إن من يتأمل مداخلات السيد فؤاد الهمة (الصورة)في اللقاءات التي يجريها ( حزب الأصالة والمعاصرة ) بالعديد من المدن المغربية للتعريف به وسط الساكنة ، سيصاب بالإسهال والدوخة التي قد تفقده بوصلة الاتجاه . هذا مرده ان الهمة لا يعي جيدا ما يقوله، أو ربما ان الشخص مصاب بفقدان الذاكرة بسبب اختلاف وكثرة الأدوار التي دأب على لعبها في الساحة ، وان كان ذلك بطرق أضحت متجاوز منذ أكثر من عشر سنوات. ان من يتتبع مداخلات السيد الهمة سيكتشف إن الشخص تغلب عليه السطحية والطاووسية ، رغم محاولته الفاشلة الظهور بمظهر المدرك الملم بحقائق الأمور ، ومجريات السياسة ، وربما ان سبب هذا الحال ان الشخص رغم مروره بوزارة الداخلية التي كان بها الوزير الحقيقي ، ورغم ان جهازي الأمن ( مدير البوليس ) بإدارة البوليس ، والمدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني لا يزالان يتبعان له حيث يتوصل يوميا بتقاريرهما قبل ان تصل تلك التقارير الى الديوان الملكي ، فان الشخص يبدو كمن يخبط خبط عشواء دون إعطاء وزن للمصطلحات الصادرة عنه والتي تمس بالأساس صلب النظام المغربي . "" لقد قسم السيد فؤاد الهمة الفاعلين السياسيين الى ثلاث مجموعات . المجموعة الأولى وقد جمع فيها الأحزاب التي درجت على تفعيل الحقل السياسي منذ ستينات القرن الماضي ، والأحزاب التي تكونت في رمشت عين وفي ظروف مختلفة ، وقد حكم عليها بحتمية الزوال بسبب امتلاك بعضها لخطاب مكرر ومتجاوز ، وبسبب تجاوزها بفعل المتغيرات التي عرفها المشهد السياسي المغربي منذ رحيل الحسن الثاني رحمه الله ، وبعضها يكون قد استنفد الدور الذي أوكل له وحان الوقت لرحيله لان وجوده أضحى ضد الطبيعة . والمقصود هنا بالمجموعة الأولى حزب الاستقلال ، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، حزب التقدم والاشتراكية ، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ، حزب المؤتمر الوطني ، الحزب الاشتراكي ، حزب اليسار الموحد . أما المجموعة الأخرى فتتكون من أحزاب إدريس البصري ويأتي على رئسها الاتحاد الدستوري ، الحزب الديمقراطي الوطني ، التجمع الوطني للأحرار ، الحركة الشعبية لمحمود العرشان والحركة الشعبية لاحرضان والعنصر ، جبهة القوى الديمقراطية ،الحزب العمالي،إضافة إلى أحزاب آخر ساعة التي منها من اندمج في عملية كاريكاتورية في حزب السيد الهمة ، ومنها من لازال يبحث له عن موقع قدم في الخريطة الحزبية بسبب الضعف التنظيمي والتا طيري والموسمية وغياب الاعضاء الفاعلين واستعداد تلك الأحزاب الهجينة للتحالف حتى مع الشيطان في سبيل ضمان مصالح ( قياداتها ) ومشاركتها بطريقة او أخرى في تدبير الشأن العام ، وهو ما لا يمكن تصوره إطلاقا ، لان الدولة لا يمكن ان تضيع وقتها مع كائنات غير معروفة أصلا ،لا قواعد لها وسط الساحة الشعبية، لان هذا سيكون من باب العبث السياسي الذي لن تقبل به القيادة الجديدة إطلاقا . المجموعة الثانية وقد صنفها الرجل ضمن أحزاب الإسلام السياسي ، ويستوي هنا الخصم اللذوذ للهمة الذي هو حزب العدالة والتنمية الذي ينافسه المقاعد البرلمانية ،كما انه لا يتردد في رفعه شعار دولة أمير المؤمنين ، ورفضه اي تعديل للدستور اذا كان من شان ذاك التعديل المساس بالاختصاصات الممنوحة لجلال الملك ، ثم جماعة العدل والإحسان كأكبر تنظيم من حيث مستوى الاعضاء والتنظيم ، و الأحزاب المحظورة كالبديل الحضاري ، الحركة من اجل الأمة ، إضافة الى التيارات السلفية والجهادية مثل الجماعة الإسلامية المقاتلة ، الشبيبة الإسلامية ..لخ، ودون نسيان الشيعة المتناثرة هنا وهناك عبر ربوع المملكة . اما المجموعة الثالثة وحسب تصنيف الشخص فهي تظم حزب الأصالة والمعاصرة ، الذي اعتبره صاحبه حزبا مالكيا وملكيا بامتياز رغم الخطورة التي تنطوي عليها مثل هكذا خرجات غير مسئولة بالنسبة لتحديد المسؤولية السياسية والجنائية للملك وتحميله مسئولية الفشل عن كل فشل مرتقب لما يحظر له الهمة من وصفات لتأثيث المشهد السياسي في غضون العشرية القادمة . يلاحظ ان السيد الهمة في وصفته السحرية هذه التي لا تعكس حقيقة المشهد السياسي المغربي ، وتعتبر سطحية بسبب قصور البعد التحليلي عند الرجل ، او عند الذين أقنعوه بجدية هذا التقسيم قد حكم على المجموعة الأولى بالزوال وحتمية النهاية ، بسبب شيخوختها ، ورفضها للتجديد والتشبيب بفعل احتكار الشيوخ الهرمة للسلطة التقريرية فيها، وبسبب تجاوزها من قبل الأحداث والتطورات المتعاقبة التي عرفها المغرب منذ رحيل الحسن الثاني رحمه الله وامتلاكها لخطاب ماضوي تقليدي ومتكرر مل منه الناس منذ زمن بعيد ، وإدراك الناس انتهازية ( زعمائها) الذين لا يترددون في استغلال جميع الظروف والمناسبات للقفز على جثث ( الضحايا ) مثل ما يحصل الآن من تنابز بين بعض الأحزاب بسبب تصريحات من هنا وهناك عن كشف مصير بعض ضحايا الخمسينات التي نسبت الى المهدي بن بركة ، او