قال امحمد جبرون، أستاذ باحث في التاريخ والفكر الإسلامي، يوم الخميس 4 يوليوز بالرباط، إن خطاب الحريات الفردية هو علامة لانتصار الليبرالية، “وهو قدر لا رد له”. وأوضح جبرون، في معرض حديثه بندوة علمية حول “الحريات الفردية بين التحولات المجتمعية والمرجعية الدينية”، أن مفهوم الإسلام كما هو سائد يحتاج لإعادة النظر ومساءلة خاصة.
وأضاف جبرون قائلا:”الأديان تطمح للهيمنة على التاريخ والسيطرة عليه.. بينما يسعى هذا الأخير إلى التخلص من هذه الهيمنة”. “هل يكون الدين عائقا مانعا أمام التحرر الفردي ؟” يتساءل الباحث ثم يجيب، “بالنسبة لي لا.. لأن الدين هو منظومة عقيدة وقيم” مشددا على أن الحرية الفردية لا تعني “الحيوانية”، أي أن تفعل ما تشاء بدعوى الحرية، “لكن سلطة القانون هي التي تحكمنا”. وأبرز الباحث، خلال الندوة التي نظمتها حركة “ضمير” بشراكة مع مؤسسة “فريديرش نيومان” الألمانية، أن الحرية الفردية هي بنت المدينة وليس القبيلة، ظهرت مع نمو المدن واتساع رقعتها. وأشار الأستاذ الباحث إلى أن “المفاهيم الدوغمائية للإسلام والحريات الفردية هي شكل من أشكال الأصولية والتطرف”، مشددا على “ضرورة الاستناد إلى مرجعيات فكرية مختلفة عن الفترة التي كانت سائدة في السابق”. وأكد جبرون أن التصالح مع التاريخ والتوافق معه نجح في كل الفترات التاريخية، حيث استطاع المسلمون تكييف دينهم مع معطيات وظروف وحيثيات اجتماعية وثقافية. وأوضح الباحث أن المناداة بدولة الفرد والمواطن هي أساس التحرر، لأن الفرد ينضبط للقانون. وأكد الباحث أن الجماعة أو القبيلة لا تقبل ممارسة الفرد لحريته، لأنها تتحمل مسؤولية ممارساته، كما انها مسؤولة عن قمع حرية هذه الفرد. واستطرد مضيفا “إن كبح حرية الفرد كان قبل بروز الدولة، وهو مرتبط بحجم المسؤولية التي تتحملها الجماعة أو القبيلة أو الطائفة، وبالتالي تتدخل في سلوك الفرد وتحد منه”. ووفق الباحث امحمد جبرون: “فإن اندماج المغرب في الثقافة الكونية والإنسانية، ورسوخ مفهوم المواطنة واتساع رقة المدينة، جعل الحريات الفردية قدرا لا رد له، والتوجه نحو التحرر الفردي هو مسألة حاصلة لا محالة”.