للمرة الثانية تواليا، يصر المغرب على رفض اللقاء بهورست كولر، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، بالعاصمة الألمانية برلين، التي سيلتقي بها مع مختلف أطراف نزاع الصحراء؛ بعد أن أوردت تقارير إعلامية دولية فرضية اللقاء بالطرف المغربي، في العاصمة الفرنسية باريس، خلال اليومين المقبلين، تحضيرا للقاء "جنيف 2" الذي سيعقد منتصف شهر مارس المقبل، استئنافا للجولة السابقة التي لم تفرز جديدا على أرض الواقع. وسبق للمغرب أن أجبر المبعوث الأممي على عقد اللقاء التشاوري الأول بالعاصمة البرتغالية لشبونة؛ فيما استقبل مختلف الأطراف بالعاصمة برلين، في إشارة تبرز عدم رضا المغرب عن التحركات الألمانية من أجل نزع كرسي "الفيتو" عن الجمهورية الفرنسية داخل مجلس الأمن، وجعله متاحا باسم دول الاتحاد الأوروبي كاملة؛ وهو ما سيشكل ضربة قوية إلى الحليف التقليدي فرنسا ولرؤية المغرب لقضية الصحراء، خصوصا أن المجلس سيشهد دورات قوية، بعد دخول جنوب إفريقيا كعضو غير دائم. وتراهن الجزائر على استضافتها وتنسيقها مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال شتنبر من السنة الماضية، من أجل نقل وجهة نظرها مستقبلا صوب مجلس الأمن، في حالة تمكنها من إسقاط ورقة فرنسا، خصوصا أنها تلعب على ورقة "انهيار الاتحاد القاري"، وربط مسألة إنقاذه بدخول صوت كل الدول التي يضمها إلى أروقة المؤسسات الدولية، ومنحها حق "الفيتو"، من أجل حماية مصالحها، في ظل التوازنات الدولية. مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المغربي المقيم بباريس، قال "إنه في الآونة الأخيرة نشب جدل في دول الاتحاد الأوروبي حول إمكانية تنازل فرنسا عن مقعدها في مجلس الأمن لصالح التنظيم القاري الأوروبي"، مشيرا إلى أن "المطلب ألماني؛ لكن المقعد يهم أوروبا، والدافع الأساسي من وراء هذا المطلب هو أنه يجب على القارة أن تتحدث بلغة واحدة للعالم، وأن تكون لها سياسة خارجية وسياسة دفاع مشتركة". وأضاف الطوسة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "عندما ظهر هذا الجدل سارع الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، ووزير خارجيته جون إيف لودريون، إلى نفي تنازل فرنسا لصالح ألمانيا، بل هي متشاورة إلى أبعد حد مع حلفائها الألمان والإسبان والإيطاليين"، مشددا على أن "العلاقة التي صاغها المغرب مع باريس ليست هي نفس العلاقة مع برلين؛ففرنسا تتفهم بشكل أكثر وضوح وجدية مسألة الوحدة الترابية المغربية، وكذا المعركة الضارية بخصوص ريادة منطقة شمال إفريقيا". وأوضح المحلل السياسي المغربي أن "قضية انفصاليي البوليساريو ليست سوى مؤشر للصراع حول الريادة المحتدم بين الرباطوالجزائر"، لافتا إلى أن "المغرب يعتقد أن باريس تفهم أكثر من أي عاصمة أوروبية أخرى؛ لكن هذا لا يعني أن ألمانيا ستغير جذريا المقاربة الفرنسية"، وزاد: "تفضيل المملكة الجلوس بباريس عوض برلين يعود إلى إظهار الدبلوماسية الفرنسية نشاطا أكبر، خصوصا على مستوى الأزمات الإقليمية بإفريقيا".