عبرت البرلمانية مريم الرميلي، التي تترأس منظمة المرأة التجمعية بجهة مراكش أسفي، عن رفضها القاطع ل"الخطاب العدمي التفييئي، الذي تصدى لمشروع قانون مدونة الأسرة وهو لا يزال في المهد، والتعامل مع المقترحات بالتهكم وشيطنتها من طرف حسابات مجهولة بمنصات التواصل الاجتماعي"، مضيفة أن "مدونة الأحوال الشخصية تميزت بغياب شبه تام لحقوق المرأة، التي كانت لا تخبر حتى بطلاقها، إلى جانب تعدد الزوجات، فجاءت مدونة الأسرة سنة 2004 لتعالج هذه الإشكالات، مما شكل ثورة مكنتها من التمتع بحقوقها، لكن بعد مرور عقدين ظهر أن هناك نواقص، مما فرض المراجعة، والحكومة تمتلك الشجاعة الكافية لمعالجة هذا الورش الهام، الذي ستحترم تعديلاته الدستور المغربي والمبادئ الدينية للمجتمع". وأشارت الرميلي، خلال ندوة نظمتها المنظمة الجهوية للمرأة التجمعية بجهة مراكشآسفي، اليوم السبت، بمقر حزب التجمع الوطني للأحرار بمراكش حول "تطلعات العائلة المغربية في ظل مراجعة مدونة الأسرة"، إلى أنه بعد "الإنصات لأزيد من 6000 من الفعاليات المؤسساتية والسياسية والنقابية والمدنية والأكاديمية وكذا المهنيين، في تمرين غير مسبوق بخصوص الموضوع، مع مواكبة إعلامية وتواصلية كبيرة، بنقاش مجتمعي عميق حول الإشكالات المطروحة على الأسرة المغربية وكيفية معالجتها، طرحت الهيئة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة توصيات مشروع قانون مدونة الأسرة، الذي لم يصدر بعد، وأي نص للحكومة سيحترم مقتضيات الدستور المغربي كالمناصفة والدين وإمارة المؤمنين". وطلبت رئيسة المنظمة ذاتها "من المحافظين أن لا يبقوا سجيني جمودهم، ومن الحداثيين أن لا يسيروا بسرعة مفرطة، بعيدا عن مقتضيات وشروط البنية الاجتماعية المغربية، فالجهة المكلفة عملت على دراسة المقترحات المتعلقة بمراجعة مدونة الأسرة وفق مقاربة تأصيلية تحليلية، نروم من خلالها بيان الإيجابيات والسلبيات التي تعتريها، لذا وجب تثمين عمل المرأة داخل أو خارج المنزل، مما يتماشى مع ثقافة الاعتراف، التي تشكل قيمة من قيم الإسلام والأصول المغربية". ودعت إلى "التعامل مع ما يجري على مستوى منصات التواصل الاجتماعي من المغالطات بمنهج الحيطة والحذر لأن المعطيات التي يتم الاشتغال عليها غير ما يتصدر الحسابات من وسوم تحذر من تفكيك الأسرة والعزوف عن الزواج"، مضيفة أن "معركة حقوق المرأة مستمرة، ولن تحول الرجل إلى كائن ضعيف ستسطو المرأة على أمواله لأن مؤسسة الأسرة فضاء للتعاون وتكريم كل من الذكر والأنثى، كما يوصي بذلك الإسلام الذي يعتبر ديننا جميعا ولا يقبل الظلم". النقيب عبد الصادق آيت معطى الله، رئيس منظمة المحامين التجمعيين، أوضح، من جهته، أن "حصول المرأة على نصف الثروة له أصل في الفقه السوسي، الذي يفرض على الرجل المطلق تقسيم الثروة، وهذا توضيح لمن يعتقد أن مدونة الأسرة وضعت للمرأة فقط، فالعكس هو الصحيح، فهذا القانون خصص للأنثى والذكر وللأطفال بالخصوص". وفي حديثه عن عيوب مدونة 2004، أشار المتدخل إلى الحضانة، التي أكد أنها تحتاج إلى ضبط دقيق للقضاء على التحايل في