في خطوة تأتي لصرْفِ الأنظار عن الوضع الدّاخلي في مخيّمات تندوف، راسلَ محمد سالم ولد سالك، رئيس ما يسمّى ب"الدبلوماسية الصحراوية"، الأممالمتحدة، داعياً الأجهزة الأممية إلى التّحرك والضّغط على المغرب من أجل إقناعه بقبول الاستفتاء في الصّحراء، متّهما فرنسا بعرقلة أي تقدّم في هذا النّزاع سواء في مجلس الأمن أو الأممالمتحدة. وعبّر المسؤول في الجبهة مخاطباً الأممالمتحدة "إن صبر الصحراويين له حدود"، مشيراً إلى أنّ "الوقت قد حان لكي تتحمل الأممالمتحدة مسؤولياتها". وأضاف: "يجب أن يعلم المجتمع الدولي أنه من الصعب للغاية إبقاء الوضع على ما هو عليه، هذا خلق إحباطًا عميقًا لجميع الصحراويين (...)"، وأشارَ "لقد فات الأوان"، ورفض القول ما إذا كان يعني ذلك ضمنيًا اللجوء إلى السلاح. ووصلَتْ جولات الحوار بين الجبهة والمغرب إلى مفترق طرق، بعد تقديم هورست كوهلر، المبعوث الأممي إلى الصحراء، استقالته بسبب دواعي المرض. ولا يظهر أيّ مؤشرّات للدفع بهذا الحوار إلى مستويات متقدّمة، خاصة أن كلّ طرف يحتفظُ بوجهة نظر خاصة به في النّزاع. وشكّك محمد سالم ولد سالك في أسباب استقالة كوهلر وربطها بالمرض، متّهماً أطرافاً بعرقلة عمل المبعوث الأممي إلى الصحراء، حيث "قامت بحظر جميع المبعوثين الخاصين (الأممالمتحدة) وستحظر كل من يأتي". وقال: "المشكلة تكمن في مجلس الأمن حيث تؤيد فرنسا، وهي عضو دائم يتمتع بحق النقض (الفيتو)، موقف المغرب". ويقول كريم عايش، وهو محلّل وباحث في العلاقات الدولية، إنّ الهدف من وراء هذه الادعاءات إخفاء حالة التقهقر والضعف التي تعيشُ على وقعه الجبهة، مشيراً إلى أنّها "محاولة للركوب على وضعية العلاقات المتوترة بين فرنساوالجزائر بغرس أعمق لسكين القطيعة بينهما، بعد أن اعتمدت الجزائر الإنجليزية كلغة ثانية للتعليم بدل الفرنسية". ويتوقّف المحلّل نفسه عند فشل مساعي "البوليساريو" ومن يساندها بالجزائر وجنوب إفريقيا في تنصيب شخصية إفريقية مبعوثا شخصيا للأمين العام خلفا لكوهلر بالاستناد إلى الدعم الدبلوماسي الجزائري، بعد وقوف فرنسا في وجه تحويل وجهة الملف من مجلس الأمن إلى أدغال الاتحاد الإفريقي. وفشلت عدة جولات من المفاوضات في التوفيق بين مواقف البوليساريو المدعومة من الجزائر والمغرب، الذي يقترح حكما ذاتيا واسعا في الصحراء. بينما تقول جبهة البوليساريو إن الحالة الوحيدة التي يمكن أن تقبل بها بمقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب هي إذا أقره "استفتاء حر ونزيه صوّت فيه الصحراويون لحسم هذا الصراع الذي عمر طويلاً". وقد استقال آخر مبعوث للأمم المتحدة حول هذه القضية، الرئيس الألماني السابق هورست كولر البالغ من العمر 76 عامًا، في ماي الماضي، "لأسباب صحية"، بعد أن تمكن، بعد ست سنوات من القطيعة الدبلوماسية، من استئناف الحوار. وعلى مدى أزيد من 27 سنة، حاولت بعثة المينورسو وعدد من مبعوثي الأممالمتحدة إلى الصحراء التوسط لإيجاد حل لهذا النزاع طويل الأمد، والذي يؤثر على العلاقات المغربية الجزائرية؛ في حين تركت موريتانيا النزاع جانباً، واستمرت جبهة البوليساريو في محاربة المغرب إلى أن توصلت الأممالمتحدة إلى وقف إطلاق النار عام 1991.