الفقيه المُصلح، والوطَني الغَيور الشيخ امحمد بن مُحمد المصمودي التّطواني بقلم: الدكتور يونس السباح [email protected] من الأعلام المغربية التي لم تأخذ نصيبها من التّعريف والدراسة، الفقيه الشيخ، المُصلح، الوطني، سيدي امحمد بن مُحمد المصمودي، التطواني نزيل القاهرة، والشهير بتطوان بزيّه المصري، وثقافته الأدبية الواسعة، وتدريسه بالمعهد الدّيني، وانخراطه في زمرة الحركة الوطنية منذ بذرتها الأولى. وقد تعبنا غاية التّعب في جمع مادّة التّرجمة، ولمّ شتاتها، وبعد السؤال والبحث المتواصل، هيأ الله الأسباب، إذ توصّلنا إلى كريمته السيّدة سَكينة المصمودي حفظها الله وبارك فيها، ومتّعها بالصّحة والعافية، التي تكرمت –على عادة الكرام من أهل الفضل-، فأفادتنا بمعلومات قيّمة ودقيقة، تتعلّق بشخصية والدها الشيخ امحمد رحمه الله، ونحن من هذا المنبر نشكر لها أياديها البيضاء، وتعاونها من أجل البحث والمعرفة… أسرة المصمودي بتطوان: تعتبر أسرة المصمودي من الأسر الشهيرة بشمال المغرب، وقد ذكر الفقيه المؤرّخ سيدي محمد داود رحمه الله، في كتابه: "العائلات"[1] أنّها كانت بتطوان في أواسط القرن الثاني عشر، (1130ه/1718م)، وكان منها: محمد بن محمد المصمودي الأندلسي، وأحمد المصمودي، وعبد الخالق المصمودي، وغيرهم ممن تحدّث عنهم في الكتاب المذكور. بيد أنّه لم يتحدّث عن أصل المترجَم، على معرفته الوثيقة به. ويعتبر أصل أسرة المصمودي التطوانية من قبيلة أنجرة الحالية، والتي كانت تعرف بقبيلة مصمودة، حيث يوجد القصر الصغير على بوغاز جبل طارق الذي كان يعرف بقصر مصمودة[2]. ولازال من هؤلاء أسرة المصمودي بقبيلة أنجرة (ربع الغابة)، ومنهم الفقيه المصمودي المجاهد، والد صديقنا الدكتور الطبيب محمد المصمودي. والمقصود أنّ أسرة المترجَم له، الشيخ امحمد المصمودي من الأُسر التطوانية التي عاشت مدّة مديدة بتطوان، واستقرّت هناك، واشتهرت بالعلم ومزاولة التجارة، وامتهان الحرف التقليدية. – اسمه ونسبه وولادته: هو الشيخ، الفقيه، الأديب، المدرّس، المُصلح، الوطني الغَيور، السيّد امحمد (فتحاً) بن مُحمد (ضمّاً) بن عبد الله المصمودي التّطّاوني، نزيل القاهرة. المعروف في تطوان بالشّيخ مَحمد المصْمُودِي. ولد رحمه الله تعالى بمدينة تطوان بحي والده بالمطمر في مطلع القرن العشرين، حوالي: 1901م، على الأرجح، من والده: السيّد مُحمد (ضمّاً) المصمودي الذي كان يتعاطى التّجارة، ووالدته: السيدة الفاضلة السّعدية بنت السّي سْعيد، الذي كان والدها يمثّل المخزن المغربي ضمن بعثات رسمية بجبل طارق. – رحلته إلى مصر، وطلبه العلم بها: يعدّ الشيخ امحمد المصمودي ثاني رجل تطواني يرحل للدراسة بمصر بعد الشيخ العربي الخطيب، والد أستاذنا إسماعيل الخطيب رحم الله الجميع، فقد ذكر المؤرّخ العلامة محمد داود رحمه الله في مذكّراته: (أنّ الحاج عبد السلام بنّونة أوّل من بعث أولاده إلى الشّرق للدّراسة من تطوان، بعد