يُعتبر المصور الفوتوغرافي الاسكتلندي "جورج واشنطن ويلسون" (George Washington Wilson) من أوائل المصورين المشهورين الذين شهدهم العالم بعد اختراع الة التصوير "الكاميرا"، ويُرجح بقوة أنه ثاني مصور فوتوغرافي زار مدينة طنجة في تاريخها بعد المصور الفرنسي "جون بابتيست ألاري"، الذي جاء ذكره في الحلقة الاولى من هذه السلسلة. ولن نبالغ إن قلنا أن هذا المصور الاسكتلندي هو أول مصور فوتوغرافي تمكن من اقناع بعض الطنجاويين بالوقوف أمام الكاميرا لأخذ الصور، ليكونوا هم من أوائل الطنجاويين الذين أٌلتقطت لهم صورا فوتوغرافية شخصية في البدايات الاولى لظهور الفوتوغراف. ويرجع هذا الكلام، أولا لأن المصور الفرنسي "جون بابتيست ألاري" الذي زار طنجة سنة 1859 لم يلتقط سوى صورة واحدة يظهر فيها مشهد عام لطنجة بأسوارها جهة السوق البراني، وثانيا لا توجد صور فوتوغرافية من هذا النوع قبل فترة مجيء جورج واشنطن ويلسون إلى طنجة، وهو المجيء الذي كان في سنة 1870. وقلنا بأن هذا المصور الاسكتلندي هو أول من أقنع بعض سكان طنجة بالوقوف أمام الكاميرا، لأن وفق ما جاء في عدد من كتب التاريخ ومذكرات بعض الرحالة الاجانب، أن المغاربة في هذه الفترة كانوا يرفضون رفضا قاطعا التقاط الصور لأنفسهم أو أن يتم رسمهم، لإيمانهم أن الدين الاسلامي يُحرم تجسيد البشر في صور. الصورة التي نرفقها مع هذا الموضوع، هي صورة مركبة من عدد من الصور التي كان قد التقطها جورج واشنطن ويلسون لعدد من أهل طنجة باختلاف اجناسهم ودياناتهم وأعراقهم ووظائفهم، محاولا التقاط جميع النماذج البشرية التي كانت تعيش في طنجة خلال العقود الاخيرة من القرن التاسع عشر. ونجد في الصورة جميع أنواع الازياء والملابس التي كان يلبسها سكان طنجة في فترة زيارة المصور الاستكتلندي، الحايك الرجالي والجلابة والقشابة العسكرية بالنسبة للرجال، والحايك النسائي والشاشية والقفطان و"الكسوة الكبيرة" بالنسبة للنساء، بالاضافة إلى الجواهر النحاسية. واستطاع أن يلتقط المصور نماذج عرقية مختلفة لسكان طنجة، حيث تظهر في الصورة الاعلى أقصى اليسار، امرأة يهودية ب"الكسوة الكبيرة" التي تلبسها النساء اليهوديات في الافراح، والمرأة المسلمة الجبلية والريفية بلباس الحايك والقفطان في صور اخرى. كما استطاع أن يلتقط نماذج مختلفة لأشخاص من طبقات مختلفة، حيث يظهر في الصورة الأعلى أقصى اليمين رجل بالحايك الرجالي الذين كان يلبسه الاعيان، وأسفل منها صورة رجل وابنه بالجلابة التقليدية التي يلبسها عامة الناس، بالاضافة إلى الجندي في الصورة السفلى أقصى اليسار بال"القشابة" العسكرية وبندقيته. وتعد هذه الصور بتفاصيلها الكثيرة هي من أوائل الصورة الشخصية التي تدخل في نطاق "البورتريه" تم التقاطها لأشخاص من طنجة، سنة 1870، ويعود الفضل بالأساس إلى المصور الاسكتلندي جورج واشنطن ويلسون، الذي ترك صورا أخرى غاية في الأهمية عن مدينة طنجة، حيث لم يكتفي فقط بالتقاط صور البورتريهات بل التقط مجموعة من الصور الاخرى لأماكن ومشاهد عامة لطنجة. وتجدر الاشارة إلى أن زيارة هذا المصور الاسكتلندي إلى طنجة جاءت ضمن رحلة قام بها لزيارة عدد من الاماكن في البحر الابيض المتوسط، مثل اسبانيا وجبل طارق سنة 1870 لإغناء أرشيفه الفوتوغرافي، وقد خلف ورائه بعد وفاته في سنة 1893 حوالي 40 ألف صورة لا زال جلها محفوظا في جامعة أبردين الاسكتلندية.