قال محمد جبرون، مفكر وباحث في التاريخ والفكر السياسي الإسلامي، إن "قضية الإسلام والحريات الفردية تعطي الانطباع بأن هناك خصومة وتناقضا بين الدين الإسلامي والحرية، إذ إن الكثير من الناس في المجتمعات العربية والإسلامية لديهم اعتقاد راسخ بأن الإسلام بشكل أو بآخر يشكل عائقا أمام التحرر وأمام الحريات الفردية". وأضاف جبرون، في مداخلة له في ندوة علمية حول "الحريات الفردية بين التحولات المجتمعية والمرجعية الدينية"، نظمتها مؤسسة فريديريتش ناومان للحرية في المغرب وحركة ضمير، أن "السؤال الذي يجب أن نطرحه هو هل فعلا هذا منطلق صحيح؟ هل فعلا هناك إشكالية بين الإسلام والحريات الفردية؟ هل العائق الرئيس أمام التحرر هو المعتقد الديني، أم أن هناك عوامل أخرى تكون مهمة؟". وشدد المتحدث على أهمية إعادة فهم إشكالية العلاقة بين الإسلام والحريات الفردية أولا، ثم إعادة فهم إشكالية التحرر والحريات الفردية، لأن "الفهم الدوغمائي والإطلاقي للإسلام يزيد من التوتر ويعيق أي قدم في اتجاه التحرر". ويقترح جبرون الاستناد إلى مرجعيات ثقافية وفكرية مختلفة من أجل إعادة فهم الإشكالية، متسائلا: "كيف يبدو مفهوم الإسلام من الناحية السوسيولوجية على مدى 15 قرنا؟ هل هو ثابت أم متغير؟ ثم الإسلام في علاقته بالتاريخ، هل هناك توافق أم هناك توتر؟"، وزاد موضحا: "عندما نطرح هذه العلاقة من منظور تاريخي وفي مرآة الزمن يبدو أن الدين يطمح إلى الهيمنة على التاريخ، وفي المقابل، التاريخ بطبيعته المتحولة والدينامية ينزع إلى التخلص من الهيمنة، سواء كانت دينية أو غيرها". وفي حديثه عن الاجتهاد وعلاقته بالحريات، أورد المتحدث ذاته: "في المغرب عندنا نماذج تدل على نجاح العقل الاجتهادي والقدرة على التكيف والتأقلم"، مقدما مثال الإصلاحات التي عرفتها مدونة الأسرة والسماح للنساء باحتلال منصب "العدول"، و"كل ما يتعلق بحقوق الإنسان". واعتبر جبرون خطاب الحريات الفردية "انتصارا لليبرالية" بعد التحولات الاجتماعية التي عرفها المغربي، وهي حسبه تتمثل على سبيل المثال في النمو الحضاري غير المسبوق واتساع التجمعات الفردانية. ودعا جبرون إلى إخراج الإسلام من كونه عقيدة وشريعة إلى عقيدة ومنظومة قيم، معتبرا أن "صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان واستمراره تتعلق بقدرتنا على إعادة تعريفه في كل وقت وحين بما يناسب التاريخ وديناميته". *صحافية متدربة