العربي الخطيب والمصمودي)[3]. ولكن الأمر يختلف بالنّسبة للمصمودي عن الشخصين المذكورين، اللّذين درسا الدّراسة الأوّلية بتطوان قبل التحاقهما بمصر، أمّا المصمودي فلم يدرس بتطوان في صباه، ولم نجد اسمه ضمن أسماء طلبة تطوان الذين كان لهم حضور شخصي في الكُتّاب، أو على الشّيوخ في المرحلة الثانية من الدّراسة. والذي نُرجّحه أنّه التحق وهو دون العاشرة من عمره بمصر، وذلك في بداية اضطراب الأجواء السّياسية بالمغرب، ومع بوادر دخول المحتلّ لهذه الأرض الطّيبة، فقد كانت أسرته ضمن الأسر التي انتفضت ولم ترض بالبقاء تحت حكم الأجنبي، حيث رحل به والده مع باقي أفراد الأسرة إلى مصر، لعلاقة كانت تربطه ببعض المعارف بها، وهناك نزل بقاهرة المعزّ، بحي المغاربة المشهور بنزوح الأسر المغربية الوافدة إلى مصر، وبه اشتغل ببعض الحرف التقليدية ليعول أسرته الصغيرة. وفي هذه الفترة التحق ابنُه الشيخ امحمد (كذا عُرف) للكتّاب حيث حفظ القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم، وهي الرّواية التي يقرأ بها غالب المشارقة، بخلاف المغاربة الذين يحفظون برواية ورش عن نافع، ثمّ ينتقلون إلى غيرها من القراءات حسب المستطاع. وحِفظ القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم يعطينا دلالة واضحة على اشتغاله بطلب العلم بمصر منذ البداية، ودليل ما ذهبنا إليه، ما ذكره عنه تلميذه الحاج المختار الشّلاّف حيث قال: (قرأنا عليه التّفسير، فكان جدّياً رحمه الله، هو يقرأ بحفص، ونحن نقرأ بورش. فكان إذا قال كلمة القرآن نصحّحها له فيغضب)[4]. ولم ندر كم استغرقت دراسته الأولى، ومن هم رفقته في الطّلب، بيد أنّنا نجزم بأنّه سَلك مسلك العلماء في الأخذ بالتّدرّج، إلى أن وصل إلى المرحلة النهائية ليلتحق خلالها بالأزهر الشريف في حدود عام 1921م. – التحاقه بالأزهر الشريف: التحق الشيخ امحمّد المصمودي بالأزهر الشّريف، لاستكمال المرحلة العليا من الدّراسة، وكانت الدّراسة النّظامية آنذاك أعزّ ما يُطلب، ولا يصل إليها إلاّ من رزق الرّسوخ والإجادة من الطلبة، وكان التحاقه بالأزهر الشريف في حدود عام 1921م، ليحصّل فيه شهادة الأهلية بتاريخ: 1 مارس 1924م، والتي تحمل (نمرة 216)، والمسجّلة بالأزهر (نمرة 5)، وهي شهادة خاصّة بالغرباء، تعادل شهادة الإجازة حالياً، وتخوّل للمتخرّج ممارسة التدريس والخطابة وما إلى ذلك. وبالإضافة إلى هذا كلّه كان له نشاط موفور في تعليم أبناء الغرباء وغيرهم، نظراً لتمكّنه المعرفي من أساليب التّدريس الجديدة، التي استفادها من علماء مصر آنذاك. وقد أخذ بمصر العلوم الدّينية والعصرية واللّغوية، على شيوخ الأزهر: الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي، والشيخ أحمد مصطفى المراغي، والشيخ محمد الأحمدي الظواهري، والشيخ يوسف الدّجوي، والشيخ محمد بخّيت المطيعي، والشّيخ محمد الخضر حسين. كما استفاد من دروس اللُّغة والأدب على الشيخ سيّد