بعد خمس سنوات فقط من مجيء المصور الفوتوغرافي الاسكتلندي "جورج واشنطن ويلسون" المذكور في الحلقة الثانية من هذه السلسة، شهدت طنجة سنة 1875 مجيء مصور اسكتلندي اخر،هو المصور الشهير "جيمس فالانتين" (James Valentine) الذي يعد أول من بدأ انتاج الصور البريدية وتوزيعها في العالم. ويعد هذا المصور هو من أفضل المصورين الاوائل الذين جاءوا إلى طنجة، حيث تميز بالتقاطه مجموعة من الصور العامة من زوايا متعددة للمدينة، يمكن للمضطلع عليها أن يرى من خلالها شكل المدينة وحجمها ومبانيها ويأخذ فكرة شاملة عن "بلدة" طنجة سنة 1875 بالاضافة الى سكانها وتنوع اعراقهم. وتُعتبر الصورة حديث هذا الموضوع، واحدة من الصور التي التقطها جيمس فالانتين خلال زيارته إلى طنجة سنة 1875، وفيها تظهر الساحة التي تُعرف باسم السوق الداخل، التي كانت مركز المدينة في تلك الفترة وأشهر ساحة بطنجة عبر حقب تاريخية عديدة. وتُظهر الصورة بساطة طنجة في فترة زيارة المصور، وهي البساطة المتجلية في كل شيء، سوق صغير يتواجد على أطرافه بعض الباعة بمحلاتهم الصغيرة، والناس بملابسهم التقليدية يعبرون ساحة السوق نازلين نحو المرسى أو صاعدين نحو عقبة الصياغين. كما تظهر في الصورة بعض البنايات الهامة، مثل الجامع الكبير بصومعته الطويلة، وهو الجامع الذي كان كنيسة خلال الفترة البرتغالية والانجليزية قبل تحرير طنجة سنة 1684 وتحويله إلى مسجد، ثم ترميمه وإصلاحه سنة 1817 بأمر من السلطان المولى سليمان. وخلف المسجد أقصى يمين الصورة، يظهر البريد الاسباني، الذي كان قد تم افتتاحه سنة 1870 بعد تزايد أعداد الاجانب، خاصة الاسبان، في طنجة، ويظهر في هذا السياق عدد من الاجانب بملابسهم العصرية قبالة تلك البناية. وفي العموم، فإن هذه الصورة تُظهر مغرب اواخر القرن التاسع عشر قبل عقود قليلة من سقوطه فريسة في يد الحماية الامبريالية، مغرب البساطة بتقاليده ومظاهره البعيدة عن الحداثة التي كانت قد غزت أوروبا آنذاك. ويعود الفضل للمصور الفوتوغرافي "جيمس فالانتين" في اغنائه للأرشيف التاريخي لطنجة بصورة غاية في الأهمية، تعد بدورها وثائق تاريخية يمكن الاعتماد عليها كثيرا في البحوث التاريخية حول طنجة، وقد توفي هذا المصور بعد زيارته لطنجة بأربع سنوات فقط، وذلك سنة 1879.