الزيارة، الذي يعتمده بعض الآباء، الذين يلجؤون إلى محضر امتناع المرأة عن إعطاء الابن لأبيه لتقديمه إلى القضاء، الذي يعاقب الأم، وتمنى أن تجد المدونة حلا لهذه المشكلة من خلال تدخل رئاسة المحكمة لتحديد زمن الزيارة بشكل دقيق. كما طالب بأن يوضع حل لمشكلة النيابة الشرعية، وضرب مثلا على ذلك بأنه حينما تقع حادثة سير للطفل تقوم المرأة بكل الإجراءات وتدفع مصاريف الاستشفاء والدعوى القضائية بالمحكمة، وحين صدور حكم التعويض يصبح حضور الأب ضروريا، والأمر نفسه في حالة الولادة في حالة الاغتصاب، وحرمانه من الاسم العائلي، مضيفا أن "على مدونة الأسرة أن تجد لذلك حلا". من جهتها طالبت سعاد صدقي، الحقوقية والمحامية بهيئة مراكش، في مداخلتها، بالعمل على إعادة النظر في مقتضى الإثبات في تطليق الغيبة، مشيرة إلى أنه حين يتغيب الزوج مدة طويلة يتعين التنصيص على الاكتفاء بشاهدين فقط بدل 12 شاهدا. ودعت إلى تمكين الزوج من التطليق في حالة غيبة الزوجة، وتمكين المطلقة من مستحقات الطلاق في حينه قبل صدور الحكم الاستئنافي، الذي تعمل به المحاكم باستثناء محكمة مراكش. كما تناولت شرط الحضانة ومبيت المحضون عند والده وسفره معه باستثناء الحالات الصحية، كما طرحت مشكلة انتقال الحاضنة إلى سكن آخر، دون تنسيق مع طليقها، مما يحرمه من صلة الرحم. وأردفت أن مسألة الحضانة تحتاج إلى إعادة النظر لأن بعض الحاضنات يغيرن عناوينهن ويواصلن ممارسة حق الحضانة على الأبناء رغم بلوغهم سن البلوغ، مما يعرض الأب للمتابعة القضائية بتهمة جنحة إهمال الأسرة، وهذا يفرض ضرورة إعادة النظر لاستصدار حكم سقوط مستحقات النفقة، إذ لا بد من سن مقتضيات صريحة تمكن الأب من العلم بتغيير الحاضنة لسكنها وما يثبت المستوى الدراسي للأبناء وإيقاف مستحقات الراشدين. أما المحامي سعيد اكونتر من هيئة مراكش فقد شرح للحاضرين أن مدونة الأسرة توجه خطابها إلى الزوج والزوجة، مشيرا إلى أن المقترح الذي أثار اللغط بخصوص ملكية الزوجة للسكن بعد وفاة زوجها ليس صحيحا لأنه لا يتحدث عن حق الزوج أو الزوجة في الملكية، بل في الاحتفاظ ببيت الزوجية، وفق شروط يحددها القانون بشكل تدقيق. وأضاف أن "هذا الموضوع يجب تعليقه بمجموعة من الحقوق كتلك الخاصة بالوالدين والطفل المكفول والأبناء من زوجة أخرى، كما يجب أن يسقط هذا الحق باستعمال البيت فيما يخالف القانون وفي حالة الإهمال". وتأتي هذه الندوة في إطار المبادرات الرامية إلى تعزيز الحوار المجتمعي حول الإصلاحات القانونية المرتبطة بالأسرة المغربية. وتهدف إلى فتح نقاش واسع حول الإصلاحات المرتقبة في مدونة الأسرة، في ظل التحولات الاجتماعية والمجتمعية التي تشهدها المملكة، مع تسليط الضوء على تطلعات العائلة المغربية ودور المرأة داخل الأسرة وحقوق الأطفال. وكان الإعلان عن مضامين التعديلات الجديدة، التي شملت 139 مقترحا، قد أثار جدلا واسعا في المجتمع المغربي، إذ رحبت به المنظمات النسائية والحقوقية، كمبادرة نحو الإنصاف والمساواة، في حين ارتفعت أصوات معارضة تحذر مما وصفته بتقويض الأسرة والمس بالثوابت.