في تقديري هناك تحديات واكراهات ومخاطر محيطة بالمغرب مرتبطة بالزمن الذي نعيش فيه أي القرن الواحد والعشرين وهناك اكراهات ومخاطر مرتبطة بالعامل الجغرافي للمغرب بحكم تواجده في أقرب نقطة من أفريقيا إلى أوروبا وبحكم وجوده على واحد من أهم المعابر المائية العالمية: مضيق جبل طارق. ومنها ما هو مرتبط بالخيارات السياسة والاقتصادية والاجتماعية للحكومات التي تعاقبت على حكم المغرب منذ الاستقلال وإلى اليوم. 1.زمن كل المخاطر ينعت بعض المفكرين والباحثين القرن الواحد والعشرين بقرن كل المخاطر لأسباب متعددة نذكر على سبيل المثال لا الحصر بعض منها: أ. أزمة اقتصادية عالمية خانقة وهي في المحصلة أزمة الليبرالية المتوحشة وعولمتها التي عولمة الفقر والإفلاس والأزمات الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية بحكم الخيارات والوصفات المسمومة التي فرضتها المؤسسات المالية التابعة لها على الشعوب والدول . وهي في عمقها أزمة قيم بعد سيادة منطق الاستهلاك وانتصار الجشع والمضاربة والاحتكار والهيمنة عوض الإنتاج والمبادرة (وأحيل هنا على المبادئ المؤسسة للفكر الليبرالي) . إننا أمام منظومة اقتصادية أصبحت جزءا من المشكل وبحاجة إلى مراجعات جوهرية من أجل عولمة أكثر عدلا وأكثر إنسانية. إن المغرب في قلب الأزمة الاقتصادية العالمية ومن يحاول إقناعنا بأن المغرب في مأمن عما يجري في عالم المال والاقتصاد الدولي إنما يحاول تغطية الشمس بالغربال . نحن نؤدي اليوم فاتورة ارتباط بلادنا بخيارات الليبرالية المعولمة المتوحشة مما يستوجب فتح نقاش عمومي حول طبيعة الخيارات التي اختارها حكام هذا البلاد في العقود الماضية في غياب مشروع وطني استراتيجي ورهنت البلاد والعباد وأصبحت اليوم عبئا ثقيلا ليس فقط على حاضرنا بل على مستقبلنا أيضا . ب. أزمة بيئية خطيرة إن التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث وما يصاحب هذه الظواهر من ندرة المياه وزحف للصحراء والتعرية وملوحة الأراضي الفلاحية وهشاشة التوازنات البيومورفومناخية مشاكل حقيقية تتهددنا بتداعياتها المحلية والإقليمية والدولية . العالم مقبل على نزاعات وحروب سيكون الماء سببها كما هو مقبل على هجرة جماعية مكثفة في اتجاه الشمال خصوصا من البلدان الواقعة جنوب الصحراء الكبرى. ج.انفجار ديموغرافي عالمي يتوقع الخبراء في مجال الإسكان أن ساكنة العالم ستنتقل من ستة ملايير نسمة الآن إلى حوالي عشرة ملايير نسمة بحلول سنة 2050 و قد تصل ساكنة المغرب إلى حدود 70 مليون نسمة. فلنتصور طبيعة المشاكل التي ستواجهنا والتحديات التي سيكون علينا التغلب عليها من دون أن ننسى طبعا الضغط الذي قد يرافق هذا الانفجار الديمغرافي نتيجة الهجرة الجماعية المتوقعة في ظل استفحال المشاكل المناخية والبيئية . إننا حينما نقول بإمكانية نمو ديموغرافي سريع فهذا لا يعني بالضرورة زيادة نسبة الشباب أي نسبة الفئات المنتجة بل قد يعني أيضا ارتفاع نسبة الشيخوخة أمام ارتفاع معدلات الأعمار في دول العالم. وعلى الأقل سيكون للنمو الديمغرافي نتائج