المرصفي شيخ أدباء مصر. وفي هذه الفترة، وقبل عودته لمسقط رأسه، أمّ بيت الله الحرام، وأدّى مناسك الحج المفروض، وتشرّف بزيارة سيّد الخلق عليه أفضل الصلاة وأزكى التّسليم. وبأرض الكنانة (مصر) كان كثير الاتصال بشباب تطوان الناهض، لاسيما بعد التحاق جملة كبيرة منهم للدراسة بها، فكان بحكم سبقه هناك، يأخذ بيدهم، وينصحهم، ويطلعهم على الجديد في العلم والأدب والسّياسة، ولذلك عدّه بعضهم من أهل مصر، نظراً لطول مقامه هناك، وفي الفترة التي ترعرع الشيخ المصمودي بمصر، تأثّر بزعماء الإصلاح ودعوتهم الجديدة في مختلف المجالات، سواء في العلم من طرف الشيخ جمال الدّين الأفغاني، وتلميذه الشيخ محمد عبده، وتلميذه رشيد رضا، أو في السّياسة كالزّعيم سعد زغلول، وغيرهم من زعماء الإصلاح سواء المصريين، أو الزّائرين لمصر، الذين كان همّهم الوحيد هو مقاومة المستَعمر، والتَّنديد بسياسته، ومن هناك تكوّن عند الشيخ امحمد المصمودي هذا الحسّ السّياسي، فأصبح وهو طالب بمصر، (ضمن الشّبّان الذين قاموا بالعمل لصالح الحركة المغربية في مصر، وعقدوا الصّلات مع الصّحافة المصرية، والجمعيات الإسلامية)[5]. مع الاتّصال الوثيق بالزّعيم شكيب أرسلان الذي كان يعرفه ويجلّه ويقدّره، ويوصي به. وبالرجوع إلى الرسائل المتبادلة بين الأمير شكيب أرسلان، والطيّب بنونة المسمّاة (نضالنا القومي)، نجده في كلّ رسالة يسمّي الشيخ المصمودي، ويصفه بالأديب، ويبعث إليه سلامه… وبمصر أولع بالأدب في أوج رواج سوقها، وبعثة الشعر من جديد مع البارودي وإسماعيل صبري، وشوقي وحافظ، وغيرهم، فكان هذا الاطّلاع على الأدب وفنونه، والتمرّس بكتب اللّغة، فتحاً مبيناً عليه، إذ جعله متفرّداً بين المدرّسين من علماء تطوان إبّان عودته إليها، وتدريسه بالمعهد الدّيني بها.
رفقته بمصر: التحق بالشيخ امحمد المصمودي عدد من أبناء مدينة تطوان، الذين كانوا يتجمهرون حوله، ويستفيدون منه، نظراً لطول مقامه هناك، فكان منهم المقيم من أجل الدّراسة، ومنهم الزائر زيارة عرضية، خلال عطلة الصّيف التي تتجاوز شهرين، كما هو الشأن بالنّسبة لبعثة طلبة تطوان بنابلس، ومن هؤلاء الرّفقة: * محمد الطنجي. * الحسيْن بن عبد الوهاب. * عبد القادر الرّباحي. * عبد الخالق الطرّيس. * الحسن بوعيّاد. * أحمد بلافريج. * الطيّب بنّونة (زائر). * المكّي النّاصري. * الطيّب السّبتي. * محمد بن مصطفى أفيلال. – عودته إلى تطوان وممارسته العمل السياسي: عاد الشيخ امحمد المصمودي في بداية سنة 1930م، ووجد حالة المغرب في اضطراب كبير، والتّنديد بالظهير البربري ملأ الدّنيا وشغل الناس، وخلال هذا الجو من الاضطراب، وما نتج عنه من ظهور الحركة الوطنية بتطوان، والصّحافة المكتوبة، التي كانت تغطّي الحدَث، وترفع عقيرتها برفض الظهير البربري، مثل مجلّة السلام الرّائدة، لصاحبها الأستاذ محمد داود، التي كانت تطاول صحف الشرق، وفي هذا السّياق التاريخي انخرط الشيخ امحمد المصمودي