خمسة ترشيحات متتالية قدمناها لاستضافة نهائيات كأس العالم في كرة القدم وخمسة هزائم متتالية قاسية منينا بها أمام منافسينا وخمسة ميزانيات مالية ضخمة بذرت وخمسة مناسبات مرغت كرامة الوطن في الوحل ، وكل مرة كان يطلع لنا المسؤولون عن هذه الترشيحات والمكلفون بمتابعة ملفاتها – دون خجل وبلا استحياء – بتبريرات تفوح منها رائحة الاستهتار واللامبالاة بمشاعر المواطنين . "" أموال عامة بالملايير تبخرت باسم ثقافة (( المهم هي المشاركة )) امتصتها وتمتصها البطون التي لا تشبع من الحرام ، الملايير من أموال الشعب أهدروها ويهدروها في الأسفار وفي الفنادق الفخمة وبالتعويضات المنفوخة وبالتطبيل والتزمير بلا طائل دون أن يقدموا له ولو تفسيرا بسيطا أو اعتذارا ولو رمزيا على إسقاط كرامته ، وكما جرت العادة لم يحاسبوا على فشلهم وظلوا في مراكزهم ، كغيرهم من الفاشلين ، يتحايلون على الشعب بمكر الثعالب . كانت الهزيمة الأولى كافية ليستفيقوا من سباتهم وتكون لهم درسا علميا يخرجهم من ظلمات الخيال والأحلام ويهتدوا بنوره إلى سياسة رشيدة وحكيمة تنطلق من واقع البلاد وحقيقة وضعها نحو مستقبل أسمى وأفضل من الماضي والحاضر . لكنهم تشبثوا بعنادهم واستمروا في غيهم طمعا في عسل الزنابر لتستمر لسعاته السامة للشعب المسكين المغلوب على أمره لأنهم ألفوا حلاوة امتصاص دماء الوطن والتمسح بتلابيب أسيادهم والتسول في عواصمهم بملفات ضعف الشعب ، واعتادوا على هزائمهم في كل المواقع الخارجية كما هي الداخلية . وتوالت نكسات سياساتهم العمياء والصماء- التي لا تتقن إلا فن التقليد السلبي – بصفعة أخرى أشد وأمر من سابقاتها ، كما كان يتوقع كل الشعب ، عندما رمت الدول التي نتعلق بأهدابها ملف ترشيح طنجة للمعرض الدولي 2012 في المزبلة بعدما أوهمونا ، كما هو حالهم في كل مناسبة ، بالنصر المبين لتضرب طنجة – المدينة التي تفتح ذراعيها لكل من يأتيها عبر البحر والبر والجو – في مفصلها تحت أنظار أعدائها وأعداء وطنها الذي يضرب كل مرة على أم رأسه ويهان شعبه في عمقه ، وهكذا يستمر سقوط سياساتهم الخارجية في كل الملفات التي يطرحونها على أعتاب الدول . كل ساسة وقادة دول الشمال ، شرقية كانت أم غربية ، يسوسون أمور شعوبهم حسب ما تقتضيه مصالحها الاقتصادية والثقافية ويتعاملون بدهاء مع الأغبياء بسياسة الأمر الواقع ولا تنطلي عليهم ثقافة النهب والتسول المغلفة بسياسة الكذب والتحايل والمكياج والتهريج التي اشتهر بها سياسيونا منذ عقود في العديد من الملفات الخارجية والداخلية وملف وحدتنا الترابية في الجنوب والشرق والشمال كان ومازال وسيبقى أقوى دليل على قصر نظرهم وتقزم شخصيتهم الثقافية والسياسية وحبهم الأعمى للمنصب والثروة . فالدول التي تتظاهر بدعمنا والتضامن معنا ، وتخلينا بأمرها ، عن سيادتنا الدينية والثقافية والتاريخية والاقتصادية تدعم أعداءنا سياسيا واقتصاديا وعسكريا مهما تشبث حكامنا بسياسة الضحك على الذقون ومغالطة الشعب . وتتوالى هزائمنا المذلة ويتوالى معها نزيف اقتصادنا وتضخم فقرنا بسياسة الذئاب التي لا تستقيم مع براءة الحملان . فهاهو شعبنا اليوم يشرب كأسا آخرا من كؤوس العلقم التي ألف حكامنا أن يقدموها له على طبق من نار ويتجرع مرارة هزيمة وطرد منتخبه الكروي ككل مرة وتحترق مشاعره ومعها أمواله دون أن يظهروا ولو الحد الأدنى من الروح الوطنية وتتحرك قلوبهم المتحجرة وقلوبهم الميتة . فلو كان حكامنا اهتدوا إلى سياسة حكيمة يحكمها منطق حب الوطن واستثمروا أمواله المهدرة باسم الترشيحات لاستطاعوا بناء عشرات المنشآت الرياضية الفخمة في كل مدنه وقراه ليفخر بها شعبه بين الشعوب ، ولو استردوا قبلها وبعدها أمواله المنهبة والمهربة واستثمروها بسياسة علمية في تطوير مختلف الصناعات ببناء المعامل وتأسيس الشركات ذات النفع العام الدائم لكنا الآن أفضل بكثير من كوريا التي كانت أراضي جزيرتها بالأمس القريب لا تصلح حتى لدفن أبطالها ، ولو اهتموا بشبابنا كإنسان له كل حقوق المواطنة – ومن خلاله كل الشعب – تربية وتعليما وتكوينا وتأطيرا لما كان التهاون والتخاذل والانهيار ثقافة البعض والكل ، فلا حول ولا قوة إلا بالله وهو حسبنا ونعم وكيلنا .