ونحن على مشارف الانتخابات التشريعية لا تزال فزاعة التخويف من الإسلاميين تستخدم من طرف بعض من يدعون الدفاع عن الديمقراطية وهي منهم براء كبراءة الذئب من دم يوسف وهم إما مجموعة من أصحاب المصالح والامتيازات، أو من بعض الاستئصاليين العلمانيين، أو من بعض اللبراليين المتطرفين وأخيرا ممن اعتادوا على تطبيق التعليمات والتوجيهات بله الأوامر. والواقع أن أكثر ما يخيف مدعي الديمقراطية هؤلاء من قدوم حزب مثل حزب العدالة والتنمية ليس كونه حزبا إسلاميا بقدر ما أنه حزب ديمقراطي أصيل لا يتحكم في دواليبه غير أهله، ولا يُسير بأجهزة التحكم عن بعد ، ويختار قراراته بمحض قراراته فهو حزب خاض عدة معارك لا تخص فئة ولا طبقة، ولا تدافع عن مصالح أو امتيازات ،إنما هي معارك كانت ولا زالت من أجل الحرية والعدالة، من أجل الحفاظ على الهوية والحداثة بمعناها الأصيل، وأخرى لا زالت ضارية من أجل إسقاط الفساد والمفسدين. إن ما يزعج خصوم حزب العدالة والتنمية هو معرفتهم العميقة بكونه لا يناضل من أجل مناصب فيُشترى بها، ولا ومن أجل مصالح فيسكت بقضائها، ولا من أجل امتيازات فيقفل فاه بمنحه إياها، فما يزعج حقيقة هؤلاء الخصوم علمهم اليقين أن الحزب قد يسمح في حقه وحق مناضليه من أجل المصلحة العليا للوطن، لكنه لا ولن يسكت إذا مُسّت حقوق المواطنين وكرامتهم، ولن يطبق فاه اتجاه الظلم والفساد وقمع الحريات، ولن يُغمض عينيه أمام الرشوة والفساد. إن أكبر دليل على كون الانتماء للمرجعية الإسلامية التي يعتز بها حزب العدالة والتنمية إنما تُتخذ فقط ذريعة للوقوف في طريق الحزب والتخويف منه بل والتهويل من شأنه هو أن مجموعة الج8 لم تجد حرجا في ضم حزب إسلامي يتسم بكون نائبه الوحيد الشيخ الزمزمي كان دائما محط انتقاد من هؤلاء الذين يتحالفون معه اليوم، ولم تجد مجموعة الأحزاب الإدارية غضاضة في التحالف مع حزب النهضة والفضيلة متناسية قولها أنه لا يجب إدخال الدين في السياسة وأن الحداثة تقتضي ترك الدين جانبا فتحالفت مع فقيه مفتي ومع حزب اتسمت مواقفه بالتصعيد عن يمين حزب العدالة والتنمية آملا استقطاب الإسلاميين الذين يجدون نعومة زائدة في مواقف هذا الأخير، وهكذا بطلت دعوى عدم التحالف مع من له مرجعية إسلامية. إن أكبر تخوف من حزب العدالة والتنمية هو التخوف من كونه حزب قادر على الجمع بين الأصالة والمعاصرة ، حزب لا يمكن أن يتهم بالتطرف ولا بالتعصب، حزب لم يجعل برنامجه السياسي عبارة عن مجموعة من المحظورات أو من الممنوعات كما يخيل للبعض بل يحلو لهم الإيهام بذلك، حزب يريد خصومُه جره إلى معارك القشور واهتم هو بمعارك التنمية ورفع الظلم ومحاربة الفساد وتبذير المال العام وترشيد النفقات وطبعا المحافظة على الهوية. إنه حزب يكره الاستضعاف فهو يناضل من أجل الحرية والعدالة والكرامة في ظل احترام المؤسسات، ومع استحضار المسؤولية التاريخية في استقرار البلاد وإبعاد الفتنة، فهو مع حرية الفرد وحرية الإبداع وحرية التملك وحرية الفكر بل مرجعيته تفرض عليه تطبيق قوله تعالى " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر" لكن في إطار القانون الأسمى للبلاد وهل في ذلك عيب أو عار؟. حزب يومن بالشورى و ويلتزم بالديمقراطية ولم يكتف بالتبجح بهما بل طبقهما وجعلهما أساس تنظيمه وألزمهما جميع مناضليه، وغير قيادته العليا ثلاث مرات في ظرف أربع سنوات ولم يجد حرجا في ذلك. إن الديمقراطية ممارسة قبل أن تكون شعارات وقد جربنا من يرفعون هذه الشعارات ولا يطبقون أدناها في مراكز القرار التي يحتلونها، الديمقراطية هي مجموعة مبادئ وثقافة يجب أن تتأصل بإجراءات عملية. كيف لنا أن نثق بمن يرفع شعارات الديمقراطية والحداثة ولسان حاله يبين لنا عكس ذلك؟ كيف لنا أن نصدقه ونحن نرى بأم أعيننا ما فعلوا وما يفعلون من تضييقات وملاحقات ضد كل من طالب والحرية، كيف لنا أن نأتمنه ونحن نشاهد محاولة تكميم الأفواه بدعاوى قديمة قدم الاتحاد السوفياتي البائد. لقد جربنا كل هؤلاء الأحزاب واحدا تلو الآخر وما زالوا يحكموننا لحد الآن، أفليس من الغريب أن تكون برامجهم وكأنهم لم يكونوا في التدبير ساعة واحدة؟ وفي الحكم لحظة واحدة؟ الديمقراطية تقتضي أن نجرب بديلا آخر، تقتضي التغيير وهو ما نراه في أوروبا في عدة بلدان عاقبت حكوماتها وجاءت بأخرى ، فهل نحن قاصرون وعاجزون على فعل الشيء نفسه، بلى إذا احترمت إرادة الشعب واختياراته. إننا في المغرب محتاجون إلى جبهة ديمقراطية وطنية تقف ضد الفساد والاستبداد واغتصاب الحريات، من أجل وطن تسوده الحرية والعدالة والكرامة، وأخيرا لنتذكر قول المثل "إنك لا تجني من الشوك العنب". *باحث في العلوم السياسية [email protected]