سلبية على دول الجنوب إذا استمرت أوضاعها في التراجع والانهيار و لم تستغل هذا النمو لتحويل القوى القادرة على الإنتاج إلى قوى منتجة للقيمة المضافة وما يستلزم ذلك من برامج للتنمية البشرية الحقيقة ووقف نزيف الأدمغة نحو البلدان الغربية. د. الخصاص في الموارد الطاقية الخصاص في الموارد الطاقية أو على الأقل زيادة ثمنها نتيجة تزايد الطلب عليها لدرجة قد تعجز معه دول كالمغرب وصندوق مقاصاته في الوفاء بفاتورتهما ولنتصور الصعوبات الجمة التي ستواجه بلادنا فقط إذا انتعش الاقتصاد العالمي وتزايد الطلب على البترول والغاز لدرجة يصبح معها برميل النفط يراوح 200 دولار مثلا. 2: جيوغرافية كل المخاطر الوجود الجغرافي لبلادنا يطرح أمام بلادنا العديد من التحديات والمخاطر منها: أ. المغرب ينتقل من بلد المهاجرين وبلد للعبور إلى بلد للهجرة غير القانونية. ففي غضون العشرين سنة الأخيرة تحول المغرب من بلد يصدر المهاجرين إلى بلد استقبال وعبور المهاجرين خصوصا القادمين من جنوب الصحراء قبل أن يتحول إلى بلد استقرار للعديد من هؤلاء المهاجرين خصوصا بعدما شددت أوروبا شروط الهجرة وقبول المغرب بأن يلعب دور الشرطي الساهر على أمن القارة العجوز. اليوم المغرب يتحمل عبئا إضافيا نتيجة هذا الوضع الذي أصبح يسبب الكثير من المشاكل الاجتماعية بل يطرح أعباءا اقتصادية وتحديات أمنية وأوضاع إنسانية قلقة. ب. مافيا المخدرات : فموقعنا الجغرافي من جهة وارتباط بلادنا بالاقتصاد المعولم فتح بابها أمام المافيا العالمية باعتبار المغرب بلد عبور المخدرات الصلبة القادمة من أمريكا الجنوبية عبر الصحراء أو المحيط الأطلسي كما أنها تسعى للحصول على حصتها مما تتيحه السوق المغربية من فرص كالاتجار في الحشيش أو الدعارة أو القمار. إننا حينما نتحدث عن المافيا أو الكوزا نوسطرا نتحدث عن الجريمة والعنف والرشوة وتبييض الأموال وإفساد الأمنيين والسياسيين والاقتصاديين. ج. الإرهاب المحلي والدولي بلادنا ككل دول العالم لم تسلم من مخاطر الإرهاب المحلي والدولي . هذا الإرهاب الذي يتغذى على المأزق الاجتماعي والفكر المتطرف والأزمة الاقتصادية و الانسداد والاستبداد السياسي والظلم كما يتغذى من مواقف الغرب من الإسلام والمسلمين في ظل تنامي المد اليميني المتطرف في بلاده وعلى مواقف هذا الغرب من قضايانا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية. الإرهاب يشكل بالفعل خطرا كبيرا على المغرب وعلى كل خطوات الإصلاح السياسي في أفق انجاز الانتقال إلى الديمقراطية من خلال إعطاء الفرصة للمتربصين المتوجسين من الإصلاح والديمقراطية على مصالحهم من من ألفوا اقتصاد الريع والمتطرفين العلمانيين والأمنيين ليجهضوا حلمنا في إنجاح الانتقال إلى الديمقراطية. وإذا كان الإرهاب واقعا ببلادنا فهذا لا يعني الاستسلام له بل يجب مقاومته والتصدي له من خلال مقاربة شاملة تستحضر البعد الأمني من دون انتهاك لحقوق الإنسان أو فبركة الملفات أو محاكمات ظالمة ، كما تستحضر الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية/ الفكرية والدينية. د. النزاعات الإقليمية المقصود هنا بالدرجة الأولى نزاع الصحراء مع جبهة البوليساريو المدعومة جزائريا . إن استمرار هذا الصراع وتداعياته يشكل تهديدا حقيقيا على وحدة المغرب ويرهن مجهوداته التنموية للمجهول كما يفتح المنطقة نحو استقطاب جديد متمثل في القاعدة في بلاد المغرب العربي التي قد تستغل هذا الصراع لتجد لها أكثر من موقع ونقطة للتمركز والانطلاق خصوصا في الساحل والصحراء الكبرى التي يرى بعض المتتبعين أنها ستكون أيضا في المستقبل القريب بؤرة للتوتر بين قوى عظمى خصوصا فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية. إن استمرار هذا النزاع هو مأزق للمغرب بقدر ما هو للجزائر والبوليساريو مما يستوجب حلا سياسيا متفاوضا عليه يرضي كل الأطراف المعنية بهذا النزاع. إننا في المغرب مطالبون بالعمل من أجل إعادة الثقة في مبادرة الحكم الذاتي التي تأثرت بأحداث أكديم أزيك ولعل انتصار الديمقراطية وسيادة احترام حقوق الإنسان واعتبار أهالينا في الصحراء شركاء في الحل وتحقيق المصالحة الوطنية والانفتاح بالمغرب من شأنها أن تعيد للمبادرة المغربية المتمثلة في منح هذه الأقاليم حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية بريقها وقوتها. ه.عدم قيام تعاون إقليمي قي شمال إفريقيا في زمن التكتلات الإقليمية والجهوية.فالزمن زمن التكتلات الكبرى ولا أتصور انطلاقة حقيقية للمغرب بعيدا عن اتحاد شمال إفريقيا (المغرب الكبير+مصر) و. الصراع العربي الإسرائيلي تداعيات استمرار حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه والانحياز الظالم للغرب إلى الدولة الصهيونية يشكل مصدرا من مصادر توتر العلاقات خصوصا بين شعوب الأمم الإسلامية ومن بينها المغرب والغرب وقد يستعمل البعض تعقيدات هذا الصراع للجوء إلى الإرهاب. والحل الوحيد هو إنصاف الفلسطينيين بتمكينهم من دولتهم بعاصمتها القدس الشريف وعودة المنفيين إلى مناطقهم التي نزحوا منها ... طبعا حينما أتكلم عن الإرهاب الناتج عن تعقيدات القضية الفلسطينية لا أعني في حال من الأحوال حق الشعب الفلسطيني في المقاومة ولا أعني حق الشعوب والأنظمة العربية والإسلامية بل حق كل شعوب العالم في دعم هذه المقاومة على أرض فلسطينالمحتلة. 3. الخيارات/ السياسات الحكومية خيارات وسياسات كل المخاطر أ.الفشل سمة العمل الحكومي فشلت الحكومات المتعاقبة على حكم المغرب منذ الاستقلال في تحقيق مساواة جميع المواطنين في الفرص وأمام القانون كما فشلت في تحقيق التنمية البشرية الحقيقية يستفيد منها الجميع وفشلت في توفير الخدمات الاجتماعية لجميع المغاربة من الأمن الغذائي والتعليم والصحة والسكن اللائق و في بناء نهضة اجتماعية قائمة على توزيع عادل للثروات و فشلت في حماية المال العام الذي تطاولت عليه لوبيات الفساد و فشلت أخيرا في المحافظة على استقلال القرار الاقتصادي الوطني بخضوعها إلى قرارات وتوجيهات الجهات المانحة للقروض وعلى رأسها مؤسسات بنكية دولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية سواء