توظيف ورقة الرجل في توجيه رسائل مشفر إلى من يهمه الأمر بمناسبة اقتران الحملة المشكوك فيها مع موعد الانتخابات الجماعية والبلدية في الشهر المقبل . هذه المجموعة حكم عليها الرجل بالاندثار والتآكل بفعل فقدانها لشروط العيش والبقاء ، وهو ما يعني ان الرجل الذي يعرف ما يقول ، بصدد تحضير العدة لمواجهة الخصم الأشرس والأشد ، الذي جسده في أحزاب الإسلام السياسي التي يعتبر برنامجها خطرا على الدولة وعلى مشروعه الذي لا يتردد في وصفه بمشروع الملك ، وهو ما يعني ان ثقل المسئولية التي يتحملها الرجل لا تخرج عن تدبير كيفية حسم المعركة المقبلة مع هذا التيار لتصفيته ومحوه من الساحة ، مثل ما يزعم ذلك مع المجموعة الأولى التي تآكل مجهودها بفعل فشلها في حسم مسالة السلطة واندماجها في المشروع الرسمي للدولة بعد ان تحولت مطالبها من مطلب السيطرة على الحكم الى مطلب اقتسام الحكم وأخيرا انتهى بها المطاف الى مطلب الدخول فقط الى الحكومة . ان كل متتبع للشأن السياسي الوطني سيطرح بعض الأسئلة المحيرة لما يهدف السيد الهمة الى تحقيقه . اذا كان الرجل قد حسم في المستقبل السياسي للمجموعة الأولى ، وهذا شيء صعب المنال والتحقيق بالنظرة التي يقيم بها الهمة المشهد السياسي . واذا كان قد حظر نفسه من خلال حزبه الأصالة والمعاصرة لمحاربة المجموعة الثانية ليكون مصيرها نفس مصير المجموعة الأولى .. فهل هذا يعني ان الهمة شعورا منه او بدون شعور بصدد إنتاج نظام الحزب الوحيد في المغرب ؟ . وقد ظهر هذا من خلال ابتلاعه لأحزاب ميتة ، كما ظهر من خلال محاولته استمالة التجمع الوطني للأحرار للالتحاق بحزب الهمة ، كما تجلى هذا في عملية الانتماء الجماعي للعديد من الكائنات الحربائية التي طلقت أحزابها والتحقت بحزب الهمة ، رغم أن هذا السلوك اللااخلاقي يتناقض مع ما تنصص عليه المادة الخامسة من قانون الأحزاب الذي تم تبنيه من قبل جميع الفرقاء السياسيين لما كان الهمة يمارس مباشرة وبالمكشوف بوزارة الداخلية . ان فدلكة الهمة للمشهد السياسي وبهذه السرعة المفرطة ، لا تخرج في جوهرها عن إلغاء جميع الكائنات الحزبية لصالح الحزب الوحيد الذي يجسده حزب الأصالة والمعاصرة . وهذا الشيء الذي يطمح له الهمة من دون تقدير التبعات والمخاطر، يشكل خطرا مسبوقا على الملك والنظام الملكي ، كما يعتبر خروجا وضربا للدستور الذي يقر بالتعددية السياسية ويمنع الحزب الوحيد ، وفي نهاية المطاف يعتبر هذا ( المشروع ) خرقا سافرا لقانون الحريات العامة وللفسيفساء ألاثني الذي يطبع الأمة المغربية بعربها وبرابرتها . وبخلاف التقسيم الاعتباطي للمشهد السياسي الذي دأب الهمة حسب هواه يروج له في مداخلاته في التجمعات التي يعقدها عبر ربوع الوطن ، تنقسم الفعاليات السياسية المؤثرة بدرجة او أخرى في المشهد السياسي الى : مجموعة حكومية ، مجموعة معارضة ومجموعة عبارة عن أحزاب تؤثث الكرنفال الحزبي بما يخدم بعض الاتجاهات ، او تستخدم كورقة يمكن استعمالها لحسم بعض القضايا او تمرير بعض المخططات والإسهام في مباركة بعض المشروعات بدعوى الإجماع ثارة والأغلبية ثار أخرى ، وفي أحيان أخرى إعطاء الواقع الحزبي والسياسي حجما وصورة غير تلك التي تسود الواقع، ثم مجموعة رافضة او صامتة التي كانت تسمى من قبل بالأغلبية المخدوعة او المخدومة او الصامتة التي ربما تكون قد فاقت من سباتها بعد ان أعيتها سنوات الأكاذيب من طرف جميع الفرقاء السياسيين وبدون استثناء ، فرفضت البرلمانية والحزبوية وكل سياسة سياسوية. 1 الأحزاب الحكومية :تتكون هذه الأحزاب من تلك التي تشترك في الحكومة او تلك التي تقدم لها سندا إما في البرلمان او من خلال مشاركتها في بعض الوقفات أمام بعض الإدارات والمؤسسات، او من بعض الأحزاب التي كانت تشارك في الحكومات السابقة وفرض عليها الآن لعب دور المعارضة وان كان ذلك بطريق غاية في الرداءة ،ثم بسبب وجود هذه الأحزاب كاحتياط للمشاركة في الحكومة القادمة او تطعيم الحكومة الحالية اذا حصل هناك تعديل طفيف لبعض مكوناتها . وللإشارة فان من بين هذه الأحزاب من كان يلعب دور المعارضة البرلمانية سابقا ، ومنها من خرج من جب مؤسسة وزير الدولة وزير الداخلية السابق إدريس البصري ولعب دورا في تأثيث المشهد السياسي من برلمان وحكومة لمواجهة الاستحقاقات التي كانت تفرض نفسها في آخر لحظة . ان من بين هذه الأحزاب هناك حزب الاستقلال الذي يعرف كيف يلعب المعارضة وكيف يشترك في الحكومة ،أي يتقن جيدا سياسة من أين تأكل الكتف ، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، حزب التقدم والاشتراكية ، التجمع الوطني للأحرار ، الحركة الشعبية ، الاتحاد الدستوري، ونضيف إليهم حزب الأصالة والمعاصرة سواء من خلال بعض وزرائه في الحكومة ، او من خلال اكتساحه التام للمشهد السياسي المغربي في أفق الانتخابات الجماعية والبلدية القادمة او من خلال ما سيحطمه من رقم قياسي في الانتخابات التشريعية القادمة كذلك . وبحسب التحليلات والمعطيات ، سيأتي على رأس القائمة الفائزة في الانتخابات الجماعية والبرلمانية القادمة حزب الأصالة والمعاصرة ، يليه حزب الاستقلال ، يليه في الانتخابات( البرلمانية) حزب العدالة والتنمية ، التجمع الوطني للأحرار او الحركة الشعبية ثم الاتحاد الدستوري ، الاتحاد الاشتراكي ، حزب التقدم والاشتراكية ، جبهة القوى الديمقراطية ،اليسار الاشتراكي الموحد . 