لا أفقا "سياسيا" واضحا لحل نزاع الصحراء في ظل انكماش دور الأممالمتحدة في تحديد أجنداتها الإستراتيجية في البحث عن بديل محتمل للمبعوث الخاص، هورست كوهلر، المستقيل مؤخرا، وفي ظل تشبث الأطراف المعنية بنزاع الصحراء بمواقفها المتصلبة حيال الملف، وهو ما يدفع إلى مزيد من الانتظار، خاصة وأن القناة الأممية للربط بين المواقف المعنية معطلة منذ شهور. وشكلت أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة فرصة لاستبيان موقف كل الأطراف المعنية بنزاع الصحراء، حيث اعتبرت الجزائر أن "حل هذا النزاع الإقليمي لن يتأتى إلا عن طريق الحوار بين المغرب وجبهة البوليساريو"، بينما أكدت الرباط مقترحها المتمثل في "تمكين الأقاليم الجنوبية من حكم ذاتي تحت السيادة المغربية". وماعدا زيارات ميدانية تقوم بها وحدات عسكرية تابعة للمينورسو من أجلِ الاطلاع على آخر تطورات المنطقة، يبدو أنّ الوضع في الصّحراء ماضٍ إلى السّكون، متجاوزاً بذلك حالة "الاستنفار" التي تطبعُ عادة عمل مبعوثي الأممالمتحدة، خاصة خلال شهري أبريل وأكتوبر، مع مناقشة تقرير مجلس الأمن حول الصّحراء. وفي هذا السياق، قال المحلل والباحث في العلاقات الدولية، كريم عايش، إن "اختيار مبعوث أممي أصبح أصعب من الحل نفسه بسبب الحمولة التي صار يمثلها في المنظومة الجيو-استراتيجية المحيطة بالملف، الذي امتد تأثير أطرافه إلى ردهات نيويورك وبات الصراع في محيط الأمين العام الأممي أكثر شدة وضراوة". وأضاف الخبير في نزاع الصحراء أن "الطرف الجزائري لا يرغب في دور حيادي للأمم المتحدة، بل بات يسعى إلى توريط مجلس الأمن في اتخاذ مواقف متناقضة وعدم إيجاد حل القضية وإطالة عمرها لتكون إزعاجا مستمرا للمغرب وللاتحاد الأوروبي". وفي المنحى ذاته، يرى عايش أن "قضية الصحراء أيضا صارت قضية من يحرك المنطقة ومن يسعى إلى أن يكون المحرك الرئيسي، غير أن ما صار واضحا هو بروز ثوابت دبلوماسية لا تتزحزح كموقف فرنسا وإسبانيا، وتعقل موريتانيا مؤخرا بسعيها إلى إحداث توازن في موقفها من القضية". وأبرز الخبير ذاته أن "مسألة اعتماد مبعوث أممي لن تحدث إلا بوضوح رؤية الأمين العام الأممي للظرفية الحالية، وإجماع القوى العظمى الممثلة في مجلس الأمن على اعتماد شخصية تتميز بالجدية والصبر والقدرة على المراوغة وجمع الأطراف". وبيّن عايش أن "الدبلوماسية الجزائرية تتبنى ازدواجية الخطاب والمقاربة، فهي تصرح بعدم تدخلها في قضية الصحراء وفي الوقت نفسه تحتضن البوليساريو وتموله وتدعمه في المحافل الدولية، فهي ليست طرفا في القضية ولكنها تحركها عبر البوليساريو، مما يؤهلها إلى مصاف الدول المارقة التي لا تتميز بالجدية والمصداقية في المعاملات الدبلوماسية وتعتمد المكر والخداع". "وبالرغم من كل ما سبق، لا يمكن لقضية الصحراء أن ترى الأفق بدون شخصية قادرة على الضغط على كل الأطراف لقبول حل متوافق عليه، وتكون متمكنة من مميزات المنطقة وعقليات حاكميها"، يضيف عايش، مبرزا أن "المبعوث الجديد عليه إحراز تنازلات من الجميع لتجنيب المنطقة صراعا مستقبليا قد يشعله تهور البوليساريو ومكر الجزائر".