هوية بريس – إبراهيم الوزاني تحت عنوان "الحلُّ الواقعي المطلوبُ" كتب د. عبد العلي الودغيري، تدوينة تحدث فيها عن ما وصفه "الحلّ الواضح والمعقول لمشكل العامّيات في العالَم العربي"، وأضاف "وقد دعا إليه كثير من العقلاء، هو تقليصُ عددها أولاً، وتقليصُ الفَجوة بينها وبين الفُصحى ثانياً. وليس في الدعوة لتفريخ العامّيات وتضخيمها وتَرسيمها ودَسْتَرتها، وزيادة أعبائها على كاهل الأمة". أما تقليصُ العدد حسب د.الودغيري "فهو ماضٍ في طريقه بشكل تلقائي نتيجةَ عواملَ كثيرة (الإعلام، التعليم، الهجرة للمدن والحواضر، سهولة التواصل وكثرة الاختلاط، فورةُ المعلوميات… الخ). فاللهجات العربية بالمغرب التي كان عددُها قبيل الاستقلال كثيراً جداً، صارت تتقلَّص بشكل واضح. ولهجة الوسَط صارت هي السائدة والمُكتَسِحة، كما اكتسحت لهجةُ القاهرة كلَّ المناطق في مصر". وقال د. الودغيري صاحب كتاب "اللغة العربية والثقافة الإسلامية بالغرب الإفريقي": "أما تقريبُ العامِّيات إلى الفصحى، فطريقُه سهلٌ ميسورٌ ووسائلُه كثيرةٌ جداً، وللإعلام السمعي البصري بمختلف برامجه التي تُبثُّ صباح مساء، يدٌ طُولى وأَثَرٌ بالِغ في ذلك لو وُضِعت له خُطّة محكمة وأُوكِل تنفيذُها لمن هو حريصٌ عليها مقتنِعٌ بها. تصوّروا ما ذا سيحصُل لو التزمَ هذا الإعلامُ باستعمال الفصحى السهلة المبسَّطة (مع تفصيح كثير من العامِّي المستعمل)، في كل ما يبثُّه من برامج إذاعية وتلفَزِية، بما فيها وَصلات الإشهار والإعلانات، وما أكثرها، وبرامجُ الطبخ والدّردشة والمحاورات واللقاءات والتعليقات في كل المجالات، والرياضة والتّرفيه والغناء والمسلسلات والأفلام ولُعَب الأطفال… الخ الخ". وتابع د. الودغيري "فإذا أضفنا إلى ذلك دورَ التعليم والمدرسة والإدارة بمختلف مصالحها، والهيئات والأحزاب وأطياف المجتمع المدني، والمجالس المحلّية المنتخَبة، ودور القراءة والكتاب والسينما والمسرح، وكتابة لافِتات المطاعم والمتاجر والشركات وكافة المؤسسات العامة والخاصة بعربية بسيطة صحيحة خالية من الأخطاء، وتعزَّز كلُّ ذلك بنصوص قانونية تمنع استعمالَ اللغة الأجنبية في غير ما هو ضروري يحددُّه القانونُ أيضاً. لتَحوَّل الوضعُ رأساً على عقِب في بضع سنين وليس في قرن أو عدة قرون". وبينّ د. الودغيري أن "طريق الوحدة والإصلاح واسِعٌ معروف وواضح لا لبس فيه، والسُّبُل إليه كثيرة ولا تُكلّف مالاً ولا ميزانية ولا موظَّفين ولا خبرة دولية. لا تحتاج لشيء أكثر من العزيمة والحزم في اتخاذ القرار. لكن التجربة بيَّنت أن صعوبة الصعوبات، ومُشكلةُ المشاكل عندنا هي الكامنة في اتخاذ القرار. لأنه يحتاج قبل ذلك إلى إنضاج مشروع فكري ثقافي سياسي لغوي (لأن الأمور متداخلة) مبنيٍّ على رؤية واضحة، تؤمن به وتحمِله فئةٌ واعية من المجتمع قادرة على الدفاع عنه وخوض المعارك الفكرية من أجله وإقناع الآخرين به". وختم د. الودغيري الذي عرض في الدورة الحالية للمعرض الدولي للكتاب والنشر كتابه الجديد "العربيات المغتربات" تدوينته، بسؤال: فماذا ينتظر المثقفون الذين عليهم عِبءُ الرسالة وحَملُ الأمانة؟