من خلال التقيد ببرنامج التقويم الهيكلي السيئ الذكر في الثمانينيات أو الالتزام بالتوجيهات والوصفات المسمومة لهذه المؤسسات منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي . كما فشلت في تحقيق التحول إلى الديمقراطية و إصلاح القضاء وجعله قاطرة لحماية التحولات الديمقراطية و منع توظيفه في تصفية الحسابات السياسوية ضد الخصوم والمخالفين. ب . فاتورة الفشل وترتب عن هذا الفشل وضع اجتماعي واقتصادي تميز بالكثير من الهشاشة : فقر مدقع لدى فئات واسعة من الشعب المغربي , استفحال البطالة خصوصا لدى الفئات النشيطة عمريا وبالأخص حاملي الشواهد الجامعية العليا واستفحال الهشاشة الاجتماعية والهجرة القروية نحو المدن الكبرى بحثا عن فرص العمل مما شكل ضغطا على هذه المدن التي وجدت نفسها محاصرة بأحياء الصفيح حيث تنعدم كل شروط العيش الكريم . كما أن الهجرة القروية قد أفرغت المناطق الفلاحية من يد عاملة هي في أمس الحاجة إليها .وترتب عن هذا الفشل أيضا انتشار الأمية وضعف التأطير الطبي الخ الخ... بلادنا اليوم في عين الإعصار،إعصار الأزمة الاقتصادية الخانقة ، تهدد العالم برمته، وبالرغم من كل المجهودات التنموية التي قادها المغرب منذ عقد من الزمن، فقد أصبحت هذه المجهودات في مهب الريح ولم تحقق ما كان مأمولا منها،للارتباط بأزمة الليبرالية المتوحشة والرأسمالية الأوليغارشية.. ج.غياب الرؤية الإستراتيجية وسيادة منطق الإطفائي لدى الحكام: غياب الرؤية الإستراتيجية وسيادة منطق الإطفائي لدى الحكام والبحث عن الحلول المتسرعة والسهلة (الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية)في ظل استمرار غياب مشروع مجتمعي واضح المعالم.وطغيان التكتيك وتدبير الأزمات والتخطيط بالكوارث كلها أمور ساهمت في استفحال أزماتنا. حتى أصبحنا أمام معوقات كثيرة : العنف والعنف المضاد ، التطرف والإرهاب وقمع السلطة والتمييز والمحسوبية والطبقية واستمرار احتكار السلطة والثروة وتمييع العملية السياسية عبر التحكم في نتائجها وإفراغها من مقاصدها باعتبار الانتخابات الحرة والنزيهة لب العملية السياسية التي من المفروض أن تعكس إرادة الأمة في انتخاب من تراهم أهلا لتسيير شؤونها . بل أصبحت الانتخابات وسيلة لتكريس الأوليغارشيا ولتحقيق المصالح الشخصية حين كان المفروض فيها أن تؤدي إلى التخلص من البنية التسلطية للدولة عوض أن تصبح وسيلة لتكريس هذه البنية التسلطية ولإضفاء الشرعية على وجودها أمام الداخل والخارج. فما معنى أي عملية سياسية إن لم تؤد إلى بناء مجتمع يؤمن بالتعدد والاختلاف ومبني على حياة سياسية تشاركية وعلى سلطة القانون وحرية الرأي وقوة الصحافة الحرة وقوة المعارضة؟ د. أزمة النخب إن انتظارات كل شعب تنجزها النخب المخلصة الواعية العالمة التي تعمل على تحقيق آماله وطموحاته. فمن يصلح الملح إذا الملح فسد؟ في بلادنا هناك أزمة نخب حقيقية في شتى المجالات وخصوصا في الحقل السياسي الحزبي حيث أصبح شغلها الشاغل هو تحقيق مكاسب شخصية عبر الاستوزار أو المناصب العليا فاصطفت في طوابير طويلة مستجدية بعض سقط المتاع هنا وفتاة الموائد هناك . ه. أزمة العمل الحزبي عطفا على أزمة النخب تبرز أزمة الأحزاب التي تحولت في مجملها ،إلى دكاكين انتخابية صرفة همها الاستحقاقات الانتخابية و التحالفات السريالية التي من شأنها ضمان موقع أو الحفاظ عليه في الانتخابات القادمة ،خصوصا منذ التناوب التوافقي. في وقت كان من المفروض فيه على بعض الأحزاب ذات الماضي النضالي المشهود له أن تكون اليوم قاطرة التحولات السياسية ببلادنا وأن تدفع بورش الإصلاحات الدستورية في أفق ملكية برلمانية وأن تصطف إلى جانب و لصالح الفئات الاجتماعية الواسعة التي تعبر اليوم عن مطالبها المشروعة في الشارع عبر حركة 20 فبراير.فضلا عن أن تصبح قوة إصلاحية و اقتراحيه حقيقية للحد من تغول السلطة أي أن تقود عملية إصلاح فتكون بذلك في مستوى انتظارات قطاعات واسعة لجماهير الشعب المغربي وفي مستوى اللحظة التاريخية . 4. حركة 20 فبراير بين عودة الأمل والمخاطر المحدقة إذا كان المغاربة قد تعلقوا بخيط رفيع من الأمل في العهد الجديد خصوصا بعد المبادرات والأوراش التي أطلقت بعد جلوس الملك محمد السادس على العرش في صيف 1999 فإن التراجعات التي بدأت تشهدها بلادنا بعد التفجيرات الإجرامية في مايو 2003 بالدار البيضاء بدأت تلقي بظلال من الشك على العملية السياسية برمتها.لكن بعد انتخابات 2007 تحول الصراع السياسي من صراع برامج ومشاريع أو هكذا كان من المفروض أن يكون إلى صراع تستخدم فيه أدوات و آليات الإكراه المادي و الرمزي وتستخدم فيه كل أشكال الحكامة بالمؤامرة في لعبة خطيرة كان حزبنا وقيادته من ضحاياها . إن الانسداد السياسي والفراغ الناتج عن مقاطعة فئات عريضة لانتخابات 2007 واكبه نضالات للفئات المتضررة من الأوضاع عامة التي اعتصمت وأحرقت جسدها وتظاهرت لنيل حقوقها العادلة وعلى رأسها الحق في الشغل. كما واكب هذا التوتر والاحتقان ظهور فضائيات وعلى رأسها قناة الجزيرة لعبت دورا في تكسير احتكار الدولة للإعلام الرسمي ونقلت رأي الشارع وقضاياه في العديد من الأحيان إلى الرأي العام الوطني والدولي الذي أصبح بين يديه رأي آخر وأصبح بإمكانه المقارنة واستخلاص النتيجة .لكن الأنتيرنيت سيلعب دورا أساسيا في تحرير الشعب من القيود المفروضة على حريته في إبداء الرأي بل أصبح يشكل اليوم خطرا داهما يتهدد سلطوية الدولة وسيطرتها . ولقد وجد شباب المغرب ضالتهم في هذه الأشكال الجديدة لإرواء عطشهم إلى حرية التعبير عن الذات وإلى المشاركة السياسية والبحث عن مواطنة حقيقية . ويتضح اليوم من خلال دينامية20 فبراير أن شبابنا بعد أن طاله اليأس والاحباط والنظرة التشاؤمية بفعل الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المظلم الذي يعيشه و دفع بالعديد منه إلى ركوب مخاطر البحر بحثا عن فردوس مفقود من خلال هجرة غير شرعية أودت بحياة الكثير منهم. يعود اليوم ليتشبث بالأمل في مغرب آخر بعد أن ضخت حركة 20 فبراير دماء جديدة في الحياة السياسية ببلادنا ومنحت لشبابها إمكانية إثبات الذات بوعيهم وانضباطهم وثقتهم في إمكانية