2 أحزاب المعارضة الشبة اللائيكية : تتكون هذه الأحزاب من مجموعتين متباعدتين من حيث الأهداف والمطامح السياسية . ا الأحزاب الانتخابية التي تؤمن بالمعارضة البناءة للحكومة وليس للحكم . ان هذه الأحزاب تشارك في الاستحقاقات السياسية بغرض الدخول إلى البرلمان ، وان أمكن إذا توفرت لها بعض الغطاءات في إطار التحالف مع أحزاب الحكومة مثل الاتحاد الاشتراكي ، حزب التقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال ، قد تطمح للدخول حتى الى الحكومة للاستفادة من الريع الحكومي وتعويض ما ضاع من سنوات عجاف أبانت التجربة عن فشلها بسبب سوء التقدير والحسابات الخاطئة . ان من بين هذه الأحزاب التي تركز مطالبها على الملكية البرلمانية بدل الملكية الفاعلة المحركة للشأن العام ، هناك حزب اليسار الاشتراكي الموحد ، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي الذي دأب منذ ستينات القرن الماضي يقاطع جميع الاستحقاقات السياسية بدعوى و تبريرات واهية مثل اسطوانة المجلس التأسيسي المشروخة لتحضير الدستور ، لكن ومن غير تقديم الأدلة السياسية والتاريخية للتحول، شارك بدون مقدمات في الانتخابات التشريعية في شتنبر 2007 فكانت النتائج التي حصدها كارثة بامتياز ، كما انه قاطع الانتخابات التشريعية الجزئية ل 19 شتنبر 2008 دون تقديم سبب مقنع للمقاطعة ، ثم وفي عملية غير مدروسة يقرر المشاركة في الانتخابات الجماعية والبلدية القادمة والمشاركة في الانتخابات التشريعية التي ستأتي بعدها بدعوى واهية هي الاتصال بالجماهير ، رغم ان قيادة الحزب تعرف مسبقا ان الاتصال بالجماهير لا يجب ان يكون موسميا خلال كل عملية انتخابية ، بل يجب ان يكون مستمرا ومتواصلا من خلال الإنغراس وسط الشعب لإقناعه بوجهة نظر الحزب ، وهذا ما لا يستطيعه الحزب بفعل هشاشته التنظيمية وتضاربه الإيديولوجي . كل هذا أقدمت عليه القيادة الهرمة دون ان يتحقق لها أدنى مطلب من المطالب التي دأبت تبرر بها مقاطعتها لجميع الانتخابات والاستفتاءات التي عرفتها المملكة منذ القرن الماضي . وهنا يكون الحزب قد قطع نهائيا مثل باقي المكونات التي خرجت عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية مع ارث الحركة الاتحادية الراديكالي التي كان من أبرزها تصريحات زعماء الحزب وعلى رأسهم الفقيه محمد البصري ، عمر بن جلون ، المهدي بن بركة ،ثم الأحداث المأساوية في سنة 1963 ، أحداث 3 مارس 1973 و انقلاب الطائرة في سنة 1971. ان مواقف الحزب الجديدة هذه تعد ارتدادية حتى بالنسبة للقرارات السياسية للمؤتمر الوطني الاستثنائي في سنة 1975 و المؤتمر الوطني الثالث في سنة 1978 ، ناهيك عن الشعارات التي روج لها قبل وبعد أحداث 8 مايو 1983،إضافة إلى قرارات المؤتمر الوطني الرابع ، الخامس والسادس ، وهو ما يعني ان نطرح معه السؤال التالي : بعد ان قطع الحزب مع ارث الحركة الاتحادية الراديكالي ، وقبوله المشاركة في الاستحقاقات التي تنظمها الدولة بعد ان كان يرفضها في السابق، حيث قدم شيكا على بياض، الم تكن مواقفه كلها خاطئ لاعتمادها تحاليل خاطئة ، في حين أيد الواقع الحالي الأطروحات التي روجت لها القيادة الاتحادية (مجموعة المكتب السياسي) التي كان رفاق الشهداء او أصحاب اللجنة الإدارية الوطنية يوصفونهم باليمينيين الانتخابويين ؟ الم تكن تحليلات عبد الرحيم بوعبيد رحمه الله لمستقبل الصراع السياسي في المغرب قد مهدت بل بشرت برجوع الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي الى المغرب وقبوله منصب الوزير الأول ، رغم انه كان يعرف مسبقا انه سيكون فاقد الاختصاصات والصلاحيات التي ركز عليها المؤتمر الوطني الاستثنائي التي هي المنهجية الديمقراطية ؟ الم تكن تلك التنظيرات هي التي ساهمت في تصويت جميع الأحزاب على التعديل الدستوري لسنة 1996 لقطع الطريق على الخطر الماضوي الذي أضحى يهدد صلب الدولة ويعمل في سبيل الجمهورية الإسلامية على الطريقة الإيرانية ؟. سؤال الجواب عنه ستسفر عنه النتائج التي سيحصدها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي واليسار الاشتراكي الموحد في الانتخابات الجماعية والبلدية القادمة وفي الانتخابات التشريعية التي ستليها . ب الأحزاب الجمهورية التي تنهل من التراث الماركسي اللينيني : تعتبر هذه الأحزاب الامتداد الطبيعي للحركة الماركسية اللينينية المغربية عندما تأسست( منظمة 23 مارس) في 23 مارس 1970 ، وتأسست منظمة( إلى الأمام) في 