عبرت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة "ترانسبرنسي" عن قلقها الشديد إزاء الاستخفاف بأمن المعطيات الشخصية للمواطنين وتعريض البلد للاختراق السيبراني، وانتقدت نزيف المال العام عبر تضارب المصالح في قضية اللحوم، مع تأكيد رفضها لهدم مساكن المواطنين بدون احترام القوانين الجاري بها العمل. وطالبت الجمعية في بلاغ لها الحكومة بنشر نتائج التحقيقات في هذه المستجدات الوطنية الهامة بشفافية تامة لتعميم الفائدة على كافة المعنيين.
الهجمات السيبيرانية وقالت ترانسبرانسي إن الهجمات السيبرانية التي تعرضت لها مواقع مغربية، أدت إلى تسريبات واسعة النطاق للبيانات الشخصية ذات الأهمية القصوى في العديد من الهيئات الحكومية، وخاصة وزارة التشغيل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بما من شأنه زعزعة الاستقرار وتهديد السلم العائلي والاجتماعي والوطني. وتوقفت "ترانسبرانسي" على كون الدستور يضمن حماية البيانات، معتبرة أن هذا الاستخفاف بمقتضيات الدستور والقانون يثير تساؤلات عديدة ويحتمل تعرض معطيات أكثر سرية للاختراق، تهم الأفراد والجماعات. وأدانت الجمعية الطريقة غير اللائقة لتواصل المؤسسات المعنية، فعوض أن تتجه لطمانة المؤمنين والشركات وتعتذر لهم، اختارت أن تتوعدهم وتهددهم في ظل اختفاء موقف الوزارات الوصية. وطالبت ترانسبرنسي بإطلاع الجمهور على استراتيجية السلطات العمومية فيما يتعلق بأمن أنظمة المعلوميات وجودة حماية البيانات الشخصية والأمن الوطني، ومن يقوم بتقييم نتائج الهيئات مثل اللجنة الوطنية لمراقبة حماية البيانات ذات الطابع الشخصي والمديرية العامة لأمن نظم المعلومات التي من المفترض أن تمارس الرقابة على الهيئات العامة، وأحيانا الخاصة، في مسائل البيانات الحساسة وفقا للقانونين 09-08 و 05-20، وإعداد تقارير دورية عن نتائج أنشطتها والجزاءات المترتبة عن ذلك. كما دعت الجمعية إلى الإفصاح عمن يحتمل أن يسمح لبعض مقدمي الخدمات بإنجاز خدمات الاستشارات والدعم والتدريب ومبيعات البرامج وخدمات الأجهزة الأمنية بالإضافة إلى مهمة التدقيق، مما يشكل تضاربا واضحًا للمصالح. وشددت على ضرورة تحديد الفجوة القصوى التي يمكن التسامح معها بين أعلى وأدنى أجر، وفقا للمعايير الدولية للحكامة الرشيدة في القطاعين العام والخاص. كما طالبت ترانسبرانسي بالإفصاح عن نتائج طلب العروض عدد 2021/15 بتاريخ غشت 2021 المتعلق بدعم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في عملية الامتثال المتطلبات القانون 09-08 التي كان من المفترض قانونيا أن تنشر في بوابة الصندوق، إلى جانب فتح تحقيق قضائي من طرف النيابة العامة وكذا لجنة برلمانية لتقصي الحقائق وتحديد المسؤوليات بعد هذا التسريب غير المسبوق من ناحية الحجم والحساسية. دعم استيراد الماشية ومن جهة أخرى، قالت الجمعية إنها تتابع قرار الحكومة بدعم استيراد البقر والغنم من أجل تخفيض أسعار اللحوم وأثمان أضحية العيد، حيث رصدت لذلك مبلغ 13.3 مليار درهم، مع ما يسجل من فشل للحكومة في بلوغ الهدف المعلن لهذه العملية، وهو تخفيض ثمن البيع للمواطنين. وتوقف البلاغ على ما شاب العملية من انحرافات وآليات ملتوية للافتراس، حيث حصل بعض المستفيدين من تسريب المعلومة قبل إصدار المرسوم ذي الصلة مما يشكل جنحة التداول من الداخل (delit d'initie) أي جريمة الاستخدام غير القانوني للمعلومات السرية. وفي هذا الصدد، طالبت الجمعية بالإفصاح وبكل شفافية عن شروط الاستفادة من دعم استيراد البقر والغنم ومدى احترام المستفيدين والمديرين الحكوميين لهذه العملية الفاشلة واسترجاع المبالغ الضائعة وتحديد الاجراءات القانونية ذات الصلة. واستغربت من عدم قبول أحزاب الأغلبية لتكوين لجنة لتقصي الحقائق في هذا الشأن كإحدى آليات الرقابة التشريعية لمعرفة حقيقة ما جرى، ودعوة الجهات القضائية المعنية لترتيب الجزاء. هدم تعسفي للمساكن وفي موضوع ثالث، أعربت ترانسبرانسي المغرب عن قلقها الشديد إزاء عمليات هدم منازل الساكنة في عدة مدن مغربية، وعلى رأسها الدارالبيضاء والرباط في خضم السنة الدراسية وعلى مقربة من شهر رمضان، وترحيل السكان لمناطق بعيدة في محيط مدينتي تامسنا وعين عودة. وأشار البلاغ إلى ما تعرضت له الساكنة من ترهيب لبيع مساكنها في حي المحيط لجهات غير محددة لحد الآن، وذلك بأثمان جزافية مفروضة، كما تم الضغط على المكترين من أجل إخلاء بيوتهم دون احترام المساطر القانونية للإفراغ تحت مبرر "تفعيل تصميم تهيئة المدينة من أجل جعلها جاذبة لساكنتها ولزوارها". واعتبر ذات المصدر أن هذا السلوك تفادته السلطات العمومية في الأراضي التابعة لشخصيات بارزة وشركات مغربية وأجنبية ودول، بهدف توسيع مجموعة من طرق المدينة، حيث طبقت قانون نزع الملكية، مما يبرر مشروعية التساؤل عن مدى الحيف والكيل بمكيالين في التعامل مع المواطنين المشمولين بنفس العملية. وسجلت الجمعية أن العمليات المذكورة سبقها هدم شقق بمدينة تمارة سنة 2022 وطال الهدم أحياء في الدارالبيضاء في تجاوزات للقانون خاصة في المدينة العتيقة بشكل تعسفي، وغياب للتعويض المالي المنصف. وطالبت "ترانسبرانسي" السلطات العمومية بتنوير الرأي العام فيما يتعلق بمنطق الكيل بمكيالين وتطبيق القانون على علية القوم والدوس عليه بالنسبة لباقي المواطنين في عمليات تزيين المدن وتوسيع شوارعها. وخلصت الجمعية إلى دعوة الحكومة لنشر نتائج التحقيقات في هذه المستجدات الوطنية الهامة بشفافية تامة لتعميم الفائدة على كافة المعنيين.