ضمن عدة لجان وهيئات، بدافع غيرته على البلد، وتنديده بسياسة المحتلّ الغاشم، ومسخّراً كلّ طاقاته ومعارفه، ومكتسباته بمصر، من أسلوب خطابي، وخطاب أدبي، ومراسلات مشفّرة، والسّهر على التخطيط المدبّر للتواصل مع باقي أفراد الحركة الوطنية بسلا وفاس… ومن بين الأنشطة السياسية التي انخرط بها: -1- عضو الهيئة التّحضيرية لحزب الإصلاح الوطني. -2- عضو اللّجنة التّنفيذية لهيئة العمل الوطني. -3- أمين الجمعية المغربية لحقوق الإنسان[6]، (فرع تطوان)، تحت إشراف رئيسه: الحاح عبد السلام بنونة أب الحركة الوطنية. وهذا الفرع كان تابعاً للعصبة الإسبانية للدّفاع عن حقوق الإنسان بمدريد. -4- عضو جمعية التلميذ المغربي. -5- عضو جمعية الطّالب المغربية. -6- كاتب فرع المكتب السّوري الفلسطيني المغربي. -7- عضو اللجنة المكلّفة باستقبال أمير البيان، شكيب أرسلان لتطوان سنة 1930م[7]. -8- عضو الهيأة الوطنية السّرّية، المعروفة فيما بعد بالهيأة الوطنية الأولى[8]. والتي كانت من نتائج زيارة الأمير شكيب أرسلان لتطوان غشت 1930م. كما يعدّ أحد الأشخاص الذين ساهموا في تحرير عريضة مطالب الأمّة[9] باعتباره منتمياً إلى الهيئة الوطنيّة السّرّية[10]. وهذه العريضة (تتضمّن خمس مطالب رئيسية وهي: [1] إجراء انتخابات بلدية حرّة. [2] وضع مجلس شورى للحكومة. [3] الاعتراف بحرية التّعبير والنشر والاجتماع. [4] تنظيم التّعليم على أساس اللّغة العربية والدّين الإسلامي. [5] مساعدة الفلاّح المغربي[11]. بالإضافة إلى كونه أحد المرشّحين للانتخابات البلدية بتطوان 1931م[12]. – تدريسه بالمعهد الدّيني الابتدائي بتطوان: بعد رجوع الشيخ امحمد المصمودي من القاهرة، سكن ببيت والديه بحي المطمر من حارة البلد، وظلّ به مدّة، وبعدها انتقل للسكن خارج باب العقلة، حيث منزل الفقيه المؤرّخ محمد داود، وأسرة الزّكاري، وبنونة، والسلاوي، ونظراً لتمكّنه من طرق التدريس المعاصرة، واتقانه لها، واطّلاعه على ما كان يصدر بمصر من مقررات دراسية هامّة، عُرض عليه التّدريس بالمعهد الديني (الابتدائي)، الذي استمّر به نحو عقدين من الزمن، تبوّأ الدّرجة الرفيعة بين أقرانه المدرّسين، فقد كان يقربّ المواد الموكول إليه تدرسها بطرق جديدة غير مألوفة عند الأخرين، بالإضافة إلى جدّيّته، وتمكّنه مما يدرّس من مواد، يقول عنه تلميذه الشاعر الصحفي محمد الطّنجاوي رَحمه الله: (وأكثر ما تأثرت به هو الفقيه مزيان رحمه الله وهو من الرّيف، والفقيه المصمودي بفصاحته اللّغوية، وكان شكل جديد من الرّجال الذين يلقنون في اللّغة وفي المنهجية والارتباط مع طلبتهم لأنّهم لم يعودوا "محاضرية" ولكن صاروا طلبة)[13]. أمّا المواد والكتب التي درّسها فهي: – التفسير: بالجلالين. وتفسير جزء عمّ لمحمد عبده.
– السّيرة النبوية: بكتاب نور اليقين، في سيرة سيّد المرسلين. للخضري بك المصري.
– الحديث: بمختصر صحيح البخاري لابن أبي جمرة، والأربعين النواوية.
ولم يفته وهو العالم المصلح، دور المرأة في المجتمع، وتعليمها الذي كان آنذاك فتحاً جديداً بالمغرب، وكانت تطوان سبّاقة إليه، وكان الشيخ المصمودي من المنادين بتعليم الفتاة، ليس بالقول فحسب، بل شارك بنفسه في تعليم لفيف مبارك من الفتات، اللواتي نستحضر منهن: الزّهرة بن علي، المعروفة بالزّروالي، والمرحومة برحمة الله فاطمة بيّوط، والأستاذة خدّوجة (خديجة) اللّوه…وغيرهنّ كثير ممّن كان يدرّسهن ببيته، ويستقبلهن بحضرة حرمه، ويعلّمهنّ اللغة العربية أوّل ما يعلّمهن، نظراً لتعلمهن اللغة الإسبانية في المدارس العصرية.
– زواجه: ظلّ الشيخ المصمودي مند رجوعه من القاهرة مدّة مديدة عزباً، وخلال هذه الفترة التي تزيد على العشر سنوات، وباقتراح ومساعدة من أصدقائه ومعارفه، ولاسيّما الأستاذ محيي الدّين بن محمد الريسوني الطّنجي رحمه الله، الذي كان رفيقه وصديقه في الدّراسة بمصر، تزوّج وهو في سنّ الأربعين من عمره، بالسيدة الزُّهرة بنت الحاج علي اغزيّل (دْ المْلاَح) من أسرة اغزيل الشهيرة بقبيلة أنجرة، والتي استوطنت طنجة منتصف القرن التاسع عشر، وعرفت بتجارتها الواسعة في المِلح، وكانت تقطن بحومة بني يدر من طنجة. – تلاميذه: درس على الفقيه الشيخ امحمد المصمودي كثرة كاثرة من الطّلبة، معظمهم كان له إشعاع علمي، أو منصب مهم، ويصعب حصر من درس عليه من الخلق، نظراً لطول تدريسه الطّلبة، ولكنّنا نذكر أبرزهم، وهم:
* العلاّمة الشيخ محمد بوخبزة رَحمه الله.
* العلامة عبد الغفور الناصر حفظه الله.
* الأستاذ أحمد المرير حفظه الله.
* الأستاذ عبد الواحد الزّرهوني حفظه الله.
* الأستاذ صلاح الدين بن عبد الوهاب حفظه الله.
* الأستاذ لسان الدين بن عبد الوهاب رَحمه الله.
* الشاعر الصحفي محمد الطنجاوي رَحمه الله.
* الأستاذ الشاعر عبد الواحد أخريف رَحمه الله.
* الفنان التشكيلي محمد شقور حفظه الله.
* الأديب الصحفي محمد اليزناسني رَحمه الله.
* الفنان القدير الحاج المختار المفرج حفظه الله.
* الداعية الحاج محمد الشّلاّف. وغيرهم ممن درس بالمعهد الدّيني آنذاك.
– مرضه ووفاته: ابتلي الشيخ امحمد المصمودي بورم خبيث نتيجة قلع ضِرس لم يقم بالعناية اللاّزمة لعلاجه، نظراً لاشتغاله بتحرير مواضيع عن الحركة الوطنية، في أماكن متعدّدة بقصد التستّر والإيهام، ونتيجة لذلك استفحل مرض الشيخ وتفاقم، ممّا أدّى إلى انتفاخ حنكة الأيسر، فاضطُر معه لإجراء عملية جراحية لأخذ عيّنة من مكان الورَم، وبعثها إلى مختبر بمدريد، حيث تقرّر أنّ المرض استفحل، وأنّ العلاج صعب، وهكذا ظل الشيخ المصمودي ثلاثة أشهر بالمستشفى الإسباني بطنجة، وبعد عودته إلى منزله بتطوان ومرافقة الطبيب الإسباني (دواصو) بنحو ثلاثة أشهر، استأثر الله تعالى به، وذلك يوم: 12 صفر 1376ه الموافق 18 شتمبر 1956م. عن خمسة وخمسين سنة، وذلك بعد رجوع سلطان المغرب محمد الخامس من منفاه، وقد حبسه المرض من الذهاب للقائه رفقة أصدقائه من أعضاء حزب الإصلاح الوطني، ودُفن بحوشهم حيث أسرته، عن يسار مقبرة سيدي المنظري، من المقابر العمومية بتطوان. رحمه الله رحمة واسعة، وتقبّله في الصالحين، ورزقه الفردوس الأعلى.