ترجمة سعيد المرابط l تحرير لكم 07 ديسمبر, 2015 - 01:24:00 "كانوا يهينوني، ولا أستطيع التوقف عن العمل، ولا يسمحون لي حتى بمغادرة البيت"، تحكي نورا فتاة في 13 من عمرها، تشتغل خادمة بالبيوت في حديثها ل"ألموندوا". كان حلمها أن تصبح أستاذة عندما تكبر، لكنها لا تعرف الحديث باللغة الفرنسية مثل قريناتها، بينما كانت الأخريات تلعبن "الغميضة"، ويقضين وقتهن مع أصدقائهن في المؤسسة التعليمية وإنجاز واجباتهن المدرسية، بينما كانت هي، تستيقظ على الساعة الثامنة صباحا، تغسل ملابس مشغليها وترعى أبنائهم، وتعد لهم الطعام، وتنظف كل أركان البيت..تستغل دون توقف طيلة أيام الأسبوع، منذ 5 سنوات، تعمل لمدة 17 ساعة بلا توقف، ابتداءا من 7 صباحا إلى 12 ليلا. والدتها "الخوضة" باعتها مقابل 300 درهما في الشهر، حوالي 30 يورو، لعائلة ثرية، كان من المفترض أن تعتني بها، لكن لم تعتقد البتة أنهم سيستغلوها. "عندما إتصلت لأسأل عنها، أخبروني أنها ليست هناك..لم يسمحوا لي بالتحدث إليها"، تقول أم نورا التي تقطن بقرية تقع على بعد 70 كلم من بن جرير وسط المغرب. لديها بنتان وصبي: نورا البكر، خديجة في عمر الثماني سنوات، والشقي حمزة ذو الأربع سنين. نورا، احتلت الموقع الأسوء بين إخواتها، لم تطأ قدماها يوما حجرات المدرسة، واشتغلت كخادمة ظنا من والدتها أنها فكرة جيدة لمساعدة أسرتها على المعيش اليومي. "زوجي لا يعيش معنا، نحن فقراء، وليس لدي المال لإطعام كل هذه الأفواه"، تسترسل أم نورا حديثها، تقتسم مع أبناءها غرفة وحيدة، يفترشن السجادة، ويتحلقن على مائدة مستديرة منخفضة من المعدن، وضع فوقها البيض المسلوق والخبز والزيت والقليل من الشاي لتدفئة أجسادهم. الوضع الاجتماعي للعائلة لا يزال على حاله، ولكن الآن، على الأقل يعيشون معا، بعدما تمكنت "نورا" من مغادرة منزل مشغلتها التي أساءت إليها كثيرا، تتذكر نورا ذلك اليوم الذي ذهبت فيه والدتها إلى زيارتها لتسأل عنها بمدينة "القلعة" حيث يسكن مشغلوها، لتطمئن على حال ابنتها، لكنها رأت الحزن في عينيها. الآن، نورا تذهب للمدرسة، وتنجز الواجبات، تضحك مع صغيراتها، وتساعد والدتها في أعمال البيت، لكن برغبة منها، ودون سب وشتم وإذلال مستمر،"في المدرسة أنا سعيدة الآن، لدي صديقات، أستطيع التعلم و اللعب.. كنت حبيسة في منزل لما يقارب العامين، وليس عندي أحد لأحدثه"، تحكي نورا للصحفي بإبتسامة مليئة بالحيوية، تحاول معها أن تنسى الماضي وتعيش حياتها الجديدة، حياة طفلة عادية. صاحبة النظرة الحزينة في المغرب، 80 ألف فتاة تتراوح أعمارهن بين 6 و 16 سنة.. لا يذهبن للمدرسة ولا يلعبن بالدمى، هن "الخادمات الصغيرات"، باعتهن أسرهن لعائلات أخرى، يجبرن على العمل من شروق الشمس إلى غروبها في الأعمال المنزلية مقابل 30 يورو للشهر. تخوض الجمعية