انطلقت في المغرب، الخميس، الحملات الدعائية تحضيرا للانتخابات التشريعية (البرلمانية) والجماعية والجهوية المزمع عقدها لأول مرة في يوم واحد في 8 شتنبر المقبل. وتشتد المنافسة على تصدر نتائج الانتخابات المقبلة بين "العدالة والتنمية" و"التجمع الوطني للأحرار" بقيادة وزير الفلاحة عزيز أخنوش. بينما يبرز في المشهد السياسي، كقوة انتخابية، كل من حزب "الأصالة والمعاصرة" وحزب "الاستقلال". وأثير في المغرب خلال الأسابيع الماضية، نقاش بين سياسيين ومحللين، حول دور دوائر القرى في حسم المعركة الانتخابية. الورقة الرابحة تثير دوائر القرى في المغرب "طمع" السياسيين، باعتبارها كنز من الأصوات الانتخابية. ويرى محللون أن الأعيان (أشخاص لهم نفوذ في مناطقهم) في القرى والأرياف هم الورقة الرابحة لحسم أي معركة انتخابية. وتتبادل الأحزاب الاتهامات، باللجوء إلى الأعيان للهيمنة على الخارطة السياسية للقرى والأرياف، بما يسمح بخلق التوازنات في المشهد الانتخابي. ويعتبر الأعيان، من الفاعلين المؤثرين في الأوساط القروية. وترى بعض الأحزاب أن القرى كنز لا ينضب بيدها مفاتيح ترجيح الكفة لفائدة حزب على حساب آخر. الناخبون وبلغ عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية في المغرب 17 مليونا و983 ألفا و490 شخصا، بحسب بيانات وزارة الداخلية، وفق الإحصاء النهائي الذي صدر في 30 يوليوز الماضي. ويشكل الذكور النسبة الأكبر للمسجلين في اللوائح الانتخابية ب54 بالمائة، مقابل 46 بالمائة من الإناث. ويوجد 46 بالمائة من الناخبين المغاربة في القرى، يشكلون هدفا يجذب إليه أطماع الأحزاب، بهدف كسب أصوات ملايين الناخبين. وتشكل الفئة العمرية لما فوق 60 عاما النسبة الأكبر من الناخبين (23 بالمئة). بينما تمثل الفئة العمرية ما بين 18 و24 عاما 8 بالمئة من الناخبين، وما بين 25 و34 عاما 19بالمئة، وما بين 35 و 44 عاما 21 بالمئة، وما بين 45 و 54 عاما 20 بالمئة ، وما بين 55 و 59 عاما 9 بالمئة . حسم متجدد ومنذ أول انتخابات محلية عرفها المغرب في 29 ماي عام 1960، ظهر الدور الحاسم للأعيان، في ترجيح كفة الفائز في دوائر القرى. وفازت "جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية" التي أسسها أحمد رضا كديرة صديق ومستشار الملك الراحل الحسن الثاني في 21 مارس 1963، بأغلبية مقاعد الجماعات المحلية في انتخابات 28 يوليوز 1963. ويرى مراقبون أن الجبهة استفادت من الأعيان، وحسمت المعركة الانتخابية في القرى، وفازت على الأحزاب التاريخية (حزب الاستقلال الذي كان يرأسه آنذاك الزعيم علال الفاسي)، رغم أنها حديثة النشأة في حينه، وشاركت في الانتخابات بعد 4 أشهر من تأسيسها. وفي عام 2015، حاز حزب "الأصالة والمعاصرة" (تأسس في غشت 2008) على جل مقاعده في المناطق القروية، بينما نال حزب "العدالة والتنمية" الصدارة في المناطق الحضرية. ورجحت دوائر القرى كفة الفائز، ليتصدر حزب "الأصالة والمعاصرة" نتائج انتخابات مجالس الجماعات في انتخابات 2015. القاسم الانتخابي وفي 6 مارس الماضي، أقر مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) مشروع القانون التنظيمي للمجلس، نص على تعديل طريقة حساب "القاسم الانتخابي" الذي يتم على أساسه توزيع المقاعد البرلمانية وبالمجالس البلدية، بعد الاقتراع. ووفق خبراء، سيكون للقاسم الانتخابي تأثير مُقيد على مقاعد الأحزاب الكبرى، وفي مقدمتها "العدالة والتنمية"، خصوصا بالمدن ذات الكثافة السكانية الكبيرة (الدارالبيضاء والرباط وطنجة وفاس ومكناس ومراكش)، التي توفر لها عددا وفيرا من المقاعد. فوفق التعديل الجديد، سيتم قسمة مجموع الناخبين المسجلين على عدد المقاعد بدلا من قسمة عدد الأصوات الصحيحة، وما يدعم أيضا خسارة الأحزاب الكبرى مزيدا من المقاعد هو إلغاء العتبة (الحد الأدنى من الأصوات المحصلة في الانتخابات). ويرى خبراء أن "الحزب لا يمكن أن يتصدر الانتخابات، إلا إذا استطاع تعويض تراجعه المرتقب في المدن الكبرى، من خلال الفوز بمقاعد أخرى في القرى". وللمرة الأولى في تاريخ المغرب، يقود "العدالة والتنمية" الحكومة لولايتين، إثر فوزه في انتخابات 2011 و2016، وهو يستعد لخوض الانتخابات المقبلة في سبتمبر 2021. وأجريت آخر انتخابات تشريعية عام 2016، وحل فيها "العدالة والتنمية" بالمركز الأول (125 مقعدا من أصل 395)، فيما حل "الأصالة والمعاصرة" ثانيا (102 مقعدا)، و"الاستقلال" ثالثا (46 مقعدا)، ليحل "التجمع الوطني للأحرار" رابعا .