المغرب يحتضن المؤتمر الدولي حول سبل إزالة الكربون من وسائل النقل البري المنظم من طرف وزارة النقل واللوجيستيك عرف المؤتمر الدولي الذي نظمته وزارة النقل واللوجيستيك بشراكة مع الوكالة الدولية الألمانية (دويتشه GIZ) يوم الخميس 13 فبراير الجاري بفضاء حديقة القطب المالي للدار البيضاء، تحت شعار:"مسارات إزالة الكربون من النقل البري"، مناسبة لمجموعة من الفاعلين في قطاع النقل البري، لمناقشة وتقاسم مختلف التجارب والجوانب والإمكانيات التي من شأنها المساهمة في إزالة ثاني أوكسيد الكاربون من وسائل النقل البري.
وقد تميزت أشغال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر المذكور، بكلمة لمديرة النقل الطرقي بوزارة النقل واللوجيستيك ليلى بهيجة بوستة، أكدت فيها على أن أن المغرب ظل منذ عدة سنوات، تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، منخرطا في الجهود الدولية الرامية إلى الحد من تغير المناخ والحفاظ على البيئة من خلال المصادقة على اتفاق باريس واعتماده على إستراتيجية وطنية للتنمية المستدامة، مشيرة إلى أن هذا المؤتمر شكل فرصة بين مجموعة من الخبراء والفاعلين لمناقشة موضوع إزالة الكربون من وسائل النقل البري، خاصة في ضوء التزامات المغرب في مجال التنمية المستدامة، وتنظيم الأحداث الرياضة الدولية على غرار نهائيات كأس العالم لسنة 2030، على اعتبار أن التنقل والنقل أصبح يشكل روابط أساسية للنجاح، منوهة بالأدوار التي يقوم بها القطاع العام مثل وزارة الداخلية، وزارة التحول الطاقي والتنمية المستدامة، ومؤسسة محمد السادس للبيئة، والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، والقطاع الخاص ممثلا بمؤسسة "EVAM" الذين كانوا دائما متطوعين ومساهمين في المشاريع التي تنفذها وزارة النقل واللوجيستيك.
وشددت مديرة النقل الطرقي على أن المغرب، أكد إلتزامه في المجال من خلال اتخاذه لمجموعة من التدابير المهمة خلال مؤتمر المناخ (COP22) الذي نظم بمراكش عام 2016، وتقديم مساهمته الحازمة على المستوى الوطني، واعتماد إستراتيجيته الوطنية للتنمية المستدامة في أفق 2030، موضحة أن وزارة النقل واللوجستيك، اختارت تحديد إستراتيجيات طموحة للغاية على المدى الطويل (2035-2040) بما في ذلك الإستراتيجية اللوجستيكية ومخطط السكك الحديدية والمخطط الرئيسي للمطارات، مما سيسمح لها من جهة بالاستجابة للنمو المستمر في السفر، وتحسين كفاءة حركة الأشخاص والبضائع مع تشجيع قدر الإمكان وسائل النقل التي تحترم البيئة وسلامة المستخدمين من جهة ثانية، موضحة أنه بالنظر إلى أن قطاع النقل يحتل المركز الأول في الاستهلاك النهائي للطاقة بنسبة (38%)، فإن ذلك يشكل عبئا كبيرا على فاتورة الطاقة في المغرب، ما يمثل نسبة 28,2% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، دون إغفال انبعاثات الغازات الملوثة التي لها تأثير مباشر على صحة المواطنين، مشيرة إلى أن التحدي الذي يطرح نفسه هو التوفيق بين الحاجة إلى دعم النمو الديمغرافي والتنمية الاقتصادية لبلادنا، مضيفة أن من بين الإجراءات والتدابير التي اتخذتها وزارة النقل واللوجستيك، وضع معايير مكافحة التلوث للمركبات، وإنشاء نظام لقياس ومراقبة الانبعاثات أثناء عملية الفحص الفني الدوري للمركبات، وتخفيض عمر السيارات المستعملة عند الإستيراد إلى خمس سنوات كحد أقصى، وتعزيزبرنامج تجديد أسطول المركبات للنقل المهني للأشخاص والبضائع وتشجيع استخدام وسائل النقل الكهربائية والهجينة من قبل المؤسسة، بالإضافة إلى تحفيز الإجراءات الضريبية والجمركية.
ومن ناحية أخرى، أبرزت المتحدثة ذاتها، أنه تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات الرامية إلى تطوير البنى التحتية للسكك الحديدية تروم تطوير وتوسيع خطوط القطارات السريعة والتقليدية بالإضافة إلى خطوط الترامواي وكذا البنى التحتية اللوجستيكية، والتي لها تأثير كبير على تجميع وسيولة حركة المرور وبالتالي تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، مردفة أنه تم الانتهاء من مشاريع أخرى أو يجري تنفيذها في إطار التعاون مع "GIZ"، منها مشروع تراكس الذي انطلق سنة 2019 والذي يهم ثلاثة بلدان غير المغرب والذي ساهم في اتخاذ العديد من الخطوات المهمة في تطور منظومة النقل نحو التنمية المستدامة، حيث أكدت على أنه بفضل هذا المشروع، تمكنت الوزارة من تعزيز المساهمة المحددة وطنيا لقطاع النقل للفترة 2020-2025 وتطوير نظام القياس والرصد والإبلاغ عن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون واستهلاك الطاقة لقطاع النقل البري (MRV)، فضلا عن تدريب العديد من المديرين المنتمين إلى الوزارة في مجال معالجة بيانات النقل، مشيرة إلى أنه بفضل المشروع المذكور، ستحقق الوزارة الالتزامين الواردين في المساهمات الوطنية المغربية، والمتعلقتين بتصميم نظام العلاوة لتشجيع اقتناء المركبات النظيفة ووضع معايير الأداء من حيث انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون للمركبات الخاصة، ومركبات الخدمات الخفيفة الجديدة. وشددت المسؤولة ذاتها، على أن التعاون المغربي الألماني، يحتل موقعا إستراتيجيا في الموضوع الذي نتناوله اليوم، لأنه يتعلق ببلدين رئيسيين في صناعة السيارات في إفريقيا وأوروبا، ولذلك، فإن نقاط القوة تجمع بين البلدين في مجال التحول نحول الطاقة النظيفة وإزالة الكربون من وسائل النقل، ما سيمكن من معالجة التحديات المعقدة مع الاستفادة من الفرص الكبرى المقبلة.
وقد أجمع عدد من المسؤولين المغاربة والخبراء الدوليون في مجال مكافحة كافة أشكل التلوث البيئي المسبب في الاحتباس الحراري، أن النقل والتنقل أصبح أولوية وجزءا من الديناميكية الدولية التي تهدف إلى دمج مبادئ الاستدامة والمرونة في القطاعات الإستراتيجية مثل الطاقة والنقل، وأنه لا مناص من التحول إلى تنقل بري مستدام، من خلال دمج للطاقات المتجددة في القطاع التي ترتكز على تنفيذ مشاريع الطرامواي وحافلات الخدمة العالية "الباص واي" (BHNS)، مع التركيز بشكل خاص على دور المكتب الوطني للسكك الحديدية في دمج الطاقات المتجددة في النقل بالسكك الحديدية، بالإضافة إلى الدعوة إلى تسهيل الحوار الإستراتيجي وتعزيز تبادل المعرفة ومناقشة الابتكارات الحديثة والجهود المستمرة في مجال إزالة الكربون من وسائل النقل البري، وأيضا تشجيع التعاون المتعدد الأطراف وتحديد فرص التعاون بين المغرب وألمانيا والشركاء الدوليين الآخرين، من خلال طرح حلول ملموسة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة بالاعتماد على دمج الكهرباء، وتعزيز كفاءة الطاقة والنقل العمومي في الإستراتيجيات الوطنية.
هذا، وانصبت مجموعة من المداخلات حول استكشاف حلول النقل العمومي المستدام، مثل توسيع شبكة السكك الحديدية الكهربائية وتعزيز وسائل النقل الحضري، لاسيما منها عربات الطرامواي وحافلات "الباص واي"، حيث اعتبر متدخلون في ندوة المؤتمر أن مشروع "تقديم التدابير والمسارات وخرائط الطريق من أجل تحسين كفاءة المركبات وكهربتها، يندرج في إطار التعاون المغربي الألماني، وقد كلفت وزارة البيئة والحفاظ على الطبيعة والسلامة والحماية النووية وحماية المستهلك، مؤسسة "دويتشه" بشراكة مع وزارة النقل واللوجيستيك المغربية بتنفيذه، كما أن المشاركون أكدوا على أن المغرب وألمانيا يدعمان ويشجعان التحول نحوالطاقة المتجددة لإزالة الكربون من وسائل النقل البري، وذلك استجابة لالتزامات المناخ العالمية، وتعزيز التعاون لاستكشاف الحلول المبتكرة التي من شأنها الاسهام في تطوير مشاريع إزالة الكربون، مع الاهتمام والتركيز بشكل خاص على التكامل بين قطاعي الطاقة والنقل، كما شدد المتدخلون على أنه في سياق تلوث الهواء وانبعاثات الغازات الدفيئة، فإن مسألة إزالة الكربون تؤثر بشكل خطير على الصحة العامة والبيئة، كما أن الاعتماد على الطاقة بوسائل النقل البري، يشجع على التحول الاجتماعي والاقتصادي من خلال خلق فرص اقتصادية كبيرة وفرص العمل الخضراء، وتطوير التقنيات المبتكرة وظهور سلاسل القيمة الصناعية الجديدة التي تركز على الاستدامة، مبرزين أن المغرب أصبح رائدا في إفريقيا في مجال إنتاج السيارات.