قال إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس، إن إعادة انتخاب عبد الإله بنكيران على رأس حزب "العدالة والتنمية" كانت "أمراً متوقعاً". وأوضح الباحث في تدوينة له على "فيسبوك" أن هذا التوقع يعود إلى ثلاثة عوامل رئيسية: أولا، مكانة بنكيران داخل الحزب باعتباره أحد أبرز المؤسسين للتجربة السياسية الإسلامية. ثانيا، دوره القيادي في إعادة إحياء حزب "منهك" ظن كثيرون – بمن فيهم بعض قياداته – أنه وصل إلى نهاية طريقه، خاصة بعد الهزيمة المدوية في انتخابات 2021. ثالثا، وجود رغبة جماهيرية داخل قواعد الحزب لمواصلة المسيرة مع بنكيران لاستكمال عملية الخروج من الأزمة والتعافي، لا سيما بعد مغادرة عدد من القيادات البارزة مثل سعد الدين العثماني ومصطفى الرميد.
واعتبر حمودي أن تجديد ولاية بنكيران يعبّر عن تقاطع ثلاث إرادات: أولا، إرادة بنكيران الشخصية التي عبّر عنها برغبته في الترشح لولاية جديدة. ثانيا، إرادة المؤتمرين الذين منحوه تأييدا بنسبة 70%، مما يعكس وجود طلب واسع وقوي لدى قواعد الحزب على قيادته. ثالثا، إرادة الدولة التي تبدو بحاجة إلى زعيم سياسي من وزنه، نظرا لمكانته الاعتبارية لديها، خاصة في ظل الظروف السياسية الصعبة ومواجهة الأزمات. وسجّل أن إعادة انتخاب بنكيران تعبير عن تلاقي موضوعي بين هذه الإرادات الثلاث: بنكيران، قواعد الحزب، والدولة. وأشير في الوقت نفسه إلى أن الحزب يواجه تحديات كبيرة، من أبرزها التحدي التنظيمي؛ إذ إن نجاح المؤتمر الأخير يُعد خطوة مهمة نحو تجديد هياكل الحزب على المستويين المركزي والترابي. وإذا استحضرنا أن الحزب يفصله نحو سنة واحدة فقط عن موعد الانتخابات التشريعية لعام 2026، فمن المتوقع أن يسارع إلى الانخراط في تجديد هيئاته المحلية. يضاف إلى ذلك التحدي الانتخابي الذي كان حاضرا بقوة خلال المؤتمر الأخير، بالنظر إلى مستوى التعبئة النضالية والتغطية الإعلامية لأعماله. ومن المرجح أن تعزز المؤتمرات المحلية المقبلة في الجهات والأقاليم هذا الرهان، حيث ستكون ذات طابع تنظيمي وسياسي وانتخابي في آن واحد. وعليه، من المتوقع أن تشكل الانتخابات البرلمانية لعام 2026 فرصة للعدالة والتنمية لتحسين تموقعه السياسي، وربما العودة إلى قلب الفعل السياسي داخل المؤسسات التمثيلية. وأضاف حمودي أن التحدي الثالث مرتبط بالخط السياسي للحزب، وخصوصا إعادة تقييم تجربته الحكومية السابقة وقدرته على القيام بنقد ذاتي للمواقف والاختيارات التي أخطأ فيها التقدير والقرار، في سياق تعزيز قدراته على إعادة تعبئة قواعده الاجتماعية. واختتم حمودي تحليله بالتشديد على أن "العدالة والتنمية" قد نجح في تجاوز أخطر أزمة في تاريخه، حيث مثل المؤتمر الوطني ذروة مسار التعافي الذي بدأ بعودة بنكيران إلى القيادة. مع توقع أن تتعزز هذه الدينامية خلال المؤتمرات الجهوية المقبلة، تمهيدا لخوض غمار الانتخابات التشريعية لعام 2026.