استفزت زيارة زعيم الحركة من أجل الاستقلال الذاتي بمنطقة القبائل(الماك) فرحات مهني الى اسرائيل الأوساط السياسية والشعبية في الجزائر، كونها خدشت مشاعر الجزائريين والسياسة الخارجية لبلادهم التي ترفض أي تطبيع مع الدولة العبرية . انطلقت زيارة مهني لاسرائيل هذه السنة انطلاقا من العاصمة الفرنسية عبر طائرة شركة الطيران"العال" بجواز سفر فرنسي تحت اسم "كاري لويس"في سياق البحث عن دعم لموقفه الانفصالية لمنطقة القبائل ودعم ما يعتبره الأقليات الامازيغية في كل من المغرب و ليبيا. ولم تطرح فكرة انفصال منطقة القبائل التي تقع شمال الجزائر منذ فترة الاستعمار الفرنسي الذي سبق أن اقترح على سكانها منح الاستقلال الذاتي مقابل وقف الإعمال الثورية، غير ان اهل المنطقة رفضوا تلك "المقايضة" من باب الحفاظ على الوحدة الترابية لبلادهم . ولم تعد فكرة الانفصال تلك الى الواجهة إلا مع ظهور "فرحات مهني" سنة 2001 في باريس، حيث شكل ما يعرف بالحكومة القبائلية المؤقتة، وقدم طلبا بذلك إلى رئيس الجمهورية والحكومة والبرلمان، والى هيئات دولية لمنح منطقة القبائل الاستقلال الذاتي، تحت مبرر وجود هوة بين السلطة في الجزائر والمنطقة . وليس فرحات مهني، سوى ناشط سياسي ومغني أمازيغي جزائري ولد في 1951 في" إيغيل إليلولا "بولاية تيزي وزو، قاد عام 94 ما سمي ب"إضراب المحافظ"، أي الامتناع عن الدراسة بمنطقة القبائل، وعثر عليه ضمن المسافرين على متن طائرة "الأيرباص" الفرنسية المتجهة إلى باريس والتي اختطفت من قبل كوموندو "الجيا" سنة 94،وهو ما دفع بالعديد من المتتبعين إلى اتهامه بالهروب من ساحة المواجهة بعدما ترك أطفال منطقة القبائل بلا دراسة خلال سنة كاملة. وتناضل الحركة المطالبة بانفصال منطقة القبائل عن السلطة الجزائرية، من اجل تأسيس دولة فيدرالية تضم فقط منطقة القبائل بولايات محددة لا يزال سكانها يتكلمون اللهجة الامازيغية وتشمل ولايات الوسط الجزائري وبعض ولايات الشرق التي تعرف بالشاوية ليكون لها حكم ذاتي، لا تتدخل فيه السلطة الحاكمة ألان التي يعتبرونها ديكتاتورية تقمع الحريات وتلغي الخصوصية الذاتية. وتنظر السلطة إلى الحركة وكأنها دمية "القارقوز" يحركها أجانب من اجل ضرب الاستقرار في الجزائر، وبالتالي فإنها لا تعترف بها و تطالب بزعيمها الفار الى الخارج لمحاكمته في قضية إمام العدالة .ولتلك الغاية أصدرت السلطات الجزائرية مذكرة توقيف في حق زعيم الحركة، بمجرد دخوله التراب الجزائري على خلفية تصريحاته الانفصالية . وتعتقد السلطات ان "فرحات مهني "ما كان له ان يتحرك ويجاهر بتلك الافكار دون دعم داخلي و خارجي . الأول يتمثل في مواقف بعض الجماعات المتطرفة في منطقة القبائل التي ترى إن تحقيق الاستقلال الذاتي مطلب حتمي، على ضوء موجات التبشير التي عرفتها المنطقة خلال السنوات الأخيرة. أما الدعم الخارجي فمصدره دول بعينها تتهمها الجزائر، ضمنها المغرب، بتشجيع الأفكار الانفصالية لزعيم "الماك"كرد فعل على موقفها الداعم لجبهة البوليساريو في قضية الصحراء. وفي هذا السياق تداولت أوساط إعلامية، خبر تلقي"مهني" دعما ماليا قدر بمليون أورو، من المجمع اليهودي الأمريكي، الذي ينشط في إطار تهويد العرب وتمجيد دولة إسرائيل الكبرى، لتمويل نشاط الحركة الانفصالية بالجزائر، وفروعها في غرب أوروبا''، الى جانب تشجيع عقد المؤتمر الدولي الأمازيغي بجزر الكناري، بعد ان رفضت السلطات الفرنسية انعقاده فوق أراضيها، لحفظ علاقاتها الجيدة مع الجزائر. وبذلك تكون جزر الكناري التي سبق وأن احتضنت المؤتمرات العالمية الأمازيغية، المحطة التي يرتقب ان يعلن منها رسميا "استقلال بلاد القبائل" ووضع الدستور وخصائص الدولة الجديدة، وذلك بالطرق الدبلوماسية والعسكرية، حيث تم اعتماد إستراتيجية الكفاح المسلح داخل منطقة القبائل، بإعلان الحرب على الجيش الجزائري وإحداث اضطرابات أمنية، الغرض منها لفت أنظار العالم . وتشير إخبار إلى أن السفير السابق لإسرائيل في موريتانيا، والملحق العسكري بها وعناصر من الموساد ، حضروا المؤتمر. وكان اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدةالأمريكية، قد مكن زعيم "الماك" فرحات مهني، من الولوج إلى مجلس الشيوخ الأمريكي السنة الماضية من أجل إقناع أعضائه بضرورة مساعدته على تنظيم استفتاء حر، حول الحكم الذاتي بمنطقة القبائل التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين . وأمام الرفض الذي يلقاه هذا التنظيم من قبل الأحزاب السياسية في الجزائر بما فيها تلك التي تمثل منطقة القبائل كجبهة القوى الاشتراكية والتجمع من اجل الثقافة والديمقراطية، فقد شهد التنظيم نزيفا كبيرا لقواعده بالجزائر دفعه إلى الاستعانة بتلاميذ المدارس حيث نظم مسيرتين تبناهما تنظيمان يسميان "تنسيقية تلاميذ الثانويات" و"اللجنة الوطنية للطلبة الديمقراطيين الأمازيغ" بتيزي وزو. كما حاول تنظيم مسيرة أخرى بالجزائر العاصمة شهر أبريل الماضي غير أنها فشلت في تعبئة طلبة الجامعة .