وبدون أي وجه حق و"من غير لا إِحِمْ ولا دستور" (على قول أشقائنا المصريين) نَصَّبَ نفسه الممثل الواحد الأوحد والوحيد للمغاربة، جاعلا من قضيته الشخصية، قضية الشعب المغربي الأولى، بل الوحيدة، واعتبر أن الشكاية التي تقدم بها ضده الوزير عبد اللطيف وهبي، إنما هي موجهة ضد الشعب المغربي، وفق تعبيره، وليس ضده هو حميد المهداوي ولسان حاله يقول: "أنا الشعب والشعب أنا"... في خرق سافر وخطير لمقتضيات الفصل الثاني من الدستورالذي ينص على أن "السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها". و"تختار الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم" وكذلك للفصول من 7 إلى 15 التي تحدد الجهات والهيئات المنوطة بتمثيل المغاربة بمختلف شرائحهم... فمن خوّل إذن للمهداوي أن يتحدث باسم الشعب؟؟ ومن أعطى له الحق والصلاحية بأن ينوب عن الشعب، بل ويحصر هموهه كلها في قضيته التي أدين فيها بسنة ونصف حبسا نافذا وتعويض وقدره 150 مليون سنتيم؟؟ من قال للمهداوي أن الشعب المغربي كله يتفق معه ويقف بجانبه ؟؟ ووفق أي معيار بالضبط؟؟ هل وِفق عدد المشتركين في قناته على اليوتيوب الذي يبلغ مليون مشترك ؟؟ ألهذه الدرجة يمكن لوهم "الفولوورز" (المتابعين) أن يُدخِل صاحبه في حالة جد متقدمة من الهلوسة بجنون العظمة ؟؟ أم وِفق عدد 15 فردا أو حتى 20، الذين يأتون لمؤازرته أمام المحكمة ؟؟ وهل أصبح المهداوي يعتقد أن قناته اليوتوبية أصبحت مُدَسْتَرَة إلى جانب الهيئات المنوطة بتمثيل الشعب ؟؟ والأدهى من هذا كله هو أن المهداوي أخرج -وبأسلوب تكفيري صريح- من ملة ودين رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من يختلف معه أو لم يتضامن معه في قضيته الشخصية، معتبرا أن من يساندونه هم فقط من ينطبق عليهم الحديث النبوي القائل: "لا تجتمع أمّتي على ضلالة"،(الفقيه المهداوي أخطأ و نطقها ضلال عوض ضلالة) أي أنه بالنسبة للمهداوي، فكل خارج عن الإطار الذي حدده هو بنفسه واستفتى فيه نَفْسَهُ بِنَفْسِه وباسم الشعب المغربي كُلِّه ونيابة عنه بدون أي وجه حق.. كل خارج عن هذا الإطار هو في ضلالة وكل ضلالة في النار وأنه ليس محسوبا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بتاتا... في إساءة صريحة ليس فقط للشعب المغربي وإنما أيضا للرسول الكريم لتوظيف رمزيته وحرمته بشكل مقيت وإقحامه في أمور شخصية محضة. وحتى الصحافة التي يتبجح بها صاحبنا المهداوي ويتغنى بها ليل نهار، أبى إلا أن يستولي عليها لنفسه وحده... وبعد أن كان يردد باستمرار أنه صحفي، خرج في الفيديو المذكور لينصب نفسه الرمز والممثل الوحيد الأوحد للصحافة... معتبرا نفسه أنه هو من يمثل الصحافة وأن أي شكاية ضده فهي موجهة في الأصل ضد الصحافة وليس ضده هو كشخص ولسان حاله يقول كما قالها في حق الشعب: "أنا الصحافة والصحافة أنا"، في خرق آخر سافر لكل القوانين والضوابط التي تنظم المهنة وتمثيلياتها. فحقيقةً، وأمام هذا العبث كله، الذي بقدر ما يجسد حالة مَرَضِيةً وصلت إلى مستويات مقلقة، فهو أيضا يؤشر على تنامي تسيب غير مسبوق في هذا المجال.. أمام هذا العبث كله لا يسعنا إلا أن نقول: اللهم إن كان جنونا فاشفيه منه وإن كان تهورا فأصلحه، كما نطالب الجهة المختصة بإجراء خبرة نفسية على المعني بالأمر، عَلّها تكون السبيل الوحيد ليتجنب الإدانة، على أمل أن يمتثل للشفاء في حال ثبوت المرض. الوسوم المغرب المهداوي بوغطاط المغربي