مهما كثرت آلام المستضعفين من المسلمين فلن يتعاطف معهم ويحمل قضيتهم سوى من ينتمي حقيقةً إلى جسد الأمة وبنيانها، ومن لم يفهم ذلك مع كثرة الأحداث المثبتة لها فليراجع نفسه. غير أن هذا التعاطف لن يجدي كبيرَ نفعٍ؛ لأن المتعاطِف ليس أحسن حالاً من المتعاطَف معه، فالكل عاجز عن تقديم الحلّ المباشر، وذلك لأسباب كثيرة؛ 2- فالمشكلات اتسعت خارطتها، وتنوّعت صورها، وتكاثرت أشكالها؛ حتى صار فهمها يحتاج إلى زمن فضلا عن الإسهام في حلها. 2- والعاملون والمصلحون ومن يؤمل فيهم أن يحملوا هذا الدين وقضاياه ما بين عجز اختياري (بالتفرق، وقلة الوعي، والانشغال بالدنيا، وغياب المنهج الإصلاحي) -إلا من رحم الله- أو عجزٍ اضطراري لا يد لهم فيه. والواجب ابتداءً: رفعُ العجز الاختياري وإزالتُه: (بجمع الكلمة، ورفع مستوى الوعي، وإيثار الآخرة حقّاً، والانطلاق من منهج إصلاحي محكم) وكذلك بصناعة المصلحين الذين يُبنَون على معايير تجديدية مُتجاوزة لمشكلات العجز الاختياري. فإذا رُفع هذا العجز الاختياري فإن الله سيرفع العجز القهري ويزيله بقوته، ويُعلي بالمصلحين كلمته ويعز بهم دينه. فعاد الأمرُ كله إلى إصلاح صفوف العاملين، فإن صلحوا وإلا جرت عليهم سنة الاستبدال؛ لأن الله لا يرضى أن تظل كلمة المفسدين عالية وإلا تفسد الأرض، وهذا يتعارض مع سننه، ويمتنع في قانونه: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض). فإذا وعى المؤمنون ذلك تعرّضوا لسنن الله بإصلاح أحوالهم، وحمْل دينه، ومدافعة الفساد بما يمكن؛ فعندها تجري عليهم سنن الله في تأييدهم بمعيته ومدده.