هوية بريس – عبد الله المصمودي تحت عنوان "المدرسةُ تَبني والإعلامُ يَهدِم"، كتب الخبير في اللسانيات واللغة العربية، د. عبد العلي الودغيري تدوينة أكدّ فيها أن المدرسة تبني لكن الإعلام يهدم "ليس في مجال السلوك والقيم والتربية وبناء شخصية المواطن السويِّ الذي ننتظرُه، ولكن حتى في مجال اللغة والتعليم". وجاء في تدوينته التي نشرها في حسابه على فيسبوك: "كثيرًا ما أجِدني مضطرًّا لمشاهدة وَصْلات الإشهار الإعلامي، ولا سيما أنهم يتعمَّدون صَبَّها على رؤوسنا صَبّاً بارِدًا مُتهاطِلاً خلال فترة الإفطار الحَرِجة، وفي انتظار نشرات الأخبار، وغيرها من البرامج الأخرى، ولاسيما تلك التي يُسمّونها، استهزاءً بأَفهامنا واحتقارًا لعقولنا: ترفيهيةً وثقافيةً، وما يُعرَض في كل وقت على الشاشة من عناوين لمُسَلسلات تافِهة، وأفلام تفتقر إلى كل مقوِّمات الفنِّ والذوق والمُتعة، ليس فيها إلا تبذيرٌ للمال العامّ وهَدْرٌ لوقت المشاهد، وإلهاءٌ للناس عن التفكير في أي شيءٍ قد ينفع أو يُفيد. والخلاصة التي أخرج بها دائمًا بعد متابعتي الاضطرارية، ولو إلى حين، لوصْلات الإشهار وبعض البرامج الأخرى التي أصادِفُها أو تقطع عليَّ طريقي رغماً عني، هي أن المدرسة تَبني والإعلامُ يَهدِم. ليس في مجال السلوك والقيم والتربية وبناء شخصية المواطن السويِّ الذي ننتظرُه، ولكن حتى في مجال اللغة والتعليم. كلُّ القواعد التي تُلقِّنها المدرسةُ لتلاميذها من أجل تعلُّم اللغة العربية وإتقان استعمالها على الوجه الصحيح، تتفنّن وسائلُ الإعلام بإشهاراتها وإعلاناتها التجارية، وما يُكتَب على صفحات أفلامها ومُسلسلاتها وبقية مهازلها السخيفة، وتتنافَسُ فيما بينها، على إفساده وتشويهه ومَحوه من ذاكرة المتعلِّمين، نُطقاً وكتابةً، إملاءً ونحواً، تركيباً وصَرفًا. غايتُهم من محاربة الفصحى واضحة، ونيَّتُهم مُبيَّتة، صادرةٌ عن قصد وإصرار، لا عن جهل أو خطإ ونِسيان … تابِعوا هذا الموضوع بحاسّتكم النقدية، وعيونكم المتَبصِّرة، وستدركون ما أقول في جَلسة واحدة تجلسونها لمتابعة بعض ما يقع، إن استطعتم على ذلك صبرًا. لا أحتاج لأمثلة، فكلُّ ما يُعرَض على شاشاتنا الصغيرة شاهدٌ على هذا للمَسْخ الذي لا يُطاق. أتعجَّب إن كنتم تُطيقون هذا أو لا تُحِسّونه، فأحرى إن كنتُم تتركونه ولا تَستنكرونه. الصمتُ على مثل هذه الجرائم والمهازل في حد ذاته جريمة وهزيمة".