20 غشت من نفس السنة ،( ولنخدم الشعب) في يناير 1972 بعد انفصالها عن( منظمة 23 مارس) . تتكون هذه المجموعة من (حركة النهج الديمقراطي) المرخص لها طبقا لقانون الحريات العامة ، ولا تسلم من وصفها من قبل التنظيمات التي تأتي على يسارها باليمينية . هناك( النهج القاعدي التقدمي) الذي يسيطر الى جانب طلبة( العدل و الإحسان) على القواعد الطلابية في العديد من الجامعات خاصة في فاس ، مراكش والدار البيضاء ، ويتحالف مع الطلبة الصحراويين الذين ينتمون الى الجنوب المغربي في تنظيم حلقات للنقاش ، وفي ممارسة العنف بشكليه المادي واللفظي ضد منافسيهم وضد الدولة . هناك كذلك( فصيل البرنامج المرحلي) ،( الديمقراطيون المستقلون) ثم تيار( الأممية الرابعة) . هذه المجموعة التي تناصب العداء للدولة وتبشر بالنظام الجمهوري ، رغم محدوديتها في وسط الطلبة وبعض المثقفين ، فان دورها لن يحيد عن نفس السيناريو الذي خططت له( الحركة الماركسية اللينينية المغربية) غداة خروجها عن حزبي( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) و(حزب التحرر والاشتراكية) ، وهو ما يعني ان المآل الذي انتهى إليه اليسار الجدري في المغرب وفي اوربة ، سيكون نفسه المآل الذي ينتظر فلول اليسار الماركسي السبعيني . ورغم ذلك فان هذه المجموعة سوف لن تعرف طريقها إلى الانقراض كما لوح بذلك السيد الهمة ، بل ستظل تتغذى من جذور الأزمة التي امتدت لتضرب الطبقات المتوسطة وما فوق المتوسطة ، وهو ما يعني ان نضالها سوف لن يخرج عن عتبات أصوار الجامعة . ومما يضفي على هذه المجموعة بعض الأهمية من قبل الأطراف المعنية ، تواجدها ببعض الجمعيات مثل جمعيات حركة المعطلين ، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، النقابات العمالية المختلفة خاصة نقابة الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل. 3 أحزاب الإسلام السياسي : هنا نركز فقط على تنظيمين مهمين هما حزب العدالة والتنمية وجماعة العدل والإحسان ، مع إغفالنا للتيارات المتطرفة التي تنشط في خارج المغرب بيافطات مختلفة مثل الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة والشبيبة الإسلامية ، او ما قد يخرج من رحم هذه المجموعات من حلقيات جد ضيقة يغلب على ممارستها العنف والتكفير ، دون ان تتمكن من النيل من المجتمع المحصن بثقافته التي ترفض مثل هكذا ممارسات تبث الرعب والخوف وسط الساكنة التي لن تتردد في التعامل مع السلطة لإقبار أي محاولة تضر بالنظام العام وبسكينة المجتمع . وللإشارة فان الداخل ليس بمنجى من تأثير هذه التيارات التي قد تجد لها آذانا صاغية من بعض الحمقى للقيام بحماقات تجهضها الشرطة حتى قبل ان تنتقل من مجرد وصايا وأفكار الى واقع عملي أي الى فعل مضر بالمجتمع. تتكون أحزاب الإسلام السياسي من تنظيمين أساسيين هما حزب العدالة والتنمية وجماعة العدل والإحسان . وبين هاذين التنظيمين كان هناك حزب الحركة من اجل الأمة وحزب البديل الحضاري المنحل رغم محدودية هاذين الأخيرين وسط الحقل السياسي الإسلامي بسبب تفضيلهما التعامل مع أحزاب اليسار خاصة( اليسار الاشتراكي الموحد) بدل التعامل مع( العدالة والتنمية) او( العدل والإحسان) بسبب التنافس في احتكار اليافطة الإسلامية ، وبسبب مخلفات وحزازات تعود الى سبعينات وثمانينات القرن الماضي حين تم تفكيك شبكات( الشبيبة الإسلامية) و( منظمات الجهاد) . ا بالنسبة لحزب (العدالة والتنمية )الذي يناصبه السيد الهمة العداء فانه لا يختلف عن غيره من الأحزاب الانتخابوية التي تشارك في جميع الاستحقاقات وتتطلع الى المشاركة في أي حكومة وحدة وطنية للدفاع عن القضايا الإستراتيجية للدولة مثل قضية الصحراء المغربية . ان( حزب العدالة والتنمية) مثل( حزب الأصالة والمعاصرة) وغيره من الأحزاب التي تنتمي الى المجموعة الأولى يؤمنون بدولة أمير المؤمنين وبعقد البيعة الذي يجمع الملك كأمير للمؤمنين بالرعية ، كما ان هذه الأحزاب لا تنازع الملك مشروعيته الدينية . ومن ثم فان العداء الذي يكنه السيد الهمة وغيره من الأحزاب الأخرى( كالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) ،( حزب التقدم والاشتراكية) ،( اليسار الاشتراكي الموحد) ،(حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي)..لخ لحزب العدالة والتنمية لا يرجع سببه الى اختلافات مذهبية او سياسية ، بل ان مرد الاختلاف هو التنافس بين جميع هذه المكونات التي تشترك في العملية الانتخابية للحصول على اكبر عدد من المقاعد البرلمانية التي تسهل لهم طريق الوصول الى الحكومة . فحزب العدالة والتنمية أضحى يشكل منافسة حقيقة لهذه الأحزاب للاستفادة بالريع الحكومي وبالامتيازات التي يمنحها المنصب لصاحبه . ان ما يؤكد على التشابه بين هذه المكونات السياسية ان حزب العدالة والتنمية هو حزب سياسي وليس حزب ديني ، كما ان أي حزب من هذه الأحزاب إذا فاز بالأغلبية البرلمانية وكون الحكومة ، فان الحكومة ستكون حكومة جلالة الملك وليس حكومة الأحزاب أو حكومة الأغلبية . ان الفصل 19 والفصل 24 من الدستور واضحان ، كما ان عقد البيعة الذي يجمع الملك كأمير للمؤمنين بالرعية وليس بالأحزاب ،يمنح الملك سلطات قد تتجاوز الدستور المكتوب عند الحسم في بعض القضايا والمواقف التي تتطلب السرعة في البث والفصل . والملاحظ ان الأحزاب التي تدرك هذه الخصوصية التي تضفي التميز على النظام السياسي المغربي ، لا تتعدى في سقف مطالبها التركيز على المنهجية الديمقراطية التي تعني التناوب في تولي الوزارة الأولى ولا تعني المنهجية الديمقراطية البرنامج الحزبي الذي يظهر قبل الانتخابات ، وليختفي بعدها لصالح برنامج الدولة الذي هو برنامج الجميع بخلاف برنامج الحزب الذي يهم فقط أعضاءه والمنتسبين إليه. ان تطبيق المنهجية الديمقراطية عند أحزاب المجموعة الأولى هو المنافسة بين هذه الأحزاب في من يحصل بشرف السبق لتطبيق برنامج الدولة بشكل أكثر دقة ونجاعة . أما الاختلاف بين أحزاب المجموعة الأولى و أحزاب المجموعة الثانية خاصة اليسار الاشتراكي الموحد فهو في تحديد الموقف من الملكية . هل ملكية فاعلة مؤثرة أي ملكية تنفيذية ام ملكية برلمانية يتم فيها إضعاف الملك لصالح أحزاب ضعيفة أصلا ، وإضعاف الملكية لصالح مؤسسة الوزير الأول غير الموجودة إلى الآن . ب اما بخصوص( جماعة العدل والإحسان) فإنها تتصدر المعارضة الإسلامية الأكثر تنظيما وتماسكا وعددا وعدة . ان( جماعة العدل والإحسان) تنفي عن الملك صفة أمير المؤمنين و لا تعترف له بالسلطة الدينية مثل المجموعة الأولى التي يتقدمها حزبا (الأصالة والمعاصرة) و(العدالة والتنمية) . كما أنها ومثل أحزاب اليسار الانتخابوي ممثلا في( اليسار الاشتراكي الموحد) و(حزب الطليعة)، (حزب التقدم والاشتراكية) الذين لا يخجلون رغم ضعفهم التنظيمي والتأطيري والعددي من المطالبة بإبرام تعاقد بينهم وبين المؤسسة الملكية وفي غيبة الشعب ، فإنها أي الجماعة تلح في مطالبها الاستعجالية بضرورة تبني المبايعة المشروطة التي تحدد اختصاصات وسلطات وصلاحيات الأمير ، حتى اذا زاغ عنها أمكن للجماعة آنذاك إزاحته عن الحكم وتعويضه بآخر يخضع لمشيئتهم، او ان أمكن حرق المراحل للوصول الى الهدف الاستراتيجي الذي هو الجمهورية الإسلامية . هذا يعني ان أصحاب التعاقد مع الملكية ، وأصحاب المبايعة المشروطة يريدون رهن الملك والمغرب لمشيئتهم التي تخدم مخططاتهم على الأمد المتوسط والبعيد .وهذه الإستراتيجية الميكيافلية المكشوفة الأهداف سوف لن تنفع المغرب في شيء ، بل ستتسبب في أزمات ستعطل مسيرة التنمية في المغرب وستضيع منه سنوات في صراعات كانت نفسها قد أفلست وبشهادة المسئولين عنها طيلة الستينات والسبعينات من القرن الماضي. إذا كان السيد الهمة يعتبر حزبه ملكيا وانه يعمل على أساس مشروع ملكي ، وهذه مغالطة تحمل حمولات خطيرة حيث يتم فيها استغلال الملك والمؤسسة الملكية في خدمة أغراض ومصالح ضيقة ، و لان مشروع الملك هو مشروع الدولة وليس مشروع الأحزاب التي ترتبط بالأشخاص ، فان ما يجهله السيد الهمة او يعمل على تجاهله ان لا فرق بينه وبين أحزاب المجموعة الأولى التي منها حزب العدالة والتنمية ، فكلهم ملكيون حتى النخاع شغلهم الشاغل المشاركة في الانتخابات للظفر ببعض المناصب البرلمانية قصد ولوج الحكومة وليس الحكم ، والفرق بين هؤلاء جميعا وبين حزبي المجموعة الثانية ، حزب اليسار الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة هو في كيفية تحديد الاختصاصات المخولة للملك . أي ان الفرق هو بين دعاة الملكية البرلمانية التي يحتفظ فيها الملك بدور شكلي في هرم السلطة، وبين مساندي اختيار الملكية الفاعلة النشيطة الضامنة للاستمرارية ولمصالح جميع المغاربة بدون استثناء . وبينما يجسد حزبا ( اليسار الاشتراكي الموحد) و ( حزب الطليعة ) الاختيار الأول ، تجسد الأغلبية الاختيار الثاني . ان دعوات بعض العناصر من الاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية بالملكية البرلمانية وفي هذا الوقت هو من قبيل المزايدات الانتخابوية ليس إلا . أما بخصوص الاختلاف بين كل هذه المكونات، وبين التيارات التي تنهل من الماركسية وجماعة العدل والإحسان ، فهو أن المجموعة الأولى ملكية ، في حين ان المجموعة الثانية جمهورية . يطمح اليسار الماركسي لنظام الجمهورية الديمقراطية الشعبية على غرار المشروع العام للحركة الماركسية اللينينية المغربية في سبعينات القرن الماضي ، ويعولون على طبقة ( العمال ) في الوصول إليها . اما مشروع جماعة العدل والإحسان فلا يختلف عن المشروع الإيراني من حيث الوسائل والتكتيك في الوصول الى الإستراتيجية التي هي الجمهورية الإسلامية التي سبق للسيدة نادية ياسين ان أعلنتها صراحة في العديد من تصريحاتها . ان الهدف من تعريض القاعدة هو الانتشار وسط الشعب لتحضيره للإضراب العام عندما تنضج الظروف لذلك ،ثم يليه العصيان العام في المرحلة اللاحقة لإشعال القومة ، أي الزحف نحو القصر ، وهو ما يسمى عند الماركسيين بالثورة على الطريقة البلشفية . لقد اعتبرت السيدة نادية ياسين في احد استجواباتها " ان النظام في المغرب سيسقط من تلقاء نفسه كفاكهة متعفنة " . فهل المخزن في سبات عميق مما يحظر له من طرف البرامج المتطرفة يسارية كانت ام اسلاموية ؟ . ان من يعتقد ان عين المخزن نائمة سيكون بليدا . ان المسالة هي قضية حياة او موت . لقد قام السيد الهمة بفذلكة للمشهد الحزبي والسياسي حين قسم الخريطة الحزبية الى ثلاث مجموعات . المجموعة الأولى وقد حشر فيها جميع المكونات التي حكم عليها بحتمية الانقراض . المجموعة الثانية ولخصها في أحزاب وتنظيمات الإسلام السياسي ، وقد ندر نفسه لمواجهتها ومحاربتها حتى ينتهي بها المطاف الى الإقبار كما هو حال المجموعة الأولى . اما المجموعة الثالثة فجسدها في حزبه ( الأصالة والمعاصرة ) الذي جاء لملئ الفراغ الذي تركته المجموعة الأولى من جهة ، ومن جهة أخرى لانقاد النظام من الأخطار التي تهدده من الماضويين . لكن السيد الهمة نسي ان حزبه يتكون من الفاشلين ومن المفسدين والوصوليين التي تسببوا في الماسي وفي الأزمات التي لا زال المغرب يؤدي فاتورتها الى الآن . فكيف يمكن للسيد الهمة ان يفسر للرأي العام احتضان حزبه للجمهوريين الذين فشلوا في مشروعهم التوتاليتاري في سبعينات القرن الماضي ، وبقدرة قادر تحولوا الى حمل وديع يريد تخليق الحياة السياسية بالمملكة لفائدة ( الديمقراطية وحقوق الإنسان ) ؟ . كيف للسيد الهمة ان يوضح للرأي العام قبول حزبه عضوية المفسدين الوصوليين الذين مارسوا الفساد في الدولة من موقع المسؤولية وبتغطية من عرابهم الراحل إدريس البصري لما كان يصول ويجول باسم الملك الراحل الذي حمله المسؤولية عن كل ما حصل بالمملكة ، متخفيا حول ما كان يردده في أكثر من مناسبة بأنه كان فقط يحرص على تنفيذ التعليمات ، والحقيقة انه كان يجتهد في تأويل وتفسير الأوامر العليا لخدمة مصالحه ومصالح المفسدين الذين كانوا يحيطون به ، سواء كانوا في السلطة او في الأحزاب التي كانت تحظى برعايته وحمايته ؟ ان قول السيد الهمة ان حزبه جاء ليعوض الفراغ الذي تسببت فيه الأحزاب التي استنفدت جميع مقومات وجودها ، هو ضحك على الذقون واستبلاد رخيص للمتلقي الملاحظ لما تحفل به الساحة السياسية من خربشات ما جاد بها في السابق زمان . ان الأحزاب التي يروج لاسطوانة حتمية نهايتها بفعل فراغ برامجها وشيخوختها سوف تستمر في لعب نفس الأدوار التي دأبت على لعبها منذ ستينات القرن الماضي ، كما ان الدولة هي في حاجة ماسة لتلك الأحزاب لاستعمالها في خدمة سياسات تتعلق بالمصالح العليا للوطن مثل قضية الصحراء المغربية . والسؤال هنا هل يملك حزب الأصالة والمعاصرة وسائل وإمكانيات الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة والعيون الأجنبية المعتمدة بالمغرب تعرف من ألف إلى ياء طريقة تشكل وتكوين الحزب ؟ شيء لا يمكن لعقل سليم ان يسلم به . ثم هل حزب السيد الهمة الذي يستمد قوته منه قادر ان يمحو من المعادلة الحركة الإسلامية التي تمتلك جذورا شعبية وتاريخية يفتقر إليها حزب الأصالة الذي تكون في رمشة عين ، وقبل ان يرتد طرف عين الإنسان أصبح له فريق برلماني يتعدى المائة ، وأصبح يحظى بتغطية وسائل الإعلام المرئية والسمعية والمكتوبة ، وهو التساهل الذي لم يحظ به أي حزب من قبل باستثناء التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري ؟ كذلك هذا شيء لا يمكن لأي عقل سليم ان يسلم بهذه الأطروحات الطاووسية . كيف لحزب تكون في رمشة عين ان يهدد بعرقلة العمل الحكومي والنيابي عندما هدد بالانسحاب من الحكومة ومن البرلمان بسبب تطبيق الفصل الخامس من قانون الأحزاب ؟ هل فعلا ان حزب الهمة يملك تلك القوة التي تفتقر إليها جميع الأحزاب الأخرى في وضع العصا في العجلة . ام ان الأمر لا يتعدى هرطقات وأضغاة أحلام الهمة ومن يحوط به من الوصوليين والنفعيين . هل نسي الهمة ان الحكومة هي حكومة جلالة الملك وان البرلمانيين هم كذلك وزراءه كما قال الحسن الثاني رحمه الله ، أم انه يعتقد و بسبب قلة التجربة والتهور والطاووسية ان الملكية في المغرب هي ملكية برلمانية تحكم فيها الأحزاب وليس الملك كما ينصص على ذلك الفصل 19 والفصل 24 من الدستور، وكما يحدد ذلك وبشكل واضح عقد البيعة الذي يجمع الأمير بالرعية وليس بالأحزاب؟. وإذا كان السيد الهمة يحرص على الظهور الى جانب الملك لتبليغ الصورة الى ذهن المخاطبين السياسيين واستغلال ذاك الظهور في خدمة أجندة ضيقة باسم الملك رغم انه لا علاقة له بها لا من بعيد ولا من قريب . واذا كان السيد الهمة يستغل كل مناسبة للقول بان حزبه هو حزب الملك وانه يعمل على أساس مشروع ملكي ، وهذا عمل انتهازي وطفيلي يلحق الأضرار بالملك ويمس بسمعته التي قد تخدش من ممارسات حزبوية ضيقة وغير أخلاقية .. فهل أي فشل قد يصيب حزب الهمة يمكن اعتباره فشلا ملكيا رغم ان الملك هو الملك المغرب وليس ملك الأحزاب ؟ كذلك اذا كان السيد الهمة يصرح بان حزبه ملكي وانه يعمل على أساس مشروع الملك ، فهل الملك يوافق او موافقا على خزعبلات الهمة في تسييس زريعة الكيف في الشمال مما قد يخلق مشاكل للمغرب مع الاتحاد الأوربي والولايات المتحدةالأمريكية ، مع ما سيترتب عن ذلك من سلبيات تضر بنزاع الصحراء، وتقدم خدمة بالمجان لنظام العسكر في الجزائر ورديفهم انعزاليي البوليساريو ؟. هل الملك الذي يحرص على احترام القوانين موافق على خرق الهمة للقانون حين ضرب عرض الحائط بالفصل الخامس من قانون الأحزاب ؟ ثم هل الملك موافق على تمييع المشهد السياسي المغربي كما يحلو للهمة ومن معه فذلكته ؟ ومن اغرب الغرائب في الألفية الثالثة ان تسمع الهمة يتشكى وينتقد وزارة الداخلية رغم ان مدير البوليس بإدارة البوليس والمدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني لا يزالان يتبعان إليه ويتوصل بتقاريرهما قبل ان تصل الى الديوان الملكي ، ورغم كذلك ان يده كانت طويلة في التعيينات الأخيرة للولاة والعمال التي عرفتها وزارة الداخلية مؤخرا. فكيف للمرؤوس ان يخالف تعليمات وأوامر الرئيس ؟ وكيف للرئيس ان يتشكى من المرؤوس خاصة اذا كان من العبيد ( مشرطين لحناك )؟. إنها أشياء لا يمكن لعق سليم ان يتصورها إطلاقا . لقد قال السيد الهمة في انتقاده لوزارة الداخلية بأنها لم تعد كما كانت سابقا . فهل الرجل يحن الى فترة إدريس البصري الذي تتلمذ على يديه حيث وصل الفساد المادي والسياسي درجته القصوى ، ام يحن إلى الفترة التي كان يمارس فيها كوزير منتدب مكلف بالأمن وبالشؤون السياسية حيث مارس الظلم والاعتداء في أبشع صورهما ؟ ان حنين الرجل وتأسفه على الوضع الحالي للوزارة هو حنين الى عهد إدريس البصري ، وحنين الى الفترة التي كان السيد الهمة يمارس فيها كوزير منتدب . اما الوزارة اليوم فهي تختلف عن تلك الفترتين التي ساد فيها البطش والاعتداء . ان العلاقة بين الرؤساء والمرؤوسين عادية وتحظى بالاحترام المتبادل ، كما ان الموظفين الصغار ولأول مرة في تاريخ الوزارة بدءوا يتلقون التعويضات الشهرية أسوة بكبار الموظفين ، وهذا ما لم يكن إطلاقا خلال فترة الوزير المخلوع وخلال فترة الهمة كوزير منتدب . وبخلاف التجارب السابقة ،لأول مرة في تاريخ الانتخابات التشريعية تعلن النتائج بشكل سليم حيث أعلن السيد الوزير شكيب بن موسى وبشكل شفاف نسبة المقاطعة التي وصلت الى 67 في المائة ، تلك النتائج التي كانت تصل في السابق الى 99 في المائة المصوتة بنعم . فمن اجبر الوزارة على قول الحقيقة ان لم يكن التغيير الملموس الذي اضر بالسيد الهمة ،خاصة أمام حرص الوزارة على تطبيق القانون ( المادة 5) من قانون الأحزاب . ان حزب الهمة هو حزب عادي كغيره من الأحزاب التي تنشط في الساحة ، ومن ثم فان قول السيد الهمة بان حزبه حزب الملك ، وانه يعمل على أساس مشروع ملكي فيه تجني واعتداء على شخص الملك كممثل أسمى للأمة وليس للأحزاب ، فكيف يعقل القول ان الملك يحكم او سيحكم من خلال حزب الهمة ؟ وهو ما يعني توريط الملك وإشراكه بل تحميله المسؤولية المباشرة عن كل فشل مرتقب لحزب الهمة الذي يطمح الى فبركة المشهد السياسي والحزبي بالمملكة لمدة ثلاثين سنة قادمة. وهل المغاربة بليدين حتى تنطلي عليهم الأكاذيب وليستفيقوا بعد ثلاثين سنة قادمة لجدوا ان الهمة باعهم السراب وسوق لهم الوهم ؟ الإجابة ستكشف عنها نسبة المشاركة والمقاطعة التي ستكون مرتفعة في الانتخابات القادمة . 4 المجموعة السياسية الرابعة التي أغفلها السيد الهمة في خرجاته وشطحاته هي نسبة 67 في المائة التي قاطعت الانتخابات حسب إعلان وزارة الداخلية ، وأكثر من 70 في المائة حسب معطيات وتحليلات أخرى . ان هذه المجموعة التي كان يطلق عليها عدة أسماء من قبيل الأغلبية الصامتة ، ربما تكون بمقاطعتها هذه قد استفاقت من سباتها حين تبين لها فشل جميع الشعارات التي وظفت الحزبوية والبرلمانية لخدمة السياسة السياسوية ، وهو الأمر الذي جعلها تفقد الثقة في الخطابات وترهن مصيرها الى المفاجئات او الى ما قد يطرأ في آخر لحظة في المشهد السياسي . وإذا نحن علمنا ان التنظيمات السياسية التي طالبت بمقاطعة الانتخابات كانت هي التنظيمات الماركسية ( حركة النهج الديمقراطي ، النهج القاعدي التقدمي ، البرنامج المرحلي ، الديمقراطيون المستقلون ، المرتبطون بالأممية الرابعة إضافة الى انفصاليي البوليساريو في الداخل ) ثم (جماعة العدل والإحسان ) فهل هذه التنظيمات تمثل نسبة 67 في المائة المقاطعة ، ام أنها تنتظر نزول الملك بثقله الذي يكفله الفصل 19 من الدستور وعقد البيعة لإحداث البديل وخلق الجديد و تخليص الناس من خطابات أضحت جوفاء ومتجاوزة خاصة عند استعمال بعضها لوسائل دنيئة مثل تعديل الدستور بما يحول المغرب من ملكية فاعلة نشيطة إلى ملكية برلمانية يصبح فيها دور الملك في الهرم السياسي للدولة عبارة عن أثاث ديكور لا غير ، وهو ما يعني إطلاق العنان للأحزاب لتفعل فعلتها في الدولة مع ما سيرافق ذلك من زبونية ومحسوبية في تصريف الشأن العام ، وهو ما يعني كذلك أن ما صعب على الأحزاب تحقيقه بالعنف في ستينات وسبعينات القرن الماضي ، أضحى في المتناول الآن بفعل الاعتقاد الخاطئ بان الملك سيتنازل لهم على سلطاته ليعيثوا في المغرب فسادا وخرابا . يمكن ان نتفهم ظروف إنشاء جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية حيث كان الحكم على رأس أولويات الصراع بين القصر وبين المعارضة الشعبوية ممثلة في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . كما يمكن ان نتفهم ظروف إنشاء التجمع الوطني للأحرار حيث كان القصر قد خرج توا من محاولة قلب النظام في انقلاب الصخيرات في سنة 1971 ، وانقلاب الطائرة في سنة 1972 التي ساهم فيها الجناح شبه المسلح الذي كان يقوده الفقيه محمد البصري وأحداث 3 مارس 1973 . إضافة الى دخول قضية استرجاع الصحراء المغربية منعطفا حاسما بعد اتفاقية مدريد الثلاثية في سنة 1974 . كذلك يمكن ان نتفهم إنشاء حزب إدريس البصري الاتحاد الدستوري لمواجهة معارضة ما ترددت في رفعها لمطالب الملكية البرلمانية خاصة بعد المؤتمر الاستثنائي في سنة 1975 ،وسيطرت اليسار الماركسي على الجامعة والحقل الثقافي بالمغرب . لكن الذي لا يمكن فهمه هو تكرار نفس الطريقة في إنشاء تلك الكائنات في إنشاء حزب الأصالة والمعاصرة رغم انتفاء الشروط التي كانت تبيح مثل ذاك الإنشاء . ان النظام الآن في المغرب قوي أكثر من مما كان سابقا ، وباستثناء التيارات اليسارية وجماعة العدل والإحسان ، فان المغاربة مجتمعون وملتفون على الملكية وان كان الاختلاف فقط على شكلها ( تنفيذية ام برلمانية ). الأغلبية مع الملكية الفاعلة، والأقلية القليلة التي تتعداها رؤوس الأصابع مع البرلمانية ، وهو ما يعني ان ظروف وميكانزمات إنشاء حزب الأصالة والمعاصرة أضحت متجاوزة بسبب استغلاله الملك في بلوغ مقاصد تضر به و لا تنفعه . اذا كان إنشاء حزب جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية قد مهد لإحداث 1963 ، ومهد لإحداث مارس 1965 وللانقلابين العسكريين في سنة 1971 و1972 . واذا كان إنشاء التجمع الوطني للأحرار قد مهد لإحداث يونيو 1981 وللمحاولة الفاشلة للجنرال احمد الدليمي . واذا كان إنشاء الاتحاد الدستوري قد مهد لإحداث 1984 في الشمال وبمراكش ، فان فدلكة السيد الهمة ومن معه ستتسبب خلال الثلاث سنوات القادمة في هزات اجتماعية ستكون لها نتائج خطيرة جدا على مستوى الأمن الجماعي للمغرب ، والمستفيد طبعا من هذا الارتباك سيكون أصحاب الجمهورية الإسلامية الذين يعولون على مليشيات الأحياء الشعبية غير المنظمة و المؤطرة في تنظيمات سياسية او نقابية حيث يستحيل ضبطها والتحكم فيها . وإذا أراد السيد الهمة ان يعمل السياسة وهذا من حقه كمغربي ، فعليه ان يدخلها من الباب الواسع وليس الضيق . ان حزبه لا يختلف مع غيره من الأحزاب الأخرى الموجودة في الساحة باستثناء جماعة العدل والإحسان واليسار الجدري المنحدر عن الحركة الماركسية اللينينية المغربية . لكن ان يستعمل بعض الوسائل التي أضحت متجاوزة منذ أكثر من عشر سنوات مثل إظهار صورته في سيارة الى جانب الملك لإيهام الناس وإعطائهم مشهدا على هواء وإقناعهم بأنه صديق الملك المالك لمفاتيح المغرب ( عيروض) ، او الترويج هنا وهناك بان حزبه هو حزب ملكي او انه يعمل على أساس مشروع الملك ، فيه إساءة الى الملك الذي من المفروض انه ملك المغرب وليس ملك الأحزاب . كما ان الدفع بالاعتقاد ان الملك يحكم او سيحكم من خلال حزب الهمة ، هو تقليل من سلطات الملك الذي يحكم من خلال المؤسسات، خاصة ما يعطيه إياه الدستور من مكانة متميزة باعتباره ممثلا أسمى للأمة وليس للأحزاب ، ومن خلال عقد البيعة الذي يعطي للملك كأمير للمؤمنين في علاقته مع الرعية وليس مع الأحزاب سلطات تتعدى ما ينصص عليه الفصل التاسع عشرة من الدستور . كما ان القول بحتمية زوال المجموعة الأولى من الأحزاب ، والتبشير للمعركة المقبلة مع الأحزاب الإسلام السياسي ، هي نرجسية بسبب الغرور والطاووسية وقلة الإدراك التي وصلت الى حد التهديد بالخروج من الحكومة ومن البرلمان رغم ان الحكومة هي حكومة جلالة الملك وليس حكومة الهمة او الأحزاب ، ورغم ان البرلمانيين هم وزراءه كذلك وليس وزراء حركة الأصالة والمعاصرة. ان الذي يستعمل الفصل 24 من الدستور في تعيين الحكومة الملك الذي يملك لوحده سلطات إقالتها جماعة او فرادى وليس الهمة . والمغرب الى الآن هو ملكية تنفيذية وليس برلمانية . فهل يمكن اعتبار خرجات السيد الهمة الأخيرة في حق الأحزاب وفي حق الحكومة والبرلمان هي نتاج من انتاجات العقل العروبي الفاشي الجديد في الساحة ؟ .