الدفع بقاطرة التغيير والإصلاح ببلادنا متى أتيحت لهم الفرصة السياسية والاقتصادية التي تعيد إليهم انتماءهم المفقود لأوطانهم وتحيي فيهم الثقة في النفس وبقدراتهم التي سلبها منهم المستبدون والفاسدون عندما دفعوا بهم دفعا في اتجاه اليأس والإحباط وحرموهم من فرصة التعبير والحوار . نعم أصبح السيبرنيت مصدر كل الأوجاع والأسقام لسلطة احتكرت كل شيء . وأصبح اليوم بمقدور المغاربة وغير المغاربة متابعة ما يجري داخل بلادنا بالصوت والصورة وفي الزمن الحقيقي وبالتفاصيل المملة أحيانا. كما أصبح من السهل الكشف عن حالات الفساد والاستعمال المفرط للعنف قي حق المحتجين ونقل ذلك في زمن حدوثه إلى الجهات الأربع من العالم. نعم ألغت وسائل الاتصال والتواصل الحديثة الزمن والحدود والحصار الذي تفرضه النخب المهيمنة على الإعلام. وإذا كانت حركت 20فبراير قد أجمعت على أهداف تصب في جملتها في التصدي ومحاربة الفساد وفضح المفسدين والمطالبة بالحريات السياسية وحل البرلمان والحكومة والقيام بإصلاحات سياسية ودستورية ضرورية لإدخال المغرب إلى نادي الدول الديمقراطية وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة تفرز مؤسسات تعبر عن آمال الشعب وتحقق العدالة الاجتماعية وتحرير الإعلام ليصبح حرا يستوعب الجميع و طالبت بتعليم واع متفوق وبالحقوق الأساسية ليحيا المواطن المغربي حياة كريمة مستقرة وعبرت (أي حركة 20 فبراير) عن وجودها من خلال التظاهر والاعتصام والاحتجاج السلمي الحضاري من أجل إصلاح شامل ومن أجل الحرية والعدالة والديمقراطية استجابة لمطالب جماهرية حيوية وتمشيا مع التطورات الدولية التي لم تعد تقبل استمرار النظم الشمولية المطلقة فإن التطورات الأخيرة وطريقة تعاطي الدولة مع الاحتجاج والتظاهر يجب أن يدفعنا نحو الحذر من القوى المناهضة للتغيير التي قد تستغل أي سوء تقدير أو تصرف لتتحرك من أجل عرقلة دينامية الشارع المغربي وحركة الأحداث نحو الأهداف المرسومة. إن انخراط حزب البديل الحضاري في دينامية حركة 20 فبراير يجب أن يظل رهينا بمدى التزام الجميع بالمطالب المعبر عنها عند انطلاق هذه الحركة المباركة التي تواجدنا فيها بقدر إمكانياتنا وحضورنا بالرغم من كل الاكراهات التي تواجهنا . ولن نسمح بأن تصبح هذه الحركة موضوعا للتوظيف السياسوي أو أن يجز بها في معارك ليست معاركها كما يجب أن نتصدى بكل طاقاتنا للهجوم الممنهج الذي يشن ضدها من طرف أعداء الإصلاح ببلادنا. 20فبراير لحظة جميلة يجب رعايتها لأنها لحظة لإعادة الأمل والثقة والرغبة في بناء مغرب المصالحة مع الذات ، لحظة لبناء علاقاتنا الداخلية نحن أبناء هذا الوطن باعتبارنا جميعا شركاء فيه من أجل تدشين مرحلة جديدة من الالتحام والالتفاف حول مشروع مجتمعي وطني مشروع نهضة حقيقية، مشروع الديمقراطية والحداثة . لحظة للتأكيد أن المغرب بإمكانه أن يشكل فعليا استثناء في العالم العربي . لحظة لتفويت الفرصة على المتربصين بأمن ووحدة بلادنا. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. *أمين عام حزب البديل الحضاري