المغربية "إنصاف" معركة مستمرة للقضاء على هذه الظاهرة، توفر 250 درهم، معدل 25 أورو لأمثال أسرة نورا، من ذوي الدخل الضعيف. "التعليم بالنسبة لهم ليس مهما، والوصول إلى المدرسة مهمة صعبة جدا، لهذا تضطر بعض الأمهات مثل "الخوضة" إلى إرسال بناتهن للعمل مقابل 300 درهما في الشهر (30أورو)، وهو رقم أقل بكثير من الحد الادنى للأجر بالمغرب، الذي يصل إلى 2333 درهما في الشهر (حوالي 230 أورو). هذه الجمعية التي يوجد مقرها بالعاصمة الاقتصادية بالدار البيضاء، تنظم حملات تحسيسية لفائدة الفتيات وأسرهن بالمدارس بالمناطق القروية. تقول "إنصاف" وفق بحث ميداني قامت به أن 85 بالمائة من خادمات البيوت هن "خادمات صغيرات"، وأن 95 في المائة من أمهاتهن و71 في المائة من أبائهن "أميون"، و47 في المائة فقراء، في حين يوجد 28 في المائة منهم تحت عتبة الفقر، و16 في المائة من هاته العائلات ليس لديها دخل سنوي. وانتقدت "إنصاف" عدم فعالية قانون التعليم الأساسي الإلزامي، وعدم وجود قانون حماية بالمغرب ضد العمل المنزل، في هذا السياق يقول امبارك بوخرصة فاعل جمعوي، وعضو بجمعية "إنصاف" في منطقة قلعة السراغنة، واحدة من أكثر المناطق المعروفة بتشغيل القاصرات، "يرتكز عمل جمعية إنصاف بالمغرب وخاصة بجهة مراكششيشاوة على تسجيل نورا وعدد من الفتيات بقريتها بالمدرسة". "إيمان، فتاة أخرى تبلغ من العمر 17 سنة، قضت ما بين سنها التاسع والثالث عشر، قضت طفولتها خادمة، لحسن الحظ وبفضل جمعية "إنصاف" استطاعت أن تسجل بمدرسة داخلية بقلعة السراغنة مع فتيات أخريات، نظرا لبعد قريتها عن المدرسة. الخادمة الصغيرة" عنف ضد المرأة في السنوات الأخيرة، سجلت "جميعة إنصاف" خمس حالات وفاة بين الفتيات اللاتي ينشأن بين الفرن والتنظيف.حسب المعطيات التي قدمتها للجريدة، حالة "فاطمة" التي توفيت في مارس 2013 عن عمر لا يناهز 14 سنة بمستشفى الحسن الثاني بأكادير، متأثرة بحروق من الدرجة الأولى بالإضافة إلى آثار الضرب في جميع أنحاء جسمها، نتيجة ضرب "السيد" (مشغلها)، والذي حكم عليه ب 10سنوات سجنا. "نسيمة" 19 سنة، هي الأخرى انتحرت في يناير 2013، اشتغلت كمربية لدى طبيبة بالبيضاء لمدة 4 سنوات، قفزت من السطح لإنهاء حياة امرأة استغلت جسديا ونفسيا". "نظرا للعنف الذي يتعرضن له، تكون ردة فعلهن الفرار من المنازل، ومواجهة مخاطر الشارع، وهذا سبب وراء الكثيرات يأتين إلينا حبالى ويصبحن أمهات عازبات، مهمشات تماما في هذا البلد" يفسر بوخرصة. في هذا السياق، قامت الحكومة المغربية بمبادرة أسفرت عن انخفاض في نسبة هذه الممارسات السيئة بنسبة 25 في المائة، حيث انتقل نسبة تشغيل الأطفال من 517 ألف في سنة 1999، إلى 123 ألف سنة 2011، ثم انخفض العدد إلى 92 ألف حالة في سنة 2012. - المصدر: موقع "الموندو" الاسباني