اقتفاء أثر الجارة الجزائر على المستوى الأوروبي.. هذا ما تحاول البوليساريو المضي فيه بعد تنقل وفد من الجبهة يقوده خطري أدوه، ممثل الانفصاليين في أوروبا، وعاليين الكنتاوي، ممثل الجبهة في ألمانيا، اللذين برمجا لقاءات مع رؤساء لجان داخل البرلمان الألماني (البوندستاغ)، محاولين استمالة سياسيي البلد، خصوصا أن الألمان يبحثون عن نزع حق "الفيتو" من فرنسا داخل مجلس الأمن وجعله متاحا باسم القارة الأوروبية. ويبدو لافتا أن قرار التحرك صوب ألمانيا، الذي باشرته الجزائر ومعها البوليساريو منذ شهور، يأتي بعد المساندة الفرنسية القوية للطرح المغربي في قضية الصحراء، وهو ما تفاعلت معه المملكة برفضها مرتين متتاليتين دعوات المبعوث الأممي هورست كولر إلى التباحث بالعاصمة الألمانية برلين، مفضلة باريس، في إشارة إلى تشبثها بالحليف التقليدي فرنسا، خصوصا أن المجلس سيشهد دورات قوية، بعد دخول جنوب إفريقيا كعضو غير دائم. وسبق للمغرب أن أجبر المبعوث الأممي على عقد اللقاء التشاوري الأول بالعاصمة البرتغالية لشبونة؛ فيما استقبل مختلف الأطراف بالعاصمة برلين، مما يبرز عدم رضا المغرب عن التحركات الألمانية من أجل نزع كرسي "الفيتو" من الجمهورية الفرنسية داخل مجلس الأمن. وفي هذا الصدد، قال هشام معتضد، الأستاذ الجامعي بكندا، إن "انفتاح جبهة البوليساريو على ألمانيا، الهدف منه ليس خلق التوازن مع المغرب الذي تدعمه الحليفة فرنسا فحسب، وإنما هو تحرك تكتيكي على الساحة الأوروبية لتمويه ساكنة تندوف وكسب تعاطفها والتغطية على نكسات قيادتها على المستوى الدولي، بالإضافة إلى تبرير تحركاتها خارج المخيمات، رغم انهيار أطروحتها داخل الشرعية الدولية". وأضاف معتضد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "إذا كانت هناك استقبالات لبعض رموز قيادة البوليساريو من طرف بعض المحسوبين على المجتمع المدني والجهات الرسمية في ألمانيا، فهذا يدخل في إطار طلب لقاء يتم تقديمه من طرف البوليساريو للظفر ببعض الاستقبالات من طرف المسؤولين الألمان، وغايته الأساسية هو خلق نوع من الدبلوماسية التواصلية لإنقاذ إفلاس مشروع الأطروحة الانفصالية، التي كانت تبحث عن مصداقية دولية من أجل إخراجها إلى حيّز الوجود". لذلك على الدبلوماسية المغربية، بكل مكوناتها الرسمية، وشبه الرسمية والموازية، يضيف الباحث في جامعة شيربوك، أن "تواكب هذه التحركات الميدانية للبوليساريو بتقوية قنوات الحوار والتواصل الدبلوماسي مع جل ممثلي أطراف المجتمع الألماني لتقديم صورة واضحة عن ملف الصحراء من أجل تصحيح المغالطات والرسائل المجانبة للصواب التي تعمل الجبهة على تمريرها في كل تحركاتها في ألمانيا". وأوضح معتضد أن "الوفد الرسمي للبوليساريو، الذي يقوم بزيارة لألمانيا، سيعمل على كسب وِد ممثلي الجهاز الرسمي وبعض أفراد المجتمع المدني الألماني، وسيلجأ إلى ورقة العلاقات الثنائية والخارجية من أجل كسب عطف المسؤولين الألمان على حساب العلاقات القوية التي تربط نظيرتها الفرنسية بالمغرب".