جلست مع نفسي أستعرض ما يقع في المغرب خلال الأيام القليلة الماضية ، بدأت بالانتفاضة الشعبية بسيدي إفني ، وكيف قوبلت من طرف قوات التدخل السريع التي لم ترحم كل من التقته في مداهماته ، وكانت زراويطهم لا تعشق سوى مؤخرات المواطنين من النساء والرجال ، فعبثت هذه القوات داخل البيوت وخارجها ، كما أني استعرضت تصريح الوزير الأول عباس الفاسي وهو يطمئن المغاربة بأن لاشيء يحدث وأن سيدي إفني تنعم بالحرية إلا أن " يوتوب " المغربي دحض تصريحات الوزير الأول ، ولا أدري كيف كانت حالته النفسية عند انكشاف الحقيقة ، مسكين عباس هل يستطيع بعد تصريحه الذي جانب الواقع أن يظهر مرة أخرى على القناة الثانية أو الأولى ليدلي بتصريح في الأحداث "الساخنة المقبلة "؟ "" صورة عباس سيئة لدى المواطن المغربي ، ارتبطت بكارثة النجاة وترسخت بأحداث سيدي إفني الأليمة ، هل المغاربة سيثقون في وزيرهم الأول بعد هذه الصورة التي رسمها لنفسه؟ وبعد أحداث سيدي إفني انتقلت إلى استعرض لقطة الأفراح والمهرجانات هناك بالرباط ، طيلة أسبوع في النصف من شهر ماي المنصرم ، حل نجوم الغنائي العالمي والعربي و المغربي على مهرجان موزاين الدولي ، لإمتاع جماهير المواطنين والإقلال من أحزانهم ومآسيهم ، والتأكيد على أن نداء مواطن مغرب اليوم ، ليس هو نداء البطن والعيش الكريم ، وإنما نداء " هزي يا نواعم "، هذا المهرجان الذي استقطب الآف من المواطنين بفقيرهم وغنيهم ، بصغيرهم ووزيرهم ، ولهذا لبى وزير التعليم أحمد اخشيشن نداء مهرجان موازين ، فوجدها مناسبة للاستمتاع هو وزوجته ونسيان بعض الهموم والأحزان التي ألمت بالمدرسة العمومية حيث إن 52 % من التلاميذ يدخنون حسب جمعية لالة سلمى ، وكانت يد المنظمين مبسوطة الإنفاق لتوزيع الأموال على الفنانين الذي حضروا ، فطارت أصالة نصري ب 70 مليون ، و أما عمرو ذياب فلا أحد يعلم بالمبلغ الذي تسلمه ، والمنظمون كل ما يهمهم حين سؤالهم عن مبلغ ذياب ، هو الإجابة أن الاهم هو " النشاط " وليس المال ، دون الحديث عن نانسي عجرم و هيوستن. واختتم المهرجان بهبات مالية ملكية ، فكان مهرجان موازين مهرجان السخاء وزيادة ، و وزعت الهبة على ضركة و هوبا هوبا سبريت وآش كاين و مازغان بالإضافة إلى جوديا بلكبير . اللقطة الأولى بمقارنة مع اللقطة الثانية ، تدهش المتأمل في ما يقع بالمغرب ، في سيدي إفني خسر المواطن ممتلكاته المنزلية، وفي مهرجان موازين تشتيت و توزيع للمال ، في سيدي إفني حضر جمع غفير من العازفين ، والغالبية منهم عازفوا زراويط ، أبدعوا سمفونية الألم و القهر على أوتار ضلوع المواطنين وطبول رؤسهم و مؤخراتهم، وفي مهرجان موازين حضرت كل أصناف الآلات الموسيقية ومعها من يتقنونها ، وشتان بين الأولى والثانية ، فالأولي طبيعية لا تكلف سنتميا واحدا لنقلها ، والثانية صناعية ويكلف نقلها الملايين من السنتيمات. في سيدي إفني حضر للتغطية قناة يوتوب العالمية وغابت القناة الأولى والثانية ، وفي مهرجان موازين تجند صحفيو القناة الاولى والثانية لنقل الفرح والرقص للمواطن وكأنهم على علم أن الأيام القادمة حبلى بالأحزان . في مهرجان سدي إفني أطلقت أدخنة القنابل المسيلة للدموع ، و في مهرجان موازين أطلقت أدخنة الشهب الضوئية في سماء الرباط ، في مهرجان موازين دعم الملك بعد انتهاء المهرجان بعض الفرق الشابة بهبات مالية تشجيعا لهم على الإبداع ، و في سيدي إفني بعد انتهاء التدخل العنيف فقد احد المواطنين ماله سرقة من طرف رجل أمن و لا زال ينتظر ما سلب منه . في سيدي إفني سرق المال ، و كسرت الأضلع والأطراف، وحوصرت المدينة ، و في موازين الرباط أهدر المال و ووزع الدهم بسخاء على الحي من الإنسان والميت من المادة ، وحضر الإعلام الوطني ، لكن بالرغم من كل هذا كأن موازين لم يكن ، فكل الذي شهده ، سخونة الأحداث بخرت كل صداه، فلطخت صورة المغرب في الخارج و الداخل بلوثة القمع وانتهاك حقوق الإنسان، وخطاب التنمية البشرية فقد مصداقيته وقوته ، لأن حقائق الميدان تكذب كل شعارات التنمية الزائفة . بعد أن قمت باستعراض هاتين اللقطتين ، وتبين لي أن المال العام يهدر في الرقص و النغم ، ولا ينفق في المشاريع التنموية لتقوية المناطق النائية المهمشة من المغرب ، وضعت يدي على رأسي وسكت برهة أتأمل في كل هذه الأوضاع ، فقفز في ذهني، اسم " سيدنا " الملك محمد السادس ، فقلت في نفسي المواطن المغربي بعدما فقد ثقته في الوزير الأول وفي الحكومة والأحزاب، لم يبقى له سوى " سيدنا " ، وهو في أشد الحاجة لمن يلملم جراحه ، ويطبطب على كتفه . فقلت إن كل يتحدث ، فوجدت نفسي أفكر بصوت عال قائلا :بغينا " نسمعو "صوت سيدنا في ما يقع. [email protected]