رافق انعقاد جلسة عمومية اليوم الثلاثاء بمجلس النواب، خصصت للدراسة والتصويت على النصوص التشريعية الجاهزة، جدل قانوني بين مجموعة نيابية ولجنة العدل والتشريع ووزير العدل ورئيس المجلس، خصوصا أثناء مناقشة مقترح قانون يقضي بتغيير وتتميم المادة 20 من القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة أحيل من مجلس المستشارين منذ 2013. المادة المذكورة من مدونة الأسرة تنص على أنه "لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19، على ألا يقل سن المأذون له عن 16 عاما، بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة وجوبا بخبرة طبية وبحث اجتماعي. وفي جميع الأحوال، ينبغي على القاضي أن يراعي تقارب السن بين الطرفين المعنيين بالزواج". وحسب ما أورده مقرر اللجنة، الحسين بن الطيب، النائب عن فريق التجمع الوطني للأحرار، فإن "المقترح يلغي العمل بحالة الاستثناء المتمثلة في السماح للقضاة في إطار السلطة التقديرية بتزويج القاصرات، إذ أظهرت الدراسة أن الأمر لا يعدو أن يكون بمثابة استفحال إضافي للظاهرة"، مبينا أن "هذا المقترح تمت مناقشته والتصويت عليه بالرفض داخل أشغال اللجنة". وبعد تلاوة التقرير بدأ الجدل القانوني المتعلق بالمسطرة وسلامتها، حين تناول الكلمة عبد الصمد حيكر، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، ليبرز أن المشرّع "أمام نازلة"، معتبرا أن "المقترح صوت عليه مجلس المستشارين في 2013 ثم أحيل على مجلس النواب ساعتها، والنظام الداخلي ينص على أن استكمال المسطرة لمشاريع مماثلة في حال انتهت ولاية واضعي المقترح يتطلب قيام برلماني آخر بتبني النص". وبالنسبة لحيكر فإن "الأمر يضمن استمرار النص في الأجندة التشريعية للمؤسسة، لكن هذا الأمر لم يتحقق في هذا المقترح"، مضيفا أن "هناك رصيدا من مقترحات القوانين التي تقدمت بها مجموعة من الفرق يوجد ضمنها ما هو مرتبط بمدونة الأسرة كان يتطلب الأمر إدراجها في إطار وحدة الموضوع، وأن تتم المسطرة التشريعية طبقا للنظام الداخلي بإدراجها أولا بأول بحسب تاريخ إحالتها". وشدد القيادي في حزب العدالة والتنمية على أن "هذا المقترح لا يعني المجموعة النيابية، ولن تصوّت عليه لا بالقبول ولا الرفض ولا بالامتناع، لكونه خارج المسطرة التشريعية". من جانبه قال سعيد بعزيز، رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، إن "القانون الداخلي يقتضي أنه عندما يُصوّت ضمن قراءة واحدة على مقترح قانون يصبح ملكا للبرلمان وليس لصاحبه، وهذا المقترح كان يتعين أن يتم استكمال مسطرته التشريعية، وهذا ما قامت به اللجنة باتفاق في مكتبها"، مشيرا إلى وجود مقترحات قوانين بالفعل داخل اللجنة لها علاقة بالمدونة. وزاد بعزيز: "تم الاتفاق داخل مكتب اللجنة على مبدأ أساسي هو أن المشاريع القادمة إلى البرلمان سيتم التعامل معها بالصيغة نفسها، خصوصا أن الحكومة تجاوبت معنا في هذا الأمر، ويوم التوصل بمشروع قانون مدونة الأسرة سيتم تقديم المقترحات قبل الدخول في نقاشها". فردّ حيكر مرة أخرى بالقول إن النظام الداخلي لم يتحدث إطلاقا عن أن القوانين تصبح ملكا للمؤسسة، وزاد أن "واضعي المقترح منهم من غادر الدنيا والبقية ليسوا أعضاء في مجلس المستشارين اليوم"، وتابع: "مقترحات القوانين المتراكمة لديها وحدة الموضوع مادام لديها العنوان نفسه، ويمكن تسريعها وإدراجها في جدول أعمال اللجنة". وبخصوص ما أورده بعزيز حول التعاطي بالصيغة نفسها مع المشاريع التي تحال على المسطرة التشريعية قريبا قال عضو مجموعة "البيجيدي": "ليس هناك ما يفيد إطلاقا بضرورة انتظار قدوم الحكومة بمشروع قانون في الموضوع ثم نمرر البقية التي تنتمي إلى المقتضى نفسه"، معتبرا أن ما قامت به اللجنة "إخلال بالمسطرة التشريعية". راشيد الطالبي العالمي، رئيس مجلس النواب، تدخل ونبه حيكر إلى أن "المسطرة سليمة"، وزاد: "نشكر لجنة العدل والتشريع على ما قامت به لخلخلة هذه المشاريع والمقترحات"، مردفا بأنه "حين يتم التصويت على المشروع داخل اللجنة وداخل الجلسة العامة يصبح ملكا للمؤسسة ولم يعد ملكا لصاحبه، وإلا الآن في تقديمه كان يتعين أن يأتي صاحبه لكي يقدمه". ووضح رئيس الغرفة الأولى أن "من قدم النص هو مقرر اللجنة، لكون المقترح أخذ نصف الطريق بعد استكمال المسطرة في الغرفة الثانية التي أحالته"، مبرزا أن "الغرفة الأولى تستكمل المسطرة ونعتبرها سليمة"، وأورد: "نحن نستكمل التشريع بالقبول أو بالرفض، فإذا قبلناه ينشر وإذا وقع فيه تغيير تجب إحالته من جديد على الغرفة الثانية، وإذا رفض تكون المسطرة التشريعية انتهت". كما تدخل وزير العدل عبد اللطيف وهبي بدوره وقال: "حين أحيل على مجلس النواب أصبحت السلطة في يد نواب الأمة. هناك استقلالية للمجالس"، متسائلا: "إذا قرر المكتب إحالة قانون على المناقشة لشخص لم يكن (موجودا) أليس هذا دعما ضمنيا لهذا النص، أم إن التمسك بهذا النص يجب أن يكون وفقا لمسطرة معينة؟ هل حدد النظام الداخلي مسطرة معينة للتمسك بالنص؟ لا، لم يحددها"، وزاد: "إذا اجتمع المكتب وقرر إحالة الملف على المسطرة التشريعية للنقاش فهذا يعني ضمنيا أنه تبنى ذلك النص". وبعد النقاش الطويل تم التصويت برفض المقترح، في وقت تمسّك كل طرف برأيه أمام الجدل القانوني. عندها، قرر رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العالمي، تضمين السجال في محضر الجلسة وإحالته على المحكمة الدستورية لإبداء الرأي بشأنه، مشيرا أيضا إلى ضرورة البت في الجدل الذي أثير بخصوص حضور الوزراء في تقديم مقترحات القوانين ومناقشتها، ومعتبرا أن "الحضور أمر سياسي، أما مسطريّا فالحكومة وفق القضاء الدستوري تحضر على سبيل التخيير شريطة إخبارها